تمر الذكرى الـ 14 على إنشاء المجلس الأعلى للمرأة بصدور الأمر السامي رقم «44» لسنة 2001، من لدن حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه بإنشاء المجلس الذي يتبع جلالته مباشرة، ويعتبر المرجع لدى جميع الجهات الرسمية فيما يتعلق بشؤون المرأة، ويختص في إبداء الرأي والبت في الأمور المرتبطة بمركز المرأة بصفة مباشرة أو غير مباشرة، وعلى كافة الجهات الرسمية أخذ رأيه قبل اتخاذ أي إجراء أو قرار بذلك.
وتترأس صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة المجلس الذي يتكون من 16 عضوة من الشخصيات النسائية العامة وذوات الخبرة في شؤون المرأة والأنشطة المختلفة ويمثلن كافة أطياف المجتمع البحريني، ويكون للمجلس أمانة عامة فنية برئاسة الأمين العام بدرجة وزير تقوم بتفعيل اختصاصات المجلس وتحقيق أهدافه ووضع الخطط والبرامج المتعلقة بشؤون المرأة وإبلاغ قرارات المجلس وتوصياته إلى الجهات المختصة.
ووضع المجلس الأعلى للمرأة، خلال دورة عملــــه الأولـــى «2001 – 2004»، الاستراتيجية الوطنية للنهوض بالمرأة البحرينية وذلك بفضل الشراكة والتعاون والتفاعل وتضافر جهود جميع المؤسسات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني المعنية بشؤون المرأة، وتحديد رسالته ورؤيته الطموحة بأن تكون المرأة البحرينية «المرأة شريك جدير في بناء الدولة ونموها».
وحرص المجلس مع بداية أعمال الدورة الثانية له «2004 – 2007» على وضع خطة عمل استراتيجية النهوض بالمرأة البحرينية، وقد بدأ العمل الفعلي في ذلك بتنظيم مؤتمر بعنوان «المرأة شريك جدير في بناء الدولة ونموها»، شارك فيه ممثلين عن جميع المؤسسات الرسمية والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني المعنية، أسفر عن وضع الخطة الوطنية لتنفيذ استراتيجية النهوض بالمرأة البحرينية وقد اعتمد المجلس رسمياً هذه الخطة في «6 فبراير 2007» واعتبرت الوثيقة الأساسية لعمله.
ثم انطلق المجلس بتنفيذ محاور الخطة الوطنية لتنفيذ استراتيجية النهوض بالمرأة البحرينية واتخاذ الآليات المناسبة لتنفيذ ذلك بتوقيع مذكرات تفاهم واتفاقات تعاون مع كافة الوزارات والمؤسسات الرسمية المعنية بالتنفيذ، استطاع المجلس من خلالها تحديد أولويات عمله من محاور الخطة وتحقيق ما أمكن من برامج ومشاريع لدعم وتمكين المرأة البحرينية.
ووافق المجلس في الاجتماع الثالث للدورة الرابعة بتاريخ 4 يناير 2012 على مراجعة وتقييم الخطة الوطنية لتنفيذ استراتيجية النهوض بالمرأة البحرينية الذي تضمن أبرز التحديات التي واجهت المجلس في عمله المؤسسي داخل المجلس وخارجه، والوقوف على ما تم إنجازه مع تقديم تحليل متكامل لوضع المجلس الأعلى للمرأة الحالي وشرح لمنطلقات المرحلة القادمة وما يستدعيه ذلك من ضرورة اعتماد آليات حديثة للتواصل والعمل قائمة على التطوير المستمر لارتباط ذلك بما تتطلع له مملكة البحرين واستراتيجيات عملها التنموية.
وفي 23 يناير 2013 استعرضت صاحبة السمو الملكي رئيسة المجلس الأعلى للمرأة لجلالة الملك المفدى الخطوات التي انتهجها المجلس في عملية تحديث وبناء الخطة الوطنية للنهوض بالمرأة البحرينية 2013-2021 التي تمت بشكل علمي وموضوعي، وتوضيح التوجهات المستقبلية لبرنامج عمل المجلس القائمة على الشراكة في بناء التحالفات، بصورة تضمن إدماج احتياجات المرأة في مسار التنمية، وتعتمد على أحداث وقياس أثر فعلي لتحقيق شراكة متكافئة من أجل بناء مجتمع تنافسي مستدام.
