كتبت - سلسبيل وليد:
تتقاذف الجهات الحكومية وتتنازع مسؤولية منطقة «حفيرة»، فبينما أصدرت وزارتا الصناعة والبلديات «سابقاً» تصاريح صناعية غير قانونية بجوار المنطقة السكنية بحسب النائب محسن البكري، يتبقى من عمر مكب حفيرة 3 سنوات فقط، ولا بديل!
وفي السياق اتهم رئيس مجلس بلدي الجنوبية أحمد الأنصاري، شركة «برامكو» بالتفجير العشوائي في عملية استخراج الأحجار، وترك الحفر الناتجة عن عمليات التفجير دون ردم ويصل عمق بعضها إلى 100 م.
وبينما تعطل مشروع «كنيم» الفرنسية لتدوير النفايات لخلاف على المبلغ، اعتبر البكري تقنية «التخمير اللاهوائي» الحل الأمثل للتخلص من النفايات بالبحرين.
كل الأعين على حفيرة!
قال النائب محسن البكري، إن هناك مطالبات بلدية بتحويل تصنيف منطقة حفيرة إلى منطقة سكنية أو زراعية لتوفير الأمن الغذائي، بينما تمارس وزارة الصناعة والتجارة ضغوطات كبيرة لتصنيفها كمنطقة صناعية.
ولتفعيل هذه الخطة عمدت وزارتا الصناعة والبلديات «سابقاً» إلى إصدار بعض التصاريح الصناعية بطريقة غير قانونية، متجاهلة تصنيف المنطقة والأضرار الناجمة عن محاذاة المصانع للمنطقة السكنية.
وفيما يخص المحجر أكد البكري أن المجلس البلدي السابق بالمنطقة الجنوبية، طالب مراراً وتكراراً بإلغاء القرار بلدي رقم 1 الذي منح شركة «برامكو» حق استخراج الحجارة من الموقع.
وقال إن الشركة لم تلتزم بالاشتراطات البلدية والبيئية في عملية استخراج الأحجار، إذ عمدت إلى التفجير العشوائي المدمر للبيئة، وتعدت حدود المنطقة المحددة للاستثمار، وخلفت حفراً عميقة ناتجة عن التفجير يصل عمق بعضها إلى 100 م وأكثر وتركها دون ردم.
وأضاف البكري أن بعض هذه الحفر تستخدمها البلدية لكمكب نفايات، ما زاد نسب التلوث البيئي بالمنطقة، وانتشرت الروائح الكريهة، والأتربة المتطايرة من عملية التفجير مسببة مشكلات صحية لا حصر لها.
وأوضح أن المجلس البلدي رفض تجديد عقد «برامكو»، خصوصاً أن عملية استخراج الأحجار وصل لحدود معسكرات قوة الدفاع، وبدورها طالبت بإيقاف عملية التفجيرات، ومع ذلك عملت الشركة دون عقد لفترة، قبل أن اختلفت وزارتا البلديات والصناعة بتجديد عقده.
ولفت إلى أن بلدية الجنوبية أصدرت مخالفات بحق الشركة بضغط من المجلس البلدي، مضيفاً «أعد المجلس البلدي دراسة، وأصدر إثرها توصية بإيقاف استخراج الحجارة والاتجاه إلى استيرادها من الخارج، بعد أن أثبتت الدراسة أن كلفة الاستيراد أرخص من الاستخراج».
وبين أن المحجر يقع بالمنطقة الجنوبية في منطقة حفيرة قرب قرية عسكر، وصولاً إلى قرية جو بطول تقريبي يصل إلى 10 كم تقريباً.
وأكد البكري أن المجلس البلدي السابق كان بصدد التعاقد مع شركة كنيم الفرنسية لإعادة تدوير النفايات، مستدركاً «لم يتم الاتفاق على مبلغ محدد وبقي الموضوع معلقاً».
