بقلم - برناديت بلنتاين: يعتبر مطار الأمير محمد بن عبدالعزيز الدولي بالمدينة المنورة أحد أهم المنافذ في السعودية، إذ إن قربه من المسجد النبوي ساهم في تدفق أعداد متزايدة من المسافرين المسلمين الذين يمرون عبره في موسمي الحج والعمرة. وأن توسعة المنشآت القائمة - التي افتتحت عام 1972- تشكل من ثم أولوية لدى الهيئة العامة للطيران المدني بالسعودية. وعلى إثر توصيات مقدمة من مؤسسة التمويل الدولية - التابعة للبنك الدولي - قررت هيئة الطيران المدني تنفيذ مشروع التوسعة بواسطة عقد مدته 25 عاماً وعلى أساس الشراكة بين القطاعين العام و الخاص «بي بي بي». ومع أن هذا الأسلوب من الشراكة تم استخدامه في السعودية في أوقات سابقة، يمثل المشروع الحالي أول نموذج من نوعه ينفذ في قطاع الطيران. يشار إلى أنه في أكتوبر الماضي، تم اختيار ائتلاف طيبه، الذي تقوده شركة تي إيه في للمطارات القابضة «تركية» وبالتحالف مع شركة أوغر ومجموعة الراجحي القابضة «سعوديتان»، لتنفيذ المشروع. ميزة الشراكة بين العام والخاص يقول رئيس الهيئة العامة للطيران المدني، فيصل الصقير: «هذا المشروع يمثل استمرارية لجهود الهيئة والهادفة إلى إدخال الشراكة بين القطاعين العام و الخاص في أنشطتها .. لا شك أن هذا الأسلوب سيساهم في إحداث تحسين نوعي لقدراتنا على استقبال أعداد أكبر من المسافرين فضلاً عن تقديم مستوى أرقى من الخدمة لسنوات عديدة قادمة». وحسب المعلومات المتوفرة فإن الشركاء سيتولون مهام إدارة المطار بدءاً من مطلع مايو المقبل 2012م وسيباشرون مشروعاً مكثفاً للتوسعة والذي - طبقاً لمؤسسة التمويل الدولية - يهدف إلى زيادة الطاقة الاستيعابية للمطار بأكثر من الضعف من 3.3 مليون مسافر في السنة عام 2010م إلى 8 ملايين مسافر في السنة في غضون الأعوام الـ3 المقبلة. يشار إلى أن ائتلاف طيبه قدم عطاؤه بكلفة مليار دولار إضافة إلى أن الشركاء الثلاثة سيستثمرون مبلغاً إضافياً قدره 400 مليون دولار في الكلفة الإجمالية. وأن غالبية التمويل اللازم للمشروع، الذي تم الترتيب له من قبل 5 مقرضين، سيكون بالريال السعودي. وستدعم القروض بضمانات تتمثل في عوائد المطار. وقالت رئيسة قسم تمويل المشروعات بشركة «تي أيه» في للمطارات القابضة، بوركو جيريس: «رغم أن هذا عبارة عن أول مطار يتم توسعته من خلال الشراكة الكاملة، بين القطاعين العام و الخاص، نلاحظ أن مواقف المقرضين إيجابية تجاه المشروع .. بدأ التعاون بين الأطراف بصورة جيدة و مشجعة». الأعمال الإنشائية تتمثل الخطوة الثانية في استكمال الجوانب المالية، والمتوقعة أن تتم في غضون 6 إلى 9 أشهر من موعد توقيع العقد في أكتوبر الماضي. إن العمل جارٍ في مجال متطلبات التصميم للمرحلة الأولى من الأعمال الإنشائية، والتي تشمل إقامة مبنى جديد للمسافرين وملحقاته، توسعة المدرج، تشييد 20 موقف طائرات خارجي، والارتقاء بأنظمة الإضاءة وتزويد الوقود. في هذا الخصوص، تشير جريس قائلة: «هناك الكثير من عمليات التقدم الجارية بالتوازي مع بعضها - أحدها عملية التمويل. ورغم التعهدات إلا أن هناك حاجة إلى المزيد من المباحثات وإعداد الوثائق والاتفاقيات النهائية». وفيما يخص التشغيل والتشييد، هناك مسألة التحول من العمليات الراهنة إلى الجديدة. وبالنسبة للتوسعة، فان فترة الإنشاء حسب الخطة تبلغ 3 أعوام ، ثم تعقبها العمليات الهندسية والتوظيف. وهناك خططاً لإحداث المزيد من التوسعة لمطار الأمير محمد بن عبدالعزيز الدولي بالمدينة المنورة، لكنها لا زالت في طور الإعداد. وطبقاً لبيانات مؤسسة التمويل الدولية فان المرحلة الثانية سترفع إجمالي الطاقة الاستيعابية إلى 16 مليون مسافر بحلول عام 2034، في الوقت الذي ترفع من تكلفة المشروع إلى 2.4 مليار دولار. الداعمون الأقوياء وتقول جريس إن عوامل رئيسة عديدة تقف وراء الصفقة الناجحة. وتضيف موضحة: «من المهم الإشارة إلى أنه كان لدينا مستشاراً مالياً جيداً، وهي مؤسسة سوميتومو ميتسوي المصرفية اليابانية، التي كانت لها بصمات واضحة في إعداد إجراءات وضمان التمويل، وفي نفس الدرجة من الأهمية كان وجود الشركاء الأقوياء الذين أكمل كل منهم الآخر». وقالت: «هناك شريكان محليان وشريك تشغيل أجنبي وهذه المجموعات الثلاث تكمل بعضها بعضاً. إضافة إلى الخبرة والمعرفة التي تمتلكها شركة تي أيه في للمطارات القابضة في مجال إنشاء وتشغيل و تمويل المطارات». وحسب جريس فانه رغم ان الشراكة بين القطاعين العام والخاص في المطارات تعتبر نموذجاً جديداً في السعودية، إلا أن العديد من المطارات التي تقوم «تي أيه» في للمطارات القابضة بتشغيلها تتم بهذا الأسلوب. وأكدت أن الشركة تدير حالياً مطارات في تركيا، مقدونيا، تونس و جورجيا. وتتوقع جريس أن يتم تشغيل المزيد من المطارات في دول مجلس التعاون الخليجي بهذا الأسلوب في أعقاب نجاح النموذج في السعودية. وبينما استمرت أعداد المسافرين في النمو بمعدل 21% في السنة خلال السنوات الخمس الماضية، تشير التوقعات إلى استمرار تمتع مطار المدينة المنورة بهذه الزيادة في السنوات القادمة. ولعل هذا أحد أهم الدوافع التي تقف وراء مشروع التوسعة.