عواصم - (وكالات): أبدت الولايات المتحدة انزعاجها من العداء الذي أبداه المرشد الأعلى في إيران آية الله علي خامنئي لها بعد توقيع الاتفاق النووي، فيما سعى وزيرا خارجية البلدين لتهدئة المعارضين للاتفاق خاصة الساسة المتعصبين بالداخل. وأعلن وزير الخارجية الامريكي جون كيري أنه «ينوي طمأنة دول مجلس التعاون الخليجي بشأن الاتفاق حول النووي الإيراني»، مشدداً على أن «ما تملكه دول الخليج من ميزانية عسكرية يتجاوز بمرات ميزانية إيران، وانطلاقاً من هذه النقطة فإن بإمكان دول الخليج أن تدفع ضد أنشطة عملاء إيران بطريقه مؤثرة جداً»، بينما ابدى «انزعاجه من العداء الذي أبداه خامنئي لواشنطن بعد توقيع الاتفاق النووي»، وحديثه عن «حالة الحرب مع بلاده».
وأضاف كيري في مقابلة مع قناة «العربية» التلفزيونية أنه «سيلتقي نظراءه من دول مجلس التعاون الخليجي وسيطلعهم على تفاصيل الاتفاق النووي الإيراني، وعلى كل النقاط التي تضمنها الاتفاق لضمان أمن دول الخليج»، في إشارة الى الاجتماع المرتقب مع وزراء خارجية دول مجلس التعاون في قطر في 3 أغسطس المقبل. واعتبر أن «التصدي لممارسات إيران وتدخلاتها في عدد من دول المنطقة وهي دولة غير نووية، هو أكثر سهولة من فعل ذلك وهي دولة نووية».
وقال كيري إن الخطاب الذي ألقاه خامنئي الســــبت الماضي وتوعـــــد خلالــــه بتحـــدي السياسات الأمريكية في المنطقة رغم الاتفاق الذي أبرمته إيران مع القوى الدولية بشأن برنامجها النووي «مزعج للغاية»، مشدداً على أن «ما تملكه دول الخليج من ميزانية عسكرية يتجاوز بمرات ميزانية إيران، وانطلاقاً من هذه النقطة فإن بإمكان دول الخليج أن تدفع ضد أنشطة عملاء إيران بطريقه مؤثرة جداً». وأضاف كيري «لا أعرف كيف أفسر ذلك في مثل هذا الوقت سوى بالتعامل مع ما يبدو في ظاهره، هذه هي سياسته».
وتابع «لكني أعرف أنه عادة ما تتطور الأمور بشكل مختلف عن التصريحات التي تصدر في العلن. إذا كانت هذه هي السياسة فهذا أمر مزعج ومقلق للغاية».
وأكد كيري أنه سيلتقي نظراءه من دول مجلس التعاون الخليجي وسيطلعهم على تفاصيل الاتفاق النووي الإيراني، وعلى كل النقاط التي تضمنها الاتفاق لضمان أمن دول الخليج.
إلا أن كيري اعتبر أن تصريحات خامنئي «مقلقة للغاية ومزعجة، وهذا أحد أسباب لقائي المزمع مع القادة الخليجيين، وهو أحد أهم الأسباب التي تجعلنا مهتمين أكثر بأمن وسلامة الخليج. ونحن جادون جداً في جهودنا لمكافحة الإرهاب والوكلاء الذين يلعبون أدواراً مخربة في المنطقة».
ورداً على سؤال «هل ستستخدم نفوذ الولايات المتحدة لدى إيران لتضغط الأخيرة على النظام السوري من أجل حل سلمي وحكومة انتقالية بدون بشار الأسد؟»، أجاب كيري «لا أستطيع التحدث نيابة عن إيران لأننا تفاوضنا معها في الملف النووي فقط، ولم نتطرق إلى القضايا الأخرى. لكن الرئيس الإيراني حسن روحاني قال في تعليقه على الاتفاق إنه مهتم بإقامة علاقات مختلفة مع دول المنطقة».
وتابع كيري «أنا عملت بشكل مكثف مع أصدقائنا في المملكة العربية السعودية، وعملت مع وزير الخارجية السابق سعود الفيصل رحمه الله ومع وزير الخارجية الحالي ومع ولي العهد وولي ولي العهد، وتحدثنا عن كيفية حل النزاع في سوريا. ونحن نتحدث أيضاً مع الروس، وأنا أجريت العديد من المحادثات، واحدة منها كانت مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وأخرى مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن كيفية التعامل مع الملف السوري بطريقة فعالة، لذا آمل أن نرى تغييراً في سوريا عندما نبدأ في تنسيق الجهود ونطرح أفكاراً جديدة على الطاولة».
وشدد على أنه «لا يرى دوراً لبشار الأسد في مستقبل سوريا»، مضيفاً «لا أستطيع أن أرى كيف يمكن للعنف أن يتوقف والمقاتلون الأجانب لا يزالون يتدفقون إلى سوريا بينما الأسد في السلطة». واعتبر أن «الأسد بمثابة المغناطيس الذي يجذب المقاتلين الأجانب».
وأبلغ خامنئي أنصاره السبت الماضي أن السياسات الأمريكية في المنطقة تختلف «180 درجة» مع سياسات إيران خلال خطاب ألقاه في مسجد بطهران وسط هتافات «الموت لأمريكا» و«الموت لإسرائيل».
