تدهورت حالة الازدهار الاقتصادي التي كان يعيشها قطاع غزة مؤخراً عقب الحملة التي ينفذها الجيش المصري لضبط الحدود مع قطاع غزة وهدم الأنفاق التي كانت تستخدم لتهريب آلاف الأطنان من المواد الغذائية ومواد البناء والحروقات وغيرها من المنتجات الأخرى على مدار الساعة وبأسعار أقل بكثير من نظيرتها الإسرائيلية.
فأسواق غزة بحسب تقرير لقناة العربية نشر اليوم الجمعة كانت تعج بالمنتجات المصرية، الأمر الذي دفع بعجلة الاقتصاد وسوق العقار للأمام، لكن هذا الازدهار الاقتصادي سرعان ما تبدل.
عدد محدود
عماد هو واحد من عشرات الغزيين الذين شقوا أنفاقاً لتصبح سوقاً مفتوحاً، ولكن تحت الأرض لديه نفقان يقوم من خلالهما بإدخال مواد البناء والمواد الغذائية وأحياناً السيارات، لكن وتيرة العمل لم تعد كالسابق داخل هذه الأنفاق، فأكثر من 80% منها أغلقت وترتب على ذلك شح في البضائع وارتفاع في الأسعار.
عماد أكد أن أسعار مواد البناء كالإسمنت والحجارة والحديد تضاعفت خلال الأيام السابقة، والسبب في ذلك هو أن عدداً محدوداً من الأنفاق ما زال يعمل ولا يكاد يتجاوز العشرة أنفاق، ويضيف قائلاً "الآثار المترتبة على إغلاق الأنفاق لا تقتصر فقط على شح البضائع وارتفاع أسعارها، بل لها تأثير مباشر على مستوى العمالة في غزة، فالنفق الواحد يعمل فيه أكثر من 20 فرداً، وإذا كان في غزة قرابة الألف نفق فهذا يعني أن عشرات الآلاف من الأسر فقدت مصدر رزقها".
من جانبه يقول جمال هاشم، وهو أحد تجار المواد الغذائية، والذي أكد أن 70% من البضائع المصرية اختفت من الأسواق، وما تبقى منها ارتفع سعره لأكثر من 25%، أما البديل عن تلك البضائع فهي المنتجات الإسرائيلية لكنها لا تكفي وحدها وأسعارها تعتبر مرتفعة نسبياً، ما أدى إلى انخفاض مستوى البيع بشكل كبير كما قلت نسبة الأرباح.
أزمة محروقات
ويضيف جمال هاشم "مثلاً الأرز وزيوت الطهي والبقوليات ارتفع سعرها بنسبة 25%، وهذه نسبة تتركنا مع بضاعة لا تباع".
أزمة أخرى ظهرت بوادرها سريعاً في القطاع، وهي أزمة المحروقات، فطوابير السيارات التي تقف على أبواب محطات الوقود التي خلت من البنزين والسولار تنتظر لساعات دون الحصول على الوقود.
عبدالقادر كامل، صاحب مكتب سيارات أجرة يعمل فيه عدد من السائقين يقف عاجزاً عن تلبية نداءات زبائنه، فالسيارات التي تعمل في مكتبه خلت من الوقود المصري، والبديل هو الوقود الإسرائيلي الذي يزيد سعره الضعف عن مثيله المصري.
فقدت مصدراً هاماً
ويقول عبدالقادر إنه "لا يوجد عمل الآن لأننا نقضي أكثر من سبع ساعات في الطوابير على محطات الوقود وكل يوم تزيد الأزمة، الأفضل لنا أن نغلق أعمالنا ونجلس في المنزل".
حكومة حماس في غزة لم تكن هي الأخرى بمنأى عن تلك التداعيات، فهي فقدت مصدراً هاماً من العائدات المالية التي تجنيها من الضرائب والجمارك التي تفرضها على البضائع التي يتم تهريبها من الأنفاق.
فهي تجني أكثر من 150 دولاراً ضريبة مقابل كرتونة السجائر، و17 للطن الواحد من الحديد، و8 دولارات مقابل طن الأسمنت، كما تجني 14% من ثمن السيارة التي تهرب عبر الأنفاق، والأمر مماثل لكافة البضائع الأخرى، فيما المحروقات تشكل نصيب الأسد لحكومة حماس التي تشتري اللتر بنصف دولار وتبيعه بدولار في قطاع غزة الذي يستهلك يومياً ما يقارب المليون لتر من المحروقات.