وقال «كان مقرراً أن يتولى المصنع حرق المخلفات وفصلها ومعالجتها وإعادة تدويرها، وإنتاج المعادن والبلاستيك والألمنيوم، وما يتبقى يتم تحويله إلى طاقة كهربائية تنتج نحو 50 ميغاوات، تغطي حاجة نحو 500 بيت إسكاني.
حفيرة امتلأت ولا بدائل
وتوقع رئيس مجلس بلدي الجنوبية أحمد الأنصاري، أن ينتهي العمر الافتراضي لمكب حفيرة بعد 3 سنوات من الآن، لن يستوعب بعدها أي مخلفات أخرى.
وتساءل الأنصاري عن البدائل، وعن مكان وموقع مكب النفايات المقترح بعد أن ينتهي العمر الافتراضي لمكب حفيرة، خصوصاً أن مخلفات البناء لوحدها تزيد يومياً عن 5 أطنان، عدا عن المخلفات المنزلية.
وأضاف أن المخلفات تترك بلا إعادة تدوير أو فرز، رغم عروض كثيرة تقدمت بها شركات مختلفة لإعادة تدوير النفايات والاستفادة منها على غرار الدول المتقدمة، لكن هذه العروض ترفض في كل مرة لأسباب مجهولة ويبقى الموضوع معلقاً.
وطالب الأنصاري بإنشاء مصنع لإعادة التدوير، وقال «لا نريد أن نعيد نفس الكلام ونطالب ذات المطالب بعد 30 سنة كما حصل في وادي البحير».
ودعا إلى إيجاد حل جذري لمشكلة مكب النفايات، خصوصاً أنها نقلت من وادي بحير إلى حفيرة قبل 30 عاماً لإطلاق مشروع إسكاني بالبحير، متسائلاً «هل هناك خطط مستقبلية لتحويل حفيرة إلى منطقة سكنية أو زراعية؟».
وحذر الأنصاري من خطورة المخلفات وآثارها الصحية على الأجيال، وإمكانية أن تتحلل في التربة وتصل إلى المياه الجوفية، مطالباً بإنشاء عازل لمنع تسرب النفايات للمياه الجوفية.
الحل بـ«التخمير اللا هوائي»
وكان الرئيس التنفيذي السابق للمجلس الأعلى للبيئة د.عادل الزياني قال إن البحرين بحاجة لدراسة جدوى للكميات المنتجة من النفايات، والعوائد الاقتصادية المتوقعة من إعادة تدويرها، والإجراءات الواجب اتباعها للحصول على تراخيص إعادة التدوير، بينما اعتبر النائب محسن البكري إبان رئاسته لمجلس بلدي الجنوبية، تقنية التخمير الحل الأمثل للتخلص من النفايات في البحرين.
وبحسب خبراء البيئة يمكن التخلص من النفايات عن طريق فرزها إلى مواد خطرة وسامة، وأخرى مشعة وكيماوية غير القابلة للتحلل، وثالثة قابلة لإعادة التصنيع، كالأقمشة والمواد الورقية والصوفية والبلاستيكية والمعدنية وغيرها، وبيعها على مصانع فرعية لإعادة الإنتاج.
وتتمثل الطريقة الأكثر ملاءمة بـ«تقنية التخمير اللاهوائي»، وتتميز بخلوها من الأضرار الصحية، حيث ينتج غاز الميثان ويجمع في خزانات ضخمة، بينما يعاد استخدامه في تشغيل مولدات الطاقة الكهربائية، وما يتبقى يحول باستخدام مواد كيميائية إلى أسمدة طبيعية.
محجر حفيرة بيد «الأشغال»
واتهم سمير ناس رئيس مجلس إدارة مجموعة شركات ناس، وزارة الأشغال والبلديات بتعطيل مشروع إعادة تشغيل المحجر القائم حالياً في حفيرة.