وبموجب الاتفاق الذي أبرم في فيينا الأسبوع الماضي ستفرض قيود طويلة الأجل على برنامج طهران النووي الذي يشتبه الغرب في أنه كان يهدف لإنتاج قنبلة نووية. وفي المقابل سترفع العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة عن طهران. ووقع الاتفاق بين إيران والولايات المتحدة وبريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا. وكان الاتفاق إنجازاً سياسياً كبيراً للرئيسين الأمريكي باراك أوباما والإيراني حسن روحاني لكن يتعين على الزعيمين أن يقنعا المتعصبين الأقوياء بالداخل بالاتفاق في البلدين اللذين سادت بينهما العداوة لعقود ويشيران لبعضهما البعض بـ«الشيطان الأكبر»، وعضو في «محور الشر». وفي حالة إيران ينبغي أن ينال الاتفاق موافقة نهائية من مجلس الأمن القومي ثم خامنئي الذي امتنع حتى الآن عن إصدار حكم نهائي فيما قال إنه ينبغي إخضاع نص الاتفاق للتدقيق.
أما في الولايات المتحدة فقد اصطف الجمهوريون الذين يهيمنون على الكونغرس ضد الاتفاق لكن أوباما يقول إنه سيستخدم حق النقض للتصدي لأي رفض من الكونغرس.
كما عهد إلى كيري أيضاً بمهمة إقناع حلفاء أمريكا المتشككين في المنطقة بالاتفاق. وتعارض إسرائيل الاتفاق بشكل قاطع بينما تشعر دول الخليج وخاصة السعودية بالشك من أن الاتفاق سيصب في صالح طهران.
وقال كيري إن الاتفاق سيحسن أمن المنطقة بمنع إيران من الحصول على سلاح نووي.
وتابع «الاتفاق يقضي على احتمال السلاح النووي. لكن إذا قمنا بالأمور الصائبة، فأعتقد أن دول الخليج والمنطقة قد تشعر بأمان أكبر مما تشعر به اليوم». ودافع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف عن الاتفاق بعد الانتقادات التي وجهها له متشددون وقال امس أمام البرلمان الذي يغلب عليه المحافظون إن أغلب شروط بلاده إن لم يكن كلها قد استوفيت بما في ذلك «الخطوط الحمراء» التي حددها خامنئي.
وقال ظريف «نحن لا نقول إن الاتفاق بالكامل في صالح إيران، فأي مفاوضات فيها الأخذ والعطاء، وبكل تأكيد أبدينا بعض المرونة».
وأضاف «أقول لكم كما قلت للزعيم الأعلى إننا بذلنا أقصى ما في وسعنا للحفاظ على أغلب الخطوط الحمراء إن لم يكن كلها».
واتسم رد فعل خامنئي على الاتفاق بالغموض فقد شكر فريق التفاوض الإيراني لكنه لم يبد تأييداً صريحا للاتفاق. وكان دعم المفاوضيين مخاطرة سياسية وبتفاديه الموافقة الصريحة على الاتفاق النهائي فإن خامنئي قد يتجنب الانتقادات إذا إنهار الاتفاق.
وفي الوقت ذاته لم يوجه خامنئي انتقادات شديدة قد تؤدي لنسف الاتفاق وتمنع رفع العقوبات التي يتلهف المواطن الإيراني العادي على رؤية تطبيقها. لكن الحرس الثوري الإيراني والمتشددين بدؤوا في انتقاد الاتفاق بشكل مباشر فهاجموا قراراً أقره مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أمس الأول يتبنى الاتفاق. وربما يحاولون إقناع خامنئي برفض الاتفاق بالقول إنه انتهك الخطوط الحمراء التي حددها خاصة البنود التي تبقي على القيود السارية على نشاط إيران في تطوير الصواريخ البالستية ومشترياتها من السلاح من الخارج. وقال ظريف للنواب إن قرار الأمم المتحدة اقتصر على تقييد تطوير الصواريخ المصممة لحمل رؤوس نووية وأضاف أن هذا لن يؤثر على برنامج الصواريخ الإيراني لأن إيران ليس لديها برنامج لتطوير صواريخ نووية. وكسر علي أكبر ولايتي مستشار خامنئي للشؤون الخارجية صمتاً طويلاً وقال إن الاتفاق «لا يخلو من الأخطاء» لكنه لم يرفضه بشكل قاطع.
وفي باريس قال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس إن موقف فرنسا المتشدد من إيران خلال المفاوضات النووية لن يضر شركاتها عندما تعود لإيران بعد رفع العقوبات.
وأعلن فابيوس أنه سيتوجه إلى إيران «الأسبوع المقبل» حيث سيلتقي الرئيس حسن روحاني
في السياق ذاته، وصل وزير الدفاع الأمريكي آشتون كارتر إلى الأردن في إطار جولة في المنطقة تركز خصوصاً على الاتفاق النووي المبرم بين إيران والقوى الكبرى.
وكان كارتر التقى في القدس المحتلة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في محاولة لتهدئة قلق إسرائيل حيال الاتفاق النووي المبرم بين إيران والقوى الكبرى.