لطالما كانت الطامة الكبرى الأخرى بعد معضلة الإسكان هي في الحصول على وظيفة تحقق للفرد أعلى مستويات البذل برضا، وتحقيق الذات في سبيل العيش الرغيد، والتي أصبحت شبه مستحيلة لبعض الشباب في الوقت الراهن، وهناك من الشباب من يعتبر السعي وراء وظيفة بنفسه مضيعة للوقت في خضم تحديات الحياة الحالية والتي تفرض على كل شخص قتالاً ونزاعاً بين العقول على مستويات عديدة لاستحقاق ما سوف تعطيه له «الواسطة» دون أن يكون له أي جهد يذكر.
من فترة بسيطة أطلق الناشطون البحرينيون في تويتر هاشتاق «بحريني بلا وظيفة» وشهد تفاعلاً واسعاً من الشباب البحريني، فالبعض ما يزال جالساً في بيته يترقب اتصالاً من شركة أو جهة تعيد له الشعور بالحماس بعد أن مضى على تخرجه من المرحلة الجامعة مدة تتراوح ما بين السنتين وتمتد إلى أكثر من ذلك بكثير في بعض الأحيان، والآخر قد تخرج تواً وفوجئ بأحوال من سبقوه، وهناك من يترقب تخرجاً ليلحق بركب العاطلين عن العمل ويصنف ضمن المصنفين في «بحريني بلا وظيفة».
إن جوهر هذه المشكلة يتمحور في نقطتين اثنتين: الأولى أن معظم المؤسسات والشركات سواءً الحكومية أم الخاصة تشترط أن يحمل المتقدم للعمل لديها شهادة خبرة لا تقل عن الثلاث سنوات، فضلاً عن بعض الشروط التي قد تكون تعجيزية للبعض كلٌ حسْبَ استطاعته، كامتلاك شهادة خاصة من جهة معينة، أو شروطاً تتعلق بالمظهر الخارجي الذي يعتبر بدوره حرية يشكلها كيان الفرد نفسه ولكن دون الإخلال بالأخلاق العامة للمكان بالتأكيد.
إضافة إلى ذلك، فإن الأشخاص الكفء المتقدمين للعمل قد يُظلمون في بعض الحالات كون الجهات تعتمد -بشكل كلي أحيانًا- على المهارات الشخصية كالقدرة على الحديث وإدارته، ومهارات المبالغة فيه، مما يعني أن الشخص الخجول ليست لديه أدنى فرصة للحصول على تلك الوظيفة المنشودة.
أما النقطة المحورية الثانية فهي تتعلق بالباحثين عن عمل أنفسهم، فنرى أنه لا يوجد لدى البعض ما يسمى بالسلم الوظيفي والارتقاء فيه درجة درجة، بل نراهم يريدون الحصول على وظيفة الأحلام في بداية المشوار دون تكبد عناء أو تعب، ناهيك عن اختفاء ما يسمى بالقناعة الوظيفية وعدم قبول الشاب البحريني لأن يعمل في أي وظيفة كانت من أجل توفير لقمة العيش، لأنه لا يعمل لجوهر العمل، بل من أجل المظاهر.
إن ما يأتي بسهولة يذهب بسهولة، فلماذا نظل نعتقد بأن الوظيفة طائر يحلق عالياً في السماء ونظل مسمرين في مكاننا نراه فوق رؤوسنا دون أن نفعل شيئاً؟
إنها معادلة بسيطة، بقدر ما تقدم تأخذ، اجتهد من أجل أن تصل لغايتك فتصل، أما من يجلس في بيته ينتظر أن تطرق بابه وظيفةً يتمناها فلينتظر لكن دون أمل، فلم نسمع قط بوظيفة تمشي على رجلين وتزور البيوت لتعطي عطايا ثمينة!
سوسن يوسف
فريق البحرين للإعلام التطوعي