كتبت - نور القاسمي:
أعرب 37 من الأطباء الخريجين والعاطلين عن العمل عن استيائهم من إصرار وزارة الصحة الالتفاف على توظيفهم بإقرار فصل التدريب عن التوظيف، والذهاب إلى التدريب دون توظيف عن طريق برامج تدريبية ذات عقود مؤقتة لمدة خمس سنوات بشروط مجحفة مما يدخلهم في نفق البطالة من جديد بعد انتهاء العقود في أي وقت.
وأشار الأطباء إلى أن ملف الأطباء العاطلين – دفعة 2012 – لايزال عالقاً رغم حصولهم على الرخصة الطبية منذ أكثر من عامين وقبول جزء من دفعتهم بعقود توظيف دائمة واستثناء البقية.
وقالوا لـ «الوطن»إلى أنه بعد مراجعات مستمرة لوزارة الصحة واجتماعات عقدت بينهم وبين المسؤولين المعنيين بالوزارة وشرحهم لمعاناتهم ومطالباتهم بمساواتهم مع زملائهم من نفس الدفعة انتهت بوعود وتطمينات إيجابية بحل الملف قريباً.
وذكروا أن عدد الأطباء الخريجين العاطلين عن العمل ارتفع بعد انضمام دفعة 2014 إليهم إلى 250 طبيباً، وبعد إكمال الدفعة الجديدة عام التميز لها يونيو الماضي، والذين بلغ عددهم 30 طبيباً وطبيبة، فيما بلغ عدد دفعة 2013، 100 طبيب خريج، و70 طبيباً من دفعة 2012 ، والذين يضافون للأعداد السابقة والتي لم توظف إلى الآن والذين يصل عددهم إلى 50 طبيباً.
وأكدوا أن هناك أطباء تخرجوا عام 2008، وحصلوا على رخصة مزاولة المهنة في عام 2010 ولم يحظوا بعرض وظيفي واحد إلى اليوم.
وحذروا من ازدياد الأعداد أكثر من ذي قبل إذا لم تحل المسألة جذرياً خصوصاً أن عدد الأطباء الخريجين كل عام أكثر بكثير من عدد الشواغر التي تطلبها وزارة الصحة سنوياً، والذي لا توازي حتى ربع عدد الخريجين.
وقالوا إن وزارة الصحة وظفت 52 طبيباً فقط من أصل 110 أطباء بحرينيين عاطلين عن العمل خلال الفترة الممتدة من أواخر 2013 حتى ديسمبر 2014.
وأضافوا أنهم لا يمانعون من الدخول بالبرامج التدريبية التي هي أساساً موجودة منذ زمن وليست بشيء جديد، لكن ليس ذلك على حساب حرمانهم من حقهم في التوظيف والذي استند عليه دستور البحرين.
وأشاروا إلى أنهم وأهلهم يعيشون حالة من القلق منذ فبراير الماضي -حين ظهرت نتائج القبول- بعد انتظار ما يقارب العامين منذ إنهائهم لسنة الامتياز (التدريب) وحصولهم على رخصة مزاولة المهنة.
واعتبر الأطباء أن الاستقرار الوظيفي والنفسي والاجتماعي مهم للإبداع والتطور في الوظائف الحساسة خصوصاً في مهنة الطب.
وانتقدوا عملية الاختيار خصوصاً أنها اتسمت بعدم المصداقية والشفافية اللازمة، لافتين إلى أنهم يشعرون بعدم الإنصاف والإحباط خصوصاً أنهم خريجو جامعات محلية وعربية عريقة وأنهم حصلوا على بعثات ومنح من وزارة التربية والتعليم.
وذكروا أن العقود تفتقد للعديد من المميزات الوظيفية المعتمدة من وزارة العمل وديوان الخدمة المدنية والاتفاقات الدولية، حيث إن الإجراءات تسهل عملية فصل الطبيب المتدرب من طرف واحد لارتباط العقود بشروط عديدة صعبة ولا تشرط في عقود العمل الدائمة.
