ذكر تقرير الفرص الاستثمارية الصادر عن شركة الخبير المالية، أن دول مجلس التعاون الخليجي تتيح عدداً كبيراً من الفرص الاستثمارية بفعل عواملها السكانية الإيجابية وارتفاع حجم الإنفاق على البنية التحتية فيها، وثرواتها الضخمة. ويتجلى هذا بوضوح في عقود تنفيذ مشاريع البنية التحتية التي تمت ترسيتها السنة الماضية في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي لتنفيذها في العام 2015 بقيمة إجمالية تبلغ حوالي 172 مليار دولار. غير أن المخاطر لاتزال تنشأ من داخل المنطقة وخارجها، وهي تشمل انخفاض أسعار النفط، والوضع في اليونان، والتوقعات المستقبلية للنمو في الصين، والتوترات الجيوسياسية العالمية المتكررة. وهذه المخاطر كبيرة ويمكن أن تؤدي إلى تقلبات في القيم الرأسمالية. لذلك يجب على المستثمرين إدراك هذه المخاطر والتوجه الجاد إلى الأصول المدرة للدخل في منطقة دول مجلس التعاون ضمن إطار استراتيجية تنويع الاستثمارات. وسوف نستكشف في هذا التقرير الحاجة إلى دراسة هذه الفرص والخيارات المتاحة أمام المستثمرين للاستثمار في هذه الفئة من الأصول في المنطقة.
كما أضاف تقرير الخبير المالية أنه وبعد حوالي سبع سنوات من نشوء الأزمة المالية العالمية في العام 2008، لم تنحسر المخاطر العالمية بالكامل. وكان لزاماً على المصارف المركزية العالمية القيام على مدى السنوات الماضية بتنفيذ سياسات توسعية غير تقليدية ومكثفة لدعم النمو. ولاتزال معظم الاقتصادات العالمية الكبرى تواجه مستويات عالية من المديونية، بما يؤدي إلى الحد من نمو الائتمان وتحقيق نمو اقتصادي أوسع. ومن جهة أخرى، تتزايد المخاوف من تجدد حدوث فقاعة عقارية عالمية مع استمرار ارتفاع قيم العقارات في جميع أنحاء العالم بسبب استمرار طلب المستثمرين عليها. كما إن الاستثمارات العقارية لاتزال حساسة جداً للتأثر بارتفاع أسعار الفائدة، وبالتالي يمكن أن تشهد تقلبات كبيرة في الفترة المقبلة. وإلى جانب ذلك، فإن رؤوس أموال المستثمرين معرضة إلى حد كبير للمخاطرة الناتجة عن الضبابية الاقتصادية العالمية.
وأوضح الاحتياطي الفدرالي الأمريكي موقفه من رفع معدلات الفائدة في وقت لاحق من هذه السنة. ويمكن أن تؤدي العودة بأسعار الفائدة إلى مستوياتها الطبيعية في الولايات المتحدة إلى نشوء تحديات أمام الكثير من فئات الأصول في العالم وعلى الأخص في الأسواق الناشئة. كما يمكن أن تشهد الأسواق الناشئة وأسواق دول متقدمة أخرى جولة من التقلبات الكبيرة بسبب خروج تدفقات رؤوس أموال ضخمة منها. وفي مثل هذا الوضع، لا يمكن استبعاد انتشار التأثيرات لتشمل أسواق دول مجلس التعاون الخليجي. وتناول التقرير بشكل عام ثلاث فئات أصول رئيسة مدرة للدخل في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي هي الأسهم، وأدوات الدخل الثابت، والعوائد من الإيجارات العقارية، وعمل على تقييم فئات الأصول هذه من حيث نسبة مخاطرها إلى عوائدها، والتحديات التي تواجهها، والعوامل التي تجعلها أكثر فعالية. كما تناول أيضاً الفرص والاستراتيجيات التي يمكن أن تساعد المستثمر على اتخاذ قراراته الاستثمارية. ويرى التقرير أن محفظة الأسهم المختارة بعناية التي تشتمل على أسهم شركات ذات أرباح نامية وتدفقات نقدية صافية عالية ونموذج أعمال قائم على أسس قوية، هي محفظة قادرة على النجاح في الأوقات التي تسودها الضبابية وعدم اليقين. وتكون العوائد الأعلى من أرباح الشركات الموزعة في المنطقة ناتجةً عادةً عن مستويات النقد الأعلى والميزانيات العمومية الأقوى. كما إنها تكون مناسبة لتجاوز تقلبات السوق بشكل أفضل مقارنةً بالأصول الأخرى. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الأصول الأخرى المدرة للدخل، كأدوات الدخل الثابت والعوائد من الإيجارات العقارية يمكن أن تساعد المستثمر أيضاً على تنويع محفظته الاستثمارية مع المحافظة على مصدر دخل ثابت.
ولاتزال الأسهم في منطقة الخليج العربي تعتبر فئة الأصول المفضلة للمستثمرين. وخلال الأشهر التسعة الأولى من السنة السابقة، دفعت تقارير أرباح الشركات العالية والتفاؤل بالإصلاحات الرقابية في الكثير من دول مجلس التعاون، إلى ارتفاع المؤشرات الخليجية إلى أعلى مستوياتها منذ عدة سنوات. غير أن هذا قد أدى إلى وصول تقييم الشركات إلى مستويات تم اعتبارها باهظة. وخلال الأشهر الأخيرة من العام 2014، شهدت أسواق الأسهم ارتباطاً كبيراً بأسعار النفط. وقد تراجعت أسعار النفط بحوالي 50%، ونتج عنها تراجع حاد في إقبال المستثمرين في منطقة الخليج على المدى القصير، وأدى ذلك فعلياً إلى خسارة معظم الارتفاعات التي حققتها الأسهم في العام 2014. ونتيجةً لذلك، أصبحت القيم السوقية الآن ضمن مدى يتوافق مع ما هو سائد في الأسواق الناشئة.
وتشتهر الأسواق الخليجية بعوائدها المرتفعة من الأرباح الموزعة مقارنةً بمعظم الأسواق الناشئة والمتقدمة الأخرى. وتنتج العوائد الأعلى من أرباح الشركات الموزعة في المنطقة عادةً عن مستويات السيولة النقدية الأعلى والميزانيات العمومية الأقوى التي تعتبر مناسبة لتجاوز تأثيرات تقلبات الأسواق بشكل أفضل مقارنةً بغيرها.
وشهدت الأسواق المالية العالمية إصدارات صكوك قوية مؤخراً. وتتوقع ستاندرد آند بورز أن تتجاوز قيمة إصدارات الصكوك 100 مليار دولار في العام 2015، بعد أن كانت قد وصلت إلى 116.4 مليار دولار في السنة السابقة، وإلى 111.3 مليار دولار في العام 2013. ووصل حجم الصكوك العالمية المتداولة إلى رقم قياسي بلغ 300 مليار دولار في نهاية العام 2014.
وفي ظل أوجه النقص المذكورة أعلاه، فإن الحاجة تعتبر ماسةً لرعاية تطوير سوق الصكوك. وعلى الرغم من تزايد الاهتمام بأدوات الصكوك، فإن غياب سوق دين منتعشة قد حال دون قيام المصدرين بجمع الأموال من أسواق الشرق الأوسط. ويحتاج المسؤولون الحكوميون في الشرق الأوسط إلى تطبيق عدد من الخطوات لتنمية أسواق الدين. كما إن هناك حاجة إلى رعاية ثقافة للتصنيف الائتماني، والبدء باتخاذ خطوات لتشجيع الشفافية ووضع قوانين ولوائح لتحفيز مشاركة المؤسسات. وقد أشارت هيئة السوق المالية في ورقة الاستراتيجية التي أعدتها للفترة من 2015 إلى 2019، إلى أنها سوف تقوم بتسهيل إجراءات الحصول على الموافقات الرقابية على منتجات أدوات الدين، وتطبيق الرقابة على إدراج إصدارات الطرح الخاص في السوق، وتطوير التسنيد لتحسين خيارات التمويل المتاحة للمصدرين الحاصلين على درجات تصنيف ائتماني منخفضة.
بينما كان ارتفاع القيمة الرأسمالية كبيراً في الأسواق العقارية الخليجية، فإن الدخل الثابت من عوائد الإيجارات هو الذي اجتذب المستثمرين إلى السوق. ولايزال المستثمرون في القطاع العقاري الخليجي اليوم يحصلون على عوائد عالية من الإيجارات تزيد عن 6% مقارنةً بالأسواق الناضجة في الولايات المتحدة وأوروبا حيث تتراوح العوائد من الإيجارات اليوم ما بين 2% و4%. وفي منطقة دول مجلس التعاون، تمتاز الإمارات بأعلى العوائد من الإيجارات مقارنة بأكثر المواقع في العالم إقبالاً على الاستثمار العقاري، حيث إن الدخل من الإيجارات معفي من الضرائب، ولا توجد أي ضرائب على الأرباح الرأسمالية. وكانت الأسعار في المواقع الممتازة قد استقرت بعد فترة الركود العالمي، وارتفعت العوائد اليوم إلى حوالي 8% إلى 9%. كما تشهد أيضاً الأسواق الرئيسة في جدة والرياض في المملكة العربية السعودية ارتفاعاً كبيراً في العوائد من الإيجارات، والتي وصلت اليوم إلى معدل 7.5% على مستوى مختلف مدن المملكة، وكان أعلاها مدينة الرياض بنسبة 10.74% للعقارات الواقعة خارج وسط المدينة وقد ساهم الطلب المرتفع من شريحة الدخل المتوسط في تحقيق هذا الارتفاع.
أما في المملكة العربية السعودية، فإن العقارات السكنية تبدو جذابة بفعل النقص في الكمية المعروضة في الأسواق والنمو السريع في أعداد السكان المحليين. كذلك فإن شرط الدفعة الأولى بنسبة 30% يؤدي إلى تراجع القدرة على شراء المنازل الجديدة. وتدرس الحكومة السعودية حالياً فرض ضريبة على الأراضي الفضاء من أجل تشجيع عرض الأراضي. ومن المتوقع أن يستمر الطلب قوياً في المملكة العربية السعودية وقطر على الوحدات السكنية المتوسطة إلى منخفضة القيمة بسبب محدودية الكمية المعروضة وارتفاع حجم الطلب.