عواصم - (وكالات): يرجح خبراء أن الاعتداء الدامي الأخير الذي وقع في تركيا يحمل بصمات تنظيم الدولة «داعش» الإرهابي، وقد يستهدف الأكراد أكثر منه الأتراك، لكنه بالتأكيد يؤشر أيضاً إلى هشاشة الموقف التركي من النزاع في سوريا المجاورة.
ووجهت الحكومة التركية المحافظة أصابع الاتهام في العملية الانتحارية التي استهدفت مركزاً ثقافياً في سوروتش على مقربة من الحدود السورية وقتل فيها 32 شخصاً، إلى «داعش». إلا أن أي تبن رسمي لم يصدر عن هذا الأخير. ووعدت الحكومة التركية بتعزيز الإجراءات الأمنية. وأعلن رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو أن الشرطة التركية تعرفت على هوية مشتبه به مرتبط بالهجوم الانتحاري، ويتم التحقق من صلاته المحتملة مع الخارج أو داخل تركيا، والاحتمال الأكبر هو أن يكون الأمر هجومــاً انتحارياً علــــى علاقة بـ «داعش»».
ويقول تشارلز ليستر، المحلل في مركز «بروكينغز» للأبحاث في الدوحة، «حتى الآن، ولو أن «داعش» لم يتبن العملية، يبدو على الأرجح أنه وراءها». ويوضح أن «أسلوب الاعتداء والهدف المحدد والتداعيات السياسية للعملية، كلها تؤشر إلى «داعش» حتى الآن».
ولطالما وجهت إلى تركيا اتهامات بغض الطرف عن تنقل عناصر التنظيم المتطرف عبر حدودها وإدخال الدعم العسكري لهم. وهي المرة الأولى التي توجه فيها أنقرة اتهاماً مباشرة إلى التنظيم المتطرف بتنفيذ عمل إرهابي على أرضها.
وكان الضحايا وغالبيتهم من الشبان المؤيدين للأكراد يحضرون داخل المركز المستهدف لمهمة دعم لعملية إعمار مدينة عين العرب «كوباني» الكردية المدمرة والتي تحولت إلى رمز لمواجهة «داعش» في سوريا.
ومنذ يناير الماضي، تاريخ إخراج الأكراد لـ «داعش» من عين العرب، تمكنت وحدات حماية الشعب الكردية من الاستيلاء على مساحة واسعة من الأراضي شمال سوريا، طاردة منها التنظيم المتطرف، وذلك بدعم من الائتلاف الدولي بقيادة أمريكية الذي ينفذ غارات مكثفة ضد مواقع وتجمعات المتطرفين.
وأثار التقدم هجمات مضادة من «داعش» على كوباني الواقعة في محافظة حلب شمالاً من دون أن يتمكن من العودة إليها، وعلى مناطق في محافظة الحسكة شمال شرق البلاد والرقة في الشمال. ويقول آرون شتاين من مركز «اتلانتيك كاونسيل» للأبحاث الذي يتخذ من واشنطن مقراً، أن اعتداء الاثنين يعكس «تمدد الحرب بين الأكراد و«داعش» إلى تركيا». ويرى أن تفجير سوروتش «يستهدف بالأحرى الأكراد المناصرين لكوباني»، مشيراً إلى تفجير حصل في يونيو الماضي في ديار بكر في تركيا واستهدف تجمعاً لحزب موال للأكراد، ما تسبب بمقتل 4 أشخاص. ويتوقف الخبراء من جهة ثانية على حصول الاعتداء بعد توقيفات قامت بها القوى الأمنية التركية أخيراً شملت عشرات المناصرين لـ «داعش» في مناطق مختلفة من البلاد. ويقول ماكس ابرامز، الخبير في قضايا الإرهاب والأستاذ في جامعة نورث ايسترن الأمريكية «عموماً، يبدو أن هناك حملة حقيقية ولو متأخرة في تركيا» على «داعش». ويضيف «لذلك، فإن تنفيذ التنظيم المتطرف اعتداء على تركيا أمر غير مستغرب». وينحصر الهم الأساسي لتركيا في سوريا بالإطاحة بالرئيس بشار الأسد وضبط المجموعات الكردية خشية تمدد النفوذ الكردي إلى أراضيها، علماً بأن لتركيا تاريخ طويل من المواجهات مع المجموعات الكردية التركية.