عندما أنشئت أول بلدية في البحرين عام 1919م والتي عدت أول بلدية في الخليج وثالث بلدية في الوطن العربي، كانت البلدية تتولى الكثير مما يسمى الإدارات في الزمن الماضي والتي تحولت إلى وزارات، حتى الحراسة في الأسواق وتنظيم المرور وغيرها الكثير كانت تحت مظلة البلدية، وليس كنس الشوارع والطرقات والأسواق وجمع القمامة والأنقاض لتصبح ردمًا للبحر؟
كل تلك الأعمال تقوم بها البلدية بمفتشيها وعمالها في طول البلاد وعرضها، ولا مقاولون ولا متعهدون ولا هم يحزنون.
وتلال القمامة والأنقاض التي يردم بها البحر، ما كنا نعلم أنها تساوي مئات الآلاف من الدنانير؟!
وفي العهد الزاهر لجلالة الملك المفدى، وإطلاقه للمشروع الإصلاحي الشامل سياسياً وتعليمياً ورعاية للشباب واقتصادياً وصحيًا وتطوير للبنى التحتية وأمنياً وبناء قوة وطنية للذود عن حياض الوطن، والدفاع عن كرامة الإنسان البحريني ورفع مستوى معيشته وسكنه،كانت المجالس البلدية الثمرة الأولى في السلم السياسي، حيث إن المجالس البلدية بمثابة الإدارات المحلية، ومشاركة الشعب في إدارة الشؤون التنفيذية، ومعاونة للسلطة التنفيذية التي تتولاها الحكومة.
الانطلاقة بدأت عام 2002م بتأسيس المجالس البلدية في المحافظات الخمس -الآن هناك أربعة مجالس فقط بعد حل المحافظة الوسطى- المجالس البلدية الأولى من عام 2002- 2006-.
هنا، انكشفت لنا حقائق لم نكن نعلمها ولا ندير لها بالًا، أو لا نلتفت إليها، وهي أن أموالًا بالملايين تذهب هدرًا، مثلًا، جاءنا رجل أعمال باكستاني (هنا أتحدث عن المحافظة الوسطى فقط)، يطلب عقدًا بين المجلس البلدي وبينه مقابل مئات الآلاف من الدنانير سنويًا، ومهمته تتلخص في إنشاء شركة صغيرة تحتكر شراء زيت السيارات المحروق بعد جمعه في براميل من أصحاب الكراجات نظير مبلغ من المال ومعالجته ليصبح زيتًا ممكن استعماله من جديد (تدوير)، ومثل آخر جمع الكوارتين، وكنا مع الرئيس الأول المرحوم إبراهيم حسين من المؤيدين لمثل هذه المشاريع والمبادرين لتبنيها «إن الله لا يضيع عمل عامل منكم».
الآن، نرى الكثير من العمالة السائبة تجوب الفرجان والطرقات وتجمع كل ساقط، لا بل وتمزق أكياس القمامة وتبعثر ما فيها وتلتقط ما يشترى منها وتبيعه على دكاكين الخردوات، حتى القطط والكلاب السائبة لا تجد ما تأكله، فغزت البيوت على الريحة!
وتطور العمل لدى العمالة السائبة، من حمل كيس على الظهر إلى عربة طفل قديمة مرمية، وأخيرًا إلى بيكب؟
أخبرني صديق عزيز، إنه اضطر لترتيب أثاث منزله، فأخرج جزءًا منه عند بوابة الكراج، ثم دخل ورجع للتو، فإذا ذلك الجزء من الأثاث لا أثر له، هل نقول سرق؟
اللوم ليس فقط على هؤلاء المعدمين من العمالة السائبة، اللوم كل اللوم على كافليهم، الذين تركوهم سائبين، ليبحثوا عن لقمة العيش والمأوى وتوفير نصيب الكافل المتلذذ بالنعيم من دمهم وعرقهم، في بلد ترعى حقوق الإنسان؟، وأقول لصديقي عوضك على الله.
يوسف محمد أحمد أبوزيد