وجه العاهل المغربي، محمد السادس، خطاباً إلى الأمة، بمناسبة الذكرى الثانية والستين لثورة «الملك والشعب»، والذي أعاد فيه التأكيد على الثوابت الوطنية للملكة المغربية، إضافة إلى رؤيته المستقبلية لأهم القضايا التي تهم المملكة، خصوصاً في المجالات السياسية. وتضمن خطاب العاهل المغربي عدداً من المحاور الهامة، وعلى رأسها الانتخابات المقبلة، وأهم التحديات السياسية والأمنية التي تواجه المغرب، مؤكداً قدرة قوات الأمن المغربية على السيطرة على الحدود والحفاظ على أمن الوطن والمواطن، ومن المحاور التي تضمنها الخطاب:
الانتخابات المقبلة حاسمة
أكد العاهل المغربي، محمد السادس، أن الانتخابات المقبلة، التي تفصلنا عنها أيام معدودات، ستكون حاسمة لمستقبل المغرب، خاصة في ظل ما يخوله الدستور والقانون من اختصاصات واسعة لمجالس الجهات والجماعات المحلية.
وقال «حتى تكون الأمور مفهومة عند عموم المواطنين، فقد ارتأينا أن نوضح لهم مهام كل مؤسسة، ودورها وتأثيرها في حياتهم، لأن من حقهم أن يعرفوا كل شيء عن مؤسساتهم، ليتخذوا القرار ويحسنوا الاختيار».
وأوضح أن «الحكومة مسؤولة، تحت سلطة رئيسها، على ضمان تنفيذ القوانين، وعلى وضع السياسات العمومية، والمخططات القطاعية في مختلف المجالات. كما إن الإدارة موضوعة تحت تصرفها. ومن واجبها تحسين الخدمات الإدارية، وتقريبها من المواطنين.
واعتبر العاهل المغربي أنه «إذا كان عدد من المواطنين لا يهتمون كثيراً بالانتخابات ولا يشاركون فيها، فلأن بعض المنتخبين لا يقومون بواجبهم، على الوجه المطلوب. بل إن من بينهم من لا يعرف حتى منتخبيه».
وقال العاهل «هناك بعض المنتخبين يظنون أن دورهم يقتصر على الترشح فقط. وليس من أجل العمل. وعندما يفوزون في الانتخابات، يختفون لخمس أو ست سنوات، ولا يظهرون إلا مع الانتخابات الموالية» معتبراً أن «التصويت لا ينبغي أن يكون لفائدة المرشح الذي يكثر من الكلام، ويرفع صوته أكثر من الآخرين، بشعارات فارغة أو لمن يقدم بعض الدراهم، خلال الفترات الانتخابية، ويبيع الوعود الكاذبة للمواطنين».
وأكد جلالة الملك أن «هذه الممارسات وغيرها ليست فقط أفعالاً يعاقب عليها القانون، وإنما هي أيضاً تعبير صارخ عن عدم احترام الناخبين» وأن «التصويت يجب أن يكون لصالح المرشح، الذي تتوفر فيه شروط الكفاءة والمصداقية، والحرص على خدمة الصالح العام».
المناصب ليست هدف الانتخابات
أكد العاهل المغربي أن الهدف من الانتخابات «لا ينبغي أن يكون هو الحصول على المناصب، وإنما يجب أن يكون من أجل خدمة المواطن فقط»، وأن «التصويت حق وواجب وطني» بالنسبة للمواطنين.
وشدد أن ذلك «يتطلب من الأحزاب والمرشحين، العمل على إقناعهم، بجديتهم وجودة وواقعية برامجهم، وتوضيح الرؤية أمامهم، وحسن التواصل معهم».
ودعا فعاليات المجتمع المدني والهيئات النقابية، للانخراط، بقوة، في تعبئة وتشجيع المواطنين على المشاركة في العملية الانتخابية، مشيراً إلى «السلطة التي يتوفر عليها المواطن، للحفاظ على مصالحه، وحل بعض مشاكله، ومحاسبة وتغيير المنتخبين»، وقال إنها «تتمثل في كلمة واحدة من ثلاثة حروف (صوت)».
صيانة الأمن وتأمين حدوده
وقال العاهل المغربي إن «المغرب ما فتئ يعمل على صيانة أمنه واستكمال تأمين حدوده، خاصة خلال السنتين الماضيتين»، وهو ما تمكن من تحقيقه بفضل تضافر جهود كل الأجهزة والقوات المعنية.
وأكد أن المغرب لن يقف عند هذا الحد، «بل سنواصل الجهود، بكل يقظة وحزم، من أجل منع أي من كان، من الدخول لبلادنا، بطريقة غير شرعية».
مذكراً بأنه «إذا كنا نعتبر خدمة المواطن هي الغاية من كل السياسات الوطنية، فإننا نضع ضمان أمنه وسلامته، في صدارة انشغالاتنا»، مشيراً إلى أن العالم اليوم، والمنطقة المغاربية والعربية خاصة، تعرف تطورات متسارعة، بسبب تنامي نزوعات التطرف باسم الدين، وتزايد عصابات الإرهاب. وأضاف «لأننا نعرف أن الإرهاب لا دين له ولا وطن، فقد انخرط المغرب في الجهود الدولية، التي تهدف إلى محاربة هذه الآفة العالمية. كما يعمل على الصعيد الوطني، من أجل التصدي للأسباب، التي قد تؤدي إلى التطرف والإرهاب».
وبعد أن ذكر بأن بعض دول المنطقة تعرف أوضاعاً صعبة، بسبب انعدام الأمن، وانتشار الأسلحة والجماعات المتطرفة، أبرز أن المغرب اضطر لاتخاذ مجموعة من التدابير الوقائية، لحماية أمنه واستقراره، منها فرض التأشيرة على مواطني بعض الدول العربية، وخاصة من سوريا وليبيا. وبهذا الصدد، قال « نعبر عن تضامننا مع شعوب هذه الدول، فإننا نتأسف للظروف القاهرة التي دفعت المغرب لاتخاذ هذا القرار. غير أننا نريد أن نوضح أن هذا القرار ليس موجهاً ضد أحد ولا ينبغي فهمه على أنه تصرف غير أخوي تجاههم». وشدد على أن الأمر يتعلق بقرار سيادي.
وبخصوص اللاجئين القادمين من بعض الدول التي تعرف تدهوراً في الأوضاع الأمنية، والذين دخلوا المغرب قبل هذه الفترة، قال «فإني لا أحتاج لدعوة المغاربة إلى معاملة هؤلاء الناس كضيوف، وتقديم كل أشكال المساعدة لهم. كما إني واثق أنهم يشاطرونهم معاناتهم ولا يبخلون عليهم قدر المستطاع».
وفي المقابل شدد على أن «عليهم الالتزام بالقوانين المغربية، واحترام المقدسات الدينية والوطنية، وفي مقدمتها المذهب السني المالكي. وكما تم العمل به سابقاً، فإن كل من يثبت في حقه، أي خرق للقوانين أو الضوابط المغربية، سيتم ترحيله خارج الحدود».
وذكر بأن مواجهة التطرف، «يجب أن تتم وفق مقاربة تشاركية، تقوم على تعزيز قيم الانفتاح والتسامح، التي يؤمن بها المغاربة، ويتكامل فيها النهوض بالبعد الاجتماعي والتنموي، مع الدور الديني والتربوي، إضافة إلى الجانب الأمني».