تحولت مدينة لندن الى "منتجع للأثرياء" بسبب ارتفاع أسعار العقارات والمساكن فيها، حيث لم يعد يقصدها سوى أثرياء العالم وأصحاب رؤوس الأموال وكبار رجال الأعمال، فيما يرى كثير من المراقبين أن هذه الأوضاع تؤثر سلباً على الحركة الاقتصادية في المدينة ولا تخدمها، حيث ترتفع الأسعار وتغيب الأيدي العاملة الرخيصة التي تهرب الى مدن أخرى، بما يمثل تحدياً كبيراً لأصحاب الأعمال في العاصمة البريطانية.
ويقول العاملون في القطاع العقاري في لندن إن الأسعار واصلت ارتفاعها طوال السنوات الماضية على الرغم من الأزمة الاقتصادية التي مر بها العالم، والتي عصفت بالقارة الأوروبية أيضاً، وهو ما جعل أسعار المساكن ترتفع في العاصمة البريطانية الى مستويات كبيرة سواء على صعيد البيع أو الإيجار.
وقال وسيط عقاري في لندن لـ"العربية نت" إن تدفق ملايين المهاجرين من دول الاتحاد الأوروبي في السنوات الأخيرة، ومن دول الربيع العربي، أبقى الأسعار مرتفعة، حيث يأتي الأثرياء الى هذه المدينة بحثاً عن حياة أكثر أمناً واستقراراً، وبحثاً عن فرص استثمارية.
وقدر مصطفى موسوي المدير العام لشركة (Overseas Link International) الارتفاع في أسعار عقارات لندن خلال عام واحد بأنه يتجاوز 20%، وقال إن المدينة تحولت بالفعل الى وجهة مفضلة بالنسبة لأثرياء العالم.
وبحسب موسوي الذي تحدث لـ"العربية نت" فإن مدينة لندن تضم أغلى العقارات في القارة الأوروبية، مشيراً الى أن أثرى أثرياء العالم تدفقوا في السنوات الأخيرة لشراء العقارات الفارهة في وسط العاصمة البريطانية، وخاصة في المناطق المحيطة بحديقة "هايد بارك" التي تمثل أكبر وأشهر حديقة في العالم.
ويقول الكثير من المراقبين والمحللين الاقتصاديين أن أوضاع القطاع العقاري في لندن تسببت بارتفاع في تكاليف المعيشة، وهروب الطبقة الفقيرة، مع تقلص كبير في حجم الطبقة المتوسطة التي لم تعد تجد لها مكاناً في لندن، الأمر الذي يؤثر في النهاية على توفر الأيدي العاملة وعلى الحركة الاقتصادية والنشاط التجاري في المدينة.
وقالت الكاتبة البريطانية ايما دونكان في مقال لها بجريدة "التايمز" إن عقارات لندن أصبحت فارغة بانتظار أثرياء العالم، مشيرة الى أن أسعار العقارات والمساكن في بريطانيا كانت تسجل ارتفاعاً متواصلاً خلال الأزمة المالية التي ضربت العالم منذ خمس سنوات، بينما كان السوق العقاري في العديد من دول العالم ينهار أو يسجل انخفاضاً.
وتشير دونكان الى أن متوسط الارتفاع الذي سجلته أسعار العقارات في لندن خلال السنوات الأربع الماضية بلغ 18%، الا أن منطقة ويستمنستر في وسط لندن سجلت وحدها ارتفاعاً في الأسعار بلغت نسبته 34%، بينما سجلت منطقة "تشيلسي" ارتفاعاً نسبته 36% خلال الفترة ذاتها.
وتقول دونكان إن الطلب الأجنبي على عقارات لندن هو الذي تسبب بارتفاعها، حيث إن أكثر من نصف العقارات التي بيعت في وسط لندن العام الماضي كان المشترون لها من الأجانب غير البريطانيين، وهو ما يعني في النهاية أن لندن تحولت الى مدينة لأثرياء العالم، ولا مكان للبريطانيين فيها.
يشار الى أن أعداداً كبيرة من أثرياء العرب ورجال الأعمال غادروا الدول غير المستقرة في منطقة الشرق الأوسط، وخاصة ما يسمى بدول "الربيع العربي" التي تعاني منذ العام 2011 من حالة عدم استقرار، وانتقلوا للعيش الى لندن، كما سحب كثيرون منهم أموالهم وهربوا بها الى بريطانيا.
والتقت "العربية نت" برجل أعمال مصري يتردد على لندن منذ عدة شهور من أجل الاستثمار في القطاع الفندقي والانتقال للعيش في بريطانيا بسبب حالة عدم الاستقرار التي تعيشها مصر منذ 2011 والتي يقول إنها أثرت سلباً على مختلف القطاعات الاقتصادية.