أنت ترتعب من مواجهة الفراغ الذي هو في قلبك، ترتعب من لقاء الظلام الذي يحيا داخلك وجهاً لوجه، ولكنه سيظل موجوداً حتى وإن لم تواجهه وسوف تضطر للتأقلم معه حتى تتمكن من عيش الحياة، لذلك سعيت إلى حل المشكلة من خلال توجيه وعيك للحياة الخارجية، وحاولت تخفيف معاناتك من خلال اعتراف المجتمع بك وتقدير الناس لك وجذب الانتباه، بهذه الطريقة تحاول منح جواب لتوق الروح وحنينها للحب والسلام.
هكذا توجهت في اتجاه معاكس أنت تلحظ وتعلن عن الحاجة للحب والسلام إلا أنك ترمي إلى إجابة هذه الحاجة بدون مواجهة الخوف والظلام الذي في داخلك، ولأجل تحقيق هذا الأمر لجأت لتحول الحاجة إلى الحب إلى حاجة لكسب تعاطف وتأييد وتقدير الآخرين، وحالما تعتقد أنت أن معنى الحب هو تقديرك لأجل ما تظهره، عندها لن تكون بعد الآن في حاجة لدخول داخل نفسك باحثاً عن مصدر الحب الحقيقي، ما عاد عليك سوى العمل جاهداً للحصول على التقدير، هكذا تبقي الستار مسدلاً على وجود الخوف.
كذلك فإن إحساسك العميق بالهجر والوحدة لم يتلاش بعد، في الواقع إحساسك هذا يسوء أكثر فأكثر بما أنك ترفض النظر إليه، وما ترفض النظر إليه يصبح نفسك الظلالية، كالظل موجود فيك، يبدأ الخوف والغضب بالتجول هناك وبالتأثير عليك، وأنت مستمر في تغذيتهم وتقويتهم بسبب رفضك أن تبدأ رحلتك الداخلية. بإمكان نفسك أن تكون عنيدة جداً حينما يتعلق الأمر بمواجهة أحاسيسك الباطنية، فلا تتخل عن سيطرتها بسهولة وإلا ستعيش بقية حياتك في الشتات.
علي العرادي
أخصائي تنمية بشرية