واليوم تتجسد نتائج أعمال المجلس الأعلى للمرأة الذي حمل مسؤولية تقدم المرأة البحرينية، برئاسة متميزة وطموحة من لدن صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة، لتضع المرأة البحرينية واحتياجاتها نصب الأعين، وبما يضمن حضورها في قلب عملية التنمية، باعتبارها نصف المجتمع، وتمتلك القدرة والعزم والطموح من أجل نهضة وتنمية بلادها. ووجه عاهل البلاد المفدى جميع الجهات المختصة إلى توفير كافة السبل والدعم والتعاون والتنسيق المطلوب مع المجلس الأعلى للمرأة، لتنفيذ مفردات الخطة الوطنية لاستراتيجية نهوض المرأة البحرينية، من خلال وضع الآليات والبرامج التنفيذية اللازمة لذلك، وتضمينها في المسار التنموي.
وتنطلق الخطة الوطنية لنهوض المرأة من رؤية شمولية واضحة توجه رسالة المجلس الأعلى للمرأة في المرحلة القادمة برؤية تقوم على «شراكة متكافئة لبناء مجتمع تنافسي مستدام»، ورسالة تتلخص في تمكين المرأة البحرينية وإدماج احتياجاتها في برامج التنمية بما يضمن استدامة استقرارها الأسري وترابطها العائلي، وتعزيز مبدأ تكافؤ الفرص لضمان تنافسية المرأة البحرينية واستمرارية تعلمها مدى الحياة، إلى جانب ضمان تعدد وتنوع الخيارات المتاحة للمرأة البحرينية للارتقاء بجودة حياتها في اطار من التشريعات والسياسات الداعمة، والتكامل مع الشركاء والحلفاء في العمل المؤسسي للارتقاء بأوضاع المرأة، وبناء بيت خبرة متخصص في شئون المرأة يتميز بمواصفات ومعايير عالمية وكفاءات وخبرات وطنية.
إن الإنجازات التي حققتها المرأة البحرينية، خاصة عن طريق الجهود الجبارة التي قادتها صاحبة السمو الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة، رئيسة المجلس الأعلى للمرأة، خلال السنوات الـ14 الماضية، لتؤكد أنه آن الأوان لقطف ثمار منظومة القيم التي ترسخت والمشروع الثقافي الشامل الذي تبناه المجلس لتأسيس وتكريس أطر حماية وتمكين المرأة في المجتمع، ولعل أبرز هذه الثمار والنتائج الإيجابية الواضحة، والتي يشهد عليها الجميع، ويتلمسون ملامحها هنا وهناك، تلك الثقة الكافية التي باتت تتمتع بها المرأة في البحرين، وكفلت لها نيل كافة حقوقها، وضمنت لها ممارسة دورها الإنساني الكامل في الفعل والإرادة.
ويستطيع القارئ المدقق أن يكشف وبوضوح كيف استطاعت المرأة البحرينية وبفعل الاهتمام الذي تحظى بها والاحتفاء بدورها بالنظر إلى ما تتمتع به رائدات الأعمال البحرينيات، وكذلك السيدات العاملات في شتى مواقع العمل ومستوياته، ناهيك عن مشاركتهن في إدارة مجتمعاتهن سواء على المستوى المحلي منها أو الوطني.
والأمثلة هنا لا تعد ولا تحصى، وقد أفاضت فيها كتابات عديدة أبرزت كيف ساهمت المرأة في نهوض وطنها، وكيف مارست حقها في المشاركة والتواجد، خاصة بالنظر لدورها السياسي، حيث نيل عضوية ورئاسة بعض لجان مجلسي الشورى والنواب، وكيف نجحت الدولة وعبر المجلس الأعلى للمرأة في الاهتمام بالمتفوقات والنماذج النسوية الناجحة في مجالات الدراسة والعمل المختلفة، وتوفير البيئة المحفزة لهن، وتأهيلهن التأهيل الكافي لمتطلبات الحياة والعمل المناط بهن، علمياً وفنياً وخبراتياً، حتى وضعن موