ككل أيام العمل، بنفس ترتيب الخطوات: أنام بوقت محدد وأستيقظ بوقت محدد، ثم أذهب إلى مقر عملي الذي يبعد عن مدينتي مسافة 140 كم ذهاباً وإياباً.فالمعلمة بمملكتي السعودية في أول سنوات تعيينها، يكون توجيهها لإحدى القرى التابعة لمنطقتها، وتكون كل أيام العمل ممنهجة ومنظمة، وليس بإمكاني فيها إفساح الطريق لروحي المحلقة، فأنا أحب أن أطير خارج السرب، فما كان مني إلا أن اتخذت القرار التاريخي: سأقبل بالقولبة الروتينية بعملي، لأنه مصدر رزقي، و لكن لن أكمل أيام الأسبوع دون أن أطلق العنان لروحي المعنوية.وجدت مفتاح الباب لخارج إطار الوظيفة، بأحد النشرات، كان محتواه -مطلوب متطوعات لبرنامج كيف نحافظ على الكنز- توعوياً لدعوة الأهالي لمراقبة أبنائهم والحفاظ عليهم من التحرش الجنسي لمدة ثلاثة أيام ولمدة أربع ساعات، ذهبت إلى مقر الجمعية التي تقيم البرنامج واجتمعت مع باقي الفريق، أوكلت إلي مهمة تسجيل أسماء الحضور، وأن أتواجد في أي مكان شاغر وقت إقامة المؤتمر للمساعدة.عدت من رحلة سفري اليومية للعمل الساعة الواحدة ظهراً، بعد ذلك ذهبت إلى الفعالية بالرابعة عصراً، واستقبلت الأهالي مدونة الأسماء، وحين غابت إحدى المتطوعات أخذت مكانها، وكنا كالمكوك نعمل وننظم.عدت إلى منزلي في التاسعة وكأنني بيضاء الروح، وكأن كل ضغوطات العمل ذهبت كالسحر بعد يوم واحد من العمل التطوعي، أخيراً وجدت الباب، أخيراً سأنطلق خارج مكتبي، خارج التعميمات الوزارية، خارج الخصومات الشهرية، خارج الالتزامات المادية إلى أفق لا مادي، أتنافس به مقابل دعوة ترتفع للسماء، مقابل ابتسامة على وجه يتيم، أو ساعة أنس لمسن، أو تقديم وجبة لصائم. العمل التطوعي حياة تختارها أنت لتسعد بها وتسعد بها قلوب كثيرة تحتاج لإنعاش، وتضيء قبساً أمام العديد من أفراد مجتمعك ليتكامل ويتكافل. وكما قال نور الهدى المصطفى صلى الله عليه وسلم: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً)، فإذا أردتم أن تنهضوا بالمجتمع فاعملوا لرزقكم واعملوا لأنفسكم، بصمت.نسرين المروانيفريق البحرين للإعلام التطوعي