في ظل ارتفاع أسعار النفط، واتجاه الدول النامية للاعتماد على موارد الطاقة في تحقيق التنمية، تسعى شركات النفط الوطنية إلى انتهاج أفضل أساليب إدارة عمليات استخراج الغاز والنفط الخام والتكرير والتسويق. ومن هنا، فإن هذه الشركات تحتاج إلى اتباع استراتيجية فاعلة في الحوكمة تساعدها في تحقيق النتائج المرجوة.
هذا وكانت شركة "ديلويت" للخدمات المهنية والاستشارية قد أصدرت تقريراً خاصاً بعنوان "الأسس الأهم لإدارة النفط والغاز"، والذي يتناول أهمية عملية وضع إطار فاعل للحوكمة، كونه يشكّل العامل الأساس والمشترك بين جميع أنواع شركات النفط الوطنية للوصول إلى أفضل النتائج في هذا القطاع.
تحديات الحوكمة
يتناول تقرير" ديلويت" التحديّات الخارجية المرتبطة بسوء الحوكمة، ومنها الصعوبة في الحصول على التمويل المناسب وجذب الاستثمارات والرؤيا غير الواضحة للأرباح وأداء الميزانية. كما يذكر التقرير، في إطار الحديث عن التحديات الداخلية، بعدم فاعلية الأنظمة بمختلف جوانبها مثل توزيع رؤوس الأموال والأداء التنظيمي والمسائل التشغيلية وتأثيرها على استمرارية عمل شركات النفط الوطنية ومسؤوليتها الاجتماعية.
رأي الاختصاصيين
في هذا الإطار، يشير رامي وديع الشريك، في قسم إدارة خدمات المخاطر في "ديلويت الشرق الأوسط": " يجمع بين شركات النفط الوطنية، بغض النظر عن نوعية نشاطها (سواء أكانت عامّة أم مشتركة أم غيرها)، عنصر مشترك يساعد في الحصول على أفضل النتائج، ويتمثل في وضع وتنفيذ إطار فاعل للحوكمة يساهم في تخطي العقبات والتوصل إلى فوائد عدة. فمن دون حوكمة جيّدة، يمكن لشركات النفط الوطنية أن تواجه تحديّات هامة في العديد من المجالات سواء أكانت من داخل المؤسسة أم من خارجها. وأضاف: "إنّ العديد من شركات النفط تخضع حالياً لتغيير في أسلوب القيادة والإدارة لديها، الأمر الذي يتطلب وضع أسس متينة لحوكمة هذه الشركات لضمان استمرار واستقرار عملياتها".
من ناحية أخرى، يرى التقرير أنّ الحوكمة الجيدة ترتكز على الشفافية والثقة في الضوابط المعتمدة في الشركات، لتتمكن من كسب ثقة الممولين والمستثمرين في توظيف رؤوس الأموال بما فيه مصلحة الشركة، ممّا يؤدي إلى تخفيف المخاطر وتوليد نتائج أفضل. كذلك تساهم الضوابط في معالجة القضايا الداخلية من خلال معايير صارمة مدعومة بالتنظيم المناسب وبتفويض وفصل فاعل للسلطات ووضع السياسات والإجراءات المناسبة والوافية التي تحمي كيان شركات النفط الوطنية.
عناصر الحوكمة الفاعلة
ويسلّط تقرير "ديلويت" الضوء على المميّزات الخاصة بالحوكمة الجيّدة. وهو يتضمن أيضاً لائحة بالعناصر الأساسية التي تؤدي الى حوكمة فاعلة وهي:
• القيم: تحديد أهداف واضحة للمؤسسة.
• نموذج العمل: يوّفر شرحاً مفصلاً للأدوار التشغيلية والوظيفية والفرق بينهما.
• نظام الإدارة: يتضمن السياسات والإجراءات التنظيمية للشركة.
• الهيئات الحاكمة: توّفر مخططاً شاملاً للإدارة ابتداءً من مجلس الإدارة وصولاً إلى المناصب والمسؤوليات التنفيذية وغير التنفيذية.
عوامل النجاح الأساسية
ومع وضع مثل هذا الإطار الفاعل للحوكمة، يذكر خبراء "ديلويت" بستة عوامل أساسية للنجاح وهي:
• تقييم الجدوى: وهو الاتفاق على تحديد ونشر المنافع الناتجة عن الحوكمة الصحيحة بالشركات وتأثيرها على الأفراد والموظفين وغيرهم من المساهمين.
• الوعي للتحديات الأساسية: تحديد مواطن الضعف واللامبالاة.
• الشفافية: توفير رسالة شفافة وفاعلة من جميع المستويات الإدارية والقيادية.
• الوقت: من أجل تعزيز نسبة الوعي والتفهم في المنطقة كلها.
• التواصل المتبادل: عملية التواصل والالتزام.
• الخطة: تحديد نسبة النجاح والأولويات والنقاط الخاصة بتقييم نسبة التطوّر وتوخي الاستمرارية.
واختتم وديع قائلاً: "إنّ هذه العناصر الستة ترتكز بقوّة على التزام المساهمين الذين يدركون قيم المؤسسة ويدعمونها".