وناشدوا الحكومة التدخل لحلحلة ملفهم ليتم توظيفهم بعقود دائمة أسوة بأبناء دفعتهم الذين تم توظيفهم بالتزامن مع تدريبهم ليساهموا في بناء وتنمية الوطن.
وعود الصحة
من جانبها قالت إحدى خريجي الطب من كلية دبي الطبية للبنات إن الصحة لم تتواصل طوال الثلاث سنوات الماضية مع العاطلين ولا مرة واحدة، بل كان التواصل محصورا منهم إلى الصحة فقط، خصوصاً أن الخريجين مازالوا يعانون من قلة ردود الوزارة عليهم.
وأكدت أن الصحة أيضاً أخلفت وعدها للخريجين بعدم إعادة امتحان قبولهم الذي قدموه منذ أكثر من عامين، ولن تعيد لهم مقابلات العمل التي سبق وأجريت معهم، إلا أنها اليوم تخبرهم بأن عليهم أن يعيدوا الامتحان والمقابلات الشخصية من جديد.
وبينت أنه خلال آخر اجتماع عقدته الوزارة مع الأطباء فوجئ مندوب الوزارة بعدد الأطباء الحالي المعتمدين هم في الوزارة على العدد القديم للأطباء متناسين الدفعات الجديدة كدفعة 2013 ودفعة 2014.
التأمين الاجتماعي
فيما بين أحد خريجي جامعة الخليج العربي للطب أن سبب رفضهم التوظيف بعقود خوفاً من ضياع حقوقهم أو أن يظلمهم عقدهم، مبينة أن الحسنة الوحيدة من العقد ضمان التأمين الاجتماعي لهم وخصم مبلغ التقاعد منهم، إلا أن يحق للطرف الأول -وزارة الصحة- القرار بعدم تجديد العقد في أي وقت كان، مما يعطي الطبيب عدم الاستقرار والخوف من المستقبل.
وقال إنه خلال التدريب يفرض علينا تخصصات لا رغبة لنا فيها بحجة أنهم بحاجة إلى موظفين، إلا أنهم في الوقت نفسه لا تعرض الوزارة في شواغرها هذا التخصص، ولا تعطي المتدرب أي نوع من الضمان لأن توظفه بعد انتهائه من التدريب حتى ولو اختار التخصص الذي تريده الوزارة وتدعي أنه يوجد فيه شواغر وظيفية.
وأوضح أن لو المتدرب لم تعجبه أي من التخصصات يخرج من الوزارة، وكأنها تجبرنا بشكل غير مباشر.
7 سنوات تخرج
من جانبها قالت طبيبة أخرى تخرجت سنة 2008 من جامعة القاهرة في كلية طب القصر العيني في مصر، إن الوزارة تعدنا كل شهر أو شهرين بأن تعرض شواغر جديدة للأطباء منذ أكثر من ثلاث سنوات دون جدوى، وعندما فتحت شواغرها العام الماضي تفاجأ الطلبة بأن أغلب الشواغر تخصصات لم يدرسوها، ودون تحديد عددها بشكل صريح، مما جعل الخريجين في حيرة.
وقالت إنه من أصل أكثر من 200 طبيب، لم يوظف إلا 36 فقط في آخر عملية توظيف، والباقي إلى الآن ينتظرون مصيرهم المجهول.
نقص أطباء المراكز
وفي السياق نفسه، قال أحد الأطباء المتخرجين من جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية إن البحرين تعاني من نقص شديد في الأطباء، خصوصاً في المراكز الصحية التي يعاين فيها الطبيب يومياً أكثر من 80 مريضاً، وتقسم في عدد من المراكز المواعيد الطبية على 3 أطباء فقط، إلا أن الوزارة تنفي وجود أي نقص أو شواغر للأطباْء.
وأشار إلى أن حل «التدريب» ليس مستجداً لملف الأطباء العاطلين عن العمل، بل هو حل قديم جداً تعيد الوزارة استخدامه فقط لا غير، طالباً منها الإتيان بحلول جذرية جديدة لا الاستناد لحلول قديمة لا تفي.