وتوقع لـ«الوطن» في تصريح سابق، أن تتضاعف كلفة مشروعات البنية التحتية كالجسور والطرقات وغيرها بسبب قلة المخزون الصخري في المحجر.
وأوضح أن المحجر سيعمل بصورة مؤقتة لأن المخزون الاحتياطي له عمر معين، وهذا العمر يتراوح ما بين 20 إلى 24 شهراً، متوقعاً إنشاء شركة جديدة بين القطاعين العام والخاص لاستيراد الأحجار من خارج البحرين، بعد أن صدر قرار من مجلس الوزراء بهذا الخصوص.
واعتبر إعادة فتح المحجر الحكومي، خطوة جيدة وتعطي دفعة لمتابعة المشروعات الإنشائية، خصوصاً أن منتجات المحجر مهمة جداً لقطاع الإنشاءات وتعتبر مادة أساسية، لافتاً إلى أن عملية إعادة فتح المحجر تحل مشكلة نقص المواد الإنشائية.
النفايات ترتفع بمعدلات قياسية
وذكر الزياني في تصريح سابق لإحدى الصحف المحلية، أن البحرين من الدول المرتفعة في معدلات إنتاج النفايات للفرد الواحد، عازياً السبب للثقافة الاستهلاكية السائدة في البحرين وباقي دول مجلس التعاون.
وأوضح الزياني أن جزءاً ليس بسيطاً من النفايات في البحرين يأتي من المنتجات منتهية الصلاحية، أو استيراد بعض المواد الفاسدة، ما أرجعه إلى سوء إدارة الموارد من قبل المستهلك والمستورد على حد سواء.
وقال إن البحرين تفتقر للأراضي الجديدة لدفن النفايات، فضلاً عن أن استخدام الطريقة التقليدية في دفن يشكل ما يسمى «الحقول الداكنة»، وبدورها تسبب لاحقاً مشكلات كثيرة لا يمكن حلها بسهولة.
وبحسب إحصاءات 2011 فإن البحرين تنتج نحو 3000 طن من النفايات يومياً، أي بمعدل يفوق الـ1.5 مليون طن نفايات سنوياً، ما يجعلها تحدياً أمام المسؤولين لخفضها إلى الحدود الدنيا، بينما بلغت نسبة زيادة إنتاج النفايات 15% سنوياً.
ووفقاً لتلك الإحصائية فإن متوسط إنتاج الفرد من المخلفات يفوق 3,5 كغ يومياً، وهو ما يفوق ـ بحسب خبراء ـ متوسط إنتاج الفرد في أمريكا بنحو 25%.
ويشير خبراء بيئة إلى أن الإشكالية تتمثل في وقوع مدفن حفيرة قرب المباني السكنية، بينما يقدر علماء مناخ أن تشكل المواد المتحللة بيولوجياً ما نسبته 4 ـ 9% عن ظاهرة الاحتباس الحراري.
ويمكن إعادة تدوير المخلفات ـ وفقاً للبيئيين ـ من خلال بدائل معروفة سواء بإنتاج الأسمدة أو حرق بعض المخلفات غير الضارة بعد فرزها لإنتاج طاقة وغيرها من الطرق غير المكلفة والمربحة مادياً.
وتشير إحصاءات سابقة إلى أن نحو 50% من النفايات الصلبة يمكن تدويرها، و40% من المخلفات السائلة يمكن إعادة استخدامها بتعزيز رغبات الشركات من خلال تمكين الاستثمار في هذا القطاع.
شكاوى
وكلف مدفن حفيرة للنفايات الصناعية التي تكفلت شركة ألبا بإنشائه نحو نصف مليون دينار، ويستوعب المدفن 746 ألف م3 من النفايات على مساحة 125 ألف م2.
وحدد العمر الافتراضي لمدفن حفيرة بـ12 عاماً، إلا أن نسبة النفايات الناتجة والمدفونة في الموقع يمكن أن تزيد العمر الافتراضي إلى 38 عاماً.
970x90
970x90