في تطور لافت، منذ اندلاع التظاهرات المضادة للفساد ونقص الخدمات في مختلف مناطق العراق في 31 تموز الماضي، اتسع الحراك الشعبي مؤخراً بالتزامن مع نبرة عدائية ضد الأحزاب الدينية وتدخل رجال الدين وضد النفوذ الإيراني بالعراق، وهي المرة الأولى التي ترفع فيها شعارات عدائية ضد إيران بهذا الشكل، خصوصاً في مناطق جنوب العراق وتحديداً في محافظة ذي قار.
وتتلخص أبرز مطالب المتظاهرين بإصلاح النظام السياسي بالبلاد، ووقف عمليات الفساد وإحالة المتورطين فيها إلى القضاء، وفصل الدين عن السلطة، وتوفير الخدمات، وشمول الأحزاب وأعضاء البرلمان والقادة العراقيين بسياسة التقشف التي فرضتها الحكومة على المواطنين وطالت قطاعات مهمة وحساسة.
وكان من اللافت مؤخراً تدخلات واضحة لمليشيات مسلحة أبرزها «بدر» و«العصائب» و«حزب الله العراقي»، في ظل توزيع عدد من أعضاء المليشيات منشورات في عدد من مدن الجنوب، يحرضون فيها المتظاهرين على إحراق المباني الحكومية وتفجير أبراج الاتصالات للهاتف المحمول.
إلى ذلك؛ أثارت الاحتجاجات قلق طهران على حلفائها التقليديين في العرق، والمتمثلين في الأحزاب الموالية لها والمليشيات المسلحة ورجال الدين، مما دفعها إلى التدخل بين الأطراف المنازعة.
وحسب مصادر إعلامية، فقد وصل إلى بغداد وفد إيراني، وصف برفيع المستوى، للتوسط بين رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي وسلفه نوري المالكي، بهدف احتواء التظاهرات التي انتشرت في كافة المدن العراقية.
ميدانياً؛ افاد مصدر من داخل ميناء أم قصر في محافظة البصرة بالعراق أنه وبقية زملائه العاملين في الميناء محتجزون منذ ليلة أمس الأول بسبب غلق الطريق المؤدي إلى الميناء من قبل معتصمين من أهالي القضاء يطالبون بالتعيين في الميناء وتحسين الخدمات. وأضاف المصدر أن المعتصمين أغلقوا الطريق المؤدي إلى الميناء، ومنعوا دخول العجلات والأفراد من وإلى الميناء، ما سبب توقفاً تاماً في عمل الميناء. وقال عمار الصافي المتحدث باسم الشركة العامة لموانئ العراق إن عشرات المحتجين الذين أغلقوا بوابتي الميناء الرئيسيتين منذ صباح الجمعة نصبوا خياماً خلال الليل ورفضوا السماح بعبور الشاحنات ومنعوا الموظفين من دخول المنشأة.
واحتج آلاف العراقيين الجمعة في بغداد ومدن بجنوب العراق للمطالبة بإصلاح القضاء والبرلمان والهيئات الحكومية المحلية.
من جانب آخر، ذكر مصدر من قضاء «المدينة» (شمال البصرة) أن معتصمين من أهالي منطقة «ناحية الإمام الصادق» التابعة لقضاء «المدينة» نصبوا خيما للاعتصام احتجاجاً على سوء الخدمات وعدم توظيفهم من قبل الشركات النفطية، وكذلك عدم الالتقاء بهم من قبل رئيس الوزراء حيدر العبادي خلال زيارته الأخيرة لشركة «لووك اويل» الروسية المتمركزة في منطقتهم.
وأضاف المصدر أن الأهالي قاموا بقطع بعض الطرق المؤدية إلى الشركات القريبة من مناطقهم، مؤكدين أنهم ماضون في الاعتصام حتى تحقيق مطالبهم.
وفي سياق متصل، اقتحمت مجموعة مسلحة مجهولة، يعتقد أنهم من أنصار عمار الحكيم، خيمة الاعتصام التي نصبتها مجموعة من الشباب أمام ديوان محافظة البصرة منذ 16 يوماً، وانهالت بالضرب على المعتصمين المتواجدين في الخيمة.
وتداول المعتصمون صوراً ومقاطع فيديو لآثار الضرب على أجسادهم، والتي نقل على أثرها اثنان منهم إلى المستشفى. كما انتشرت صور تظهر آثار التخريب في محتويات الخيمة.
والمجموعة المسلحة التي هجمت على المعتصمين كانت مكونة من حوالي 50 مسلحاً يرتدون زياً عسكرياً ويستقلون 3 سيارات دفع رباعي، وقاموا بسحب الهواتف النقالة والهويات الشخصية والمبالغ النقدية للمعتصمين الذين يبلغ عددهم 15 معتصماً. وقاموا بضربهم بمقابض الأسلحة الرشاشة وإهانتهم وسحبهم إلى خارج الخيمة.
وعبر المعتصمون عن غضبهم من القوة الأمنية الكبيرة المكلفة بحماية مبنى المحافظة التي اكتفت بالتفرج عليهم ولم تقم بحمايتهم، داعين إلى كشف ملابسات هذا الحادث وتقديم الجناة للعدالة.