وأضاف أن الأطباء طرقوا جميع الأبواب، أولهم وزارة الصحة، ثم جمعية الأطباء البحرينية، وبعدها مجلس النواب، والإعلام، مناشدين اليوم سمو رئيس الوزراء الأمير خليفة بن سلمان راجينه التدخل السريع لحل الأزمة بحلول جذرية.
الأطباء الأجانب
على الصعيد نفسه، كشف تصريحات سابقة لنواب عن أرقام وإحصاءات تتعلق بالقطاع الصحي في البحرين بينها أن نسبة البحرنة في الطب البشري 48%، وطب الأسنان 94%، والتمريض 52%، إضافة إلى وجود 50 طبيباً بحرينياً عاطلاً عن العمل و300 خريج من كلية التمريض منذ عام 2012، مطالبين وزارة الصحة بإنهاء ملف العاطلين في المجال الطبي.
كما كشف مدير إدارة التدريب بوزارة الصحة محمد السويدي في تصريح سابق له أنه يتقدم للتدريب في وزارة الصحة 120 طبيباً خريجاً سنوياً منهم 65% حتى 70 % منهم طبيبات، مشيراً إلى أنه تم تدريب 106 أطباء في العام 2014.
أمور خافية
ومن جانبها قالت الوكيل المساعد للموارد البشرية والخدمات فاطمة عبدالواحد، نشهد معاناة الأطباء ونقدر الظروف التي يمرون بها ونود التأكيد على أن الوزارة تقف جنباً إلى جنب مع الأطباء لكونهم جزءاً لا يتجزأ من وزارة الصحة، إلا أن هناك بعض الأمور التي ربما تكون خافية عن الكثير من الأطباء وهي مسألة الإجراءات الإدارية التي تعتمد على الميزانية وطريقة العمل.
وأشارت إلى أن هناك الكثير من الطلبة والطالبات يدرسون الطب في الخارج من دون إخطار مسبق لوزارة الصحة وبعد مرور سنوات يرتفع عدد الأطباء الخريجين أكثر بكثير من عدد الأطباء المسجلين لدى الوزارة، وهو ما ساهم في حدوث مشكلة التأخير خلال السنوات القليلة الماضية.
وتابعت خلال حديث لها مع الأطباء الشباب رغم هذه الزيادة إلا أننا نؤكد أن ملف توظيفكم يحظى بأولوية لدينا ونحن نعمل حالياً على تسريع عملية التوظيف إلا أن العدد قد يكون محدوداً وذلك نظراً لقلة الشواغر المتوفرة.
وأكد كذلك سفير تونس في البحرين محمد بن يوسف في تصريح سابق له أن 50 طبيباً أخصائياً وممرضاً وفنياً وصلوا إلى البحرين للعمل ضمن طاقم وزارة الصحة.
ونقلت صحيفة محلية عن السفير قوله إن الكادر الطبي التونسي الذي وصل إلى البحرين يضم 10 أطباء مختصين و40 ممرضاً وفنياً طبياً، وسيتم توزيعهم على مستشفيات وزارة الصحة.
برنامج تدريبي
وجاء في تصريحات لوزير الصحة صادق الشهابي أن الشواغر التدريبية التي أعلنت عنها وزارة الصحة للعام الأكاديمي 2015-2016 والتي تضم جميع تخصصات الطب البشري قد شهدت إقبالاُ كبيراً من قبل الأطباء حديثي التخرج للتسجيل في هذه الشواغر المتاحة بالوزارة والتي تضمن كافة حقوق وامتيازات الطبيب البحريني المتدرب.
وأكد الوزير أن الأطباء حديثي التخرج الذين بدءوا بالتسجيل في الشواغر التدريبية سيلتحقون بالبرامج أكتوبر المقبل وتم زيادة القدرة الاستيعابية للبرنامج لتستوعب أكبر عدد من الأطباء المتدربين كما قامت الوزارة بفتح تخصصات جديدة نتيجة لزيادة عدد الأطباء المسجلين ضمن الشواغر التدريبية لتشمل تخصصات عديدة كجراحة التجميل وجراحة المسالك البولية وجراحة الأطفال وغيرها من التخصصات الطبية المطلوبة والتي تلبي احتياجات الوزارة.
ومن جانبه صرح الوكيل المساعد للتدريب والتخطيط بوزارة الصحة د.محمد العوضي أن التسجيل للبرامج التدريبية المقررة شهد إقبالاً كبيراً من جانب الأطباء وذلك جاء نتيجة لفتح الباب أمامهم للإطلاع وبشكل مفصل ودقيق على سياسات وضوابط التدريب والتعريف بمزايا النظام الجديد حيث تم على هذا الصعيد الرد على الاستفسارات المطروحة من جانب الأطباء وتوضيح كافة الجوانب المتعلقة بحقوق ومستحقات الأطباء المسجلين بالشواغر التدريبية، كما تم توزيع العدد الخاص بالسياسات التدريبية وفتح القنوات للتواصل المباشر مع الأطباء لتذليل أي صعوبات أو معوقات محتملة قد تعترض سرعة انخراطهم بالفرص والشواغر التدريبية المتاحة.
كفاءات بحرينية
من جانبه أبدى النائب جلال كاظم استغرابه من قرار وزارة الصحة فصل التدريب عن التوظيف في الوقت الذي تعاني فيه الوزارة من نقص الكوادر الطبية، وتعمد إلى توظيف أطباء غير بحرينيين بالعشرات لسد النقص فيها.
وذكر كاظم ليس من الصحيح معاملة أطباء بحرينيين تخرجوا من جامعات عريقة والعديد منهم درسوا الطب من خلال بعثات سمو ولي العهد من خلال عقود مؤقتة كمتدربين دون أن يسجلوا في ديوان الخدمة المدنية كأطباء ولمدة خمس سنوات يخضعون فيها سنوياً لامتحانات، وكان هناك تشكيك في كفاءة الطبيب البحريني الذي هو محل إشادة من قبل حتى القيادة.
وأكمل قبل أيام، سمعنا أن هناك إعلانات لتوظيف أطباء من الفلبين وكذلك من تونس، في حين أن وزارة الصحة ترفض توظيف أطباء بحرينيين مجدين وتلتف على توظيفهم بعقود تدريب لمدد طويلة وصلت إلى خمس سنوات، فكيف سيحظون بالاستقرار الوظيفي وهم يسجلون كمتدربين وبعقود مؤقتة ويتحتم عليهم إجراء اختبارات سنوية؟.
وواصل، هؤلاء الأطباء عاطلون منذ عامين، وتم توظيف دفعة منهم توظيفاً عادياً يخضعون خلاله إلى التدريب اللازم، إلا أن قرار الصحة وقف التوظيف الوطني والذهاب إلى التدريب دون التوظيف مع القيام بالتعاقد مع عشرات الأطباء غير البحرينيين يعكس رغبة في التضييق على هذه الكفاءات ومنعها من أداء دورها الوطني.
واقع مختلف
فيما قالت النائب جميلة السماك، إن وزارة الصحة تتجه لإبرام عقود مؤقتة لأطباء بحرينيين، لافتة إلى أن التوجه قد يشوبه مخالفة لأحكام وقوانين العمل في اشتراطها عمل الأطباء بموجب عقود دائمة.
ودعت السماك وزير الصحة إلى إيجاد شواغر وظيفية للأطباء العاطلين عن العمل، مشيرة إلى أنها تلقت كماً كبيراً من الاتصالات والطلبات من الأطباء العاطلين عن العمل، يطالبون فيها بفرص عمل مناسبة بعد سنوات انتظار طويلة.
واستغربت السماك إعلان توظيف لوزارة الصحة بحاجتها لأطباء من حملة البكالوريوس من الفلبين، مضيفة لست ضد طلب الخبرات الأجنبية من الخارج لتعزيز العمل الصحي والطبي في المملكة، والاستفادة من الخبرات المختلفة في هذا المجال الحيوي والإنساني.
وأكدت أن المؤهلات المطلوبة للوظيفة المعلن عنها لا تتعدى درجة البكالوريوس، ما عدته إجحافاً بحق الأطباء البحرينيين العاطلين، وقالت الأولى أن تنهي وزارة الصحة مشكلة الأطباء العاطلين عن العمل، قبل أن تفتح باب التوظيف للخبرات الأجنبية.