عواصم - (وكالات): تبنى مجلس الأمن الدولي أمس قراراً بالإجماع يصادق على الاتفاق النووي الموقع بين إيران والقوى الكبرى ويمهد الطريق أمام رفع العقوبات الدولية التي تنهك اقتصاد طهران، شريطة التزام إيران بالاتفاق، ملوحاً بعودة العقوبات الدولية المفروضة على طهران حال انتهاكها الاتفاق، بينما اعتبر الرئيس الأمريكي باراك أوباما أن القرار الذي صدر عن مجلس الأمن هو «رسالة واضحة» مؤيدة للاتفاق.
وفي وقت سابق، أعلن وزير الدفاع الأمريكي آشتون كارتر أن الاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني لا يمنع البنتاغون من إبقاء الخيار العسكري على الطاولة لمنع إيران من حيازة القنبلة الذرية. في المقابل، نقلت وكالة تسنيم الإيرانية للأنباء عن قائد الحرس الثوري الإيراني محمد علي جعفري قوله إن قرار مجلس الأمن الدولي الذي جرى تمريره ويقر الاتفاق النووي الإيراني غير مقبول.
وبحسب نص قرار مجلس الأمن، سيتم وقف العمل تدريجياً بـ 7 قرارات صادرة عن المجلس منذ 2006 تتضمن عقوبات على إيران، بشرط التزام إيران حرفياً بالاتفاق.
وقد أبرمت الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي «الولايات المتحدة، الصين، روسيا، فرنسا، بريطانيا» إضافة إلى ألمانيا الاتفاق التاريخي مع طهران الثلاثاء الماضي في فيينا.
ويقضي الاتفاق برفع تدريجي ومشروط للعقوبات مقابل ضمانات بعدم اقتناء طهران للسلاح الذري. وقالت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة سامنتا باور إن «هذا الاتفاق لا يبدد كل قلقنا لكنه في حال طبق سيجعل العالم أكثر أماناً».
ودعت طهران إلى «اقتناص الفرصة» واعدة بأن الولايات المتحدة ستساعد طهران، في حال قامت بذلك، على «الخروج من عزلتها».
كما دعت القوى العظمى إلى إبداء الوحدة نفسها لمعالجة أزمات أخرى مثل الحرب في سوريا.
وعلق السفير الروسي فيتالي تشوركين على ذلك بقوله «إننا لا نطوي صفحة فحسب بل فصلاً كاملاً (...) من خلال خلق واقع جديد»، مضيفاً «نأمل أن تتكيف جميع الدول بسرعة مع هذا الواقع الجديد وتسهم في إنجاح الاتفاق». وحذر السفير الفرنسي فرنسوا ديلاتر من جهته بأن «الأسابيع المقبلة ستكون حاسمة»، مضيفاً «سنحكم خطوة بخطوة على إرادة إيران في إنجاح هذا الاتفاق».
وبموجب القرار «يصادق» مجلس الأمن على اتفاق فيينا و«يطالب بإلحاح بتطبيقه بالكامل وفق الجدول الزمني الذي وضعه» المفاوضون كما يدعو الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى العمل على تسهيل تطبيقه.
ويكلف مجلس الأمن الوكالة الدولية للطاقة الذرية «القيام بعمليات التحقق والمراقبة الضرورية للالتزامات النووية التي اتخذتها إيران» مثل الحد من عدد أجهزة الطرد المركزي أو خفض مخزونها من المواد الانشطارية، ويطالب إيران بـ «التعاون التام» مع الوكالة.
وعند تلقي المجلس تقريراً من الوكالة الدولية للطاقة الذرية يؤكد التثبت من أن البرنامج النووي الإيراني بات سلمياً بالكامل، عندها «يتم إلغاء» القرارات السبعة التي اتخذتها الأمم المتحدة منذ 2006 لفرض عقوبات على إيران وهي القرارات 1696 و1737 و1747 و1803 و1835 و1929 و2224.
وتقضي القرارات بحظر بيع إيران معدات أو خدمات على ارتباط بالأنشطة النووية الإيرانية وتجميد أموال شخصيات وشركات إيرانية وفرض حظر على الأسلحة التقليدية والصواريخ البالستية. غير أن إجراءي الحظر سيبقيان ساريين لمدة 5 سنوات بالنسبة إلى المعدات والخدمات المرتبطة بالأنشطة النووية ولمدة 8 سنوات بالنسبة إلى الأسلحة والصواريخ. وبعد 10 سنوات عند انتهاء مدة اتفاق فيينا تغلق الأمم المتحدة ملف إيران.
لكن في حال خالفت إيران أياً من التزاماتها، فسيكون بوسع المجلس عندها إعادة فرض كامل مجموعة العقوبات بشكل شبه تلقائي. ويكفي أن ترفع إحدى الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن والتي تملك حق «الفيتو» فيه، قراراً ينص على أن العقوبات تبقى مرفوعة ثم أن تضع «فيتو» على القرار نفسه حتى تفرض العقوبات مجدداً.
وهذه الآلية الأولى من نوعها والتي توصف بـ «العودة إلى الوضع السابق» ستبقى سارية طوال مدة الاتفاق أي 10 سنوات غير أن الدول الكبرى أعلنت منذ الآن نيتها تمديدها لـ 5 سنوات إضافية بموجب قرار جديد لتبقى سيفاً مسلطاً على إيران لمدة 15 عاماً بالإجمال.
كذلك فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات اقتصادية على إيران خاصة في مجالي الطاقة والمال وينص اتفاق فيينا أيضاً على رفعها تدريجياً وبشروط.
لكن مازال يترتب تخطي عقبة الكونغرس الأمريكي الذي يفترض أن يصوت خلال 60 يوماً على الاتفاق الذي تعارضه غالبيته الجمهورية.
وتعول الدول الكبرى على مساهمة إيران في إخماد الأزمات الإقليمية التي يعجز مجلس الأمن على تسويتها في ظل الخلافات العميقة القائمة داخل صفوفه بين الروس والغربيين. غير أن المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي حذر بأن بلاده ستواصل دعم «أصدقائها» مثل النظام السوري والمتمردين الحوثيين في اليمن.
وفي وقت لاحق، قال دبلوماسيون إن وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي أقروا الاتفاق النووي الإيراني مع القوى العالمية الست.
في المقابل، نقلت وكالة تسنيم الإيرانية للأنباء عن قائد الحرس الثوري الإيراني محمد علي جعفري قوله إن قرار مجلس الأمن غير مقبول. وأضاف جعفري «بعض أجزاء المسودة تجاوزت بوضوح الخطوط الحمراء لإيران خاصة ما يتعلق بقدرات إيران العسكرية، لن نقبله أبداً».
من جانبه اعتبر الرئيس الأمريكي أن القرار الذي صدر عن مجلس الأمن وصدق على الاتفاق بين إيران والقوى العظمى حول الملف النووي الإيراني هو «رسالة واضحة» مؤيدة للاتفاق.
في الوقت ذاته، يحاول وزير الدفاع الأمريكي اشتون كارتر خلال زيارة إلى إسرائيل طمأنة تل أبيب من تبعات الاتفاق المبرم بين إيران والدول الكبرى في جنيف، مؤكداً أن إسرائيل تبقى «حجر الزاوية للاستراتيجية الأمريكية» في المنطقة. وأكد كارتر على متن الطائرة التي أقلته إلى إسرائيل أن الاتفاق مع إيران لا يمنع البنتاغون من إبقاء الخيار العسكري على الطاولة لمنع إيران من حيازة القنبلة الذرية.
في السياق ذاته، أكد نائب المستشارة الألمانية وزير الاقتصاد سيغمار غابريال في خطاب في العاصمة الإيرانية أمس أن أمن إسرائيل يشكل شرطاً لعلاقات جيدة بين إيران وألمانيا وهو ما رفضته طهران على الفور. وغابريال هو أهم مسؤول أوروبي يزور طهران منذ توقيع الاتفاق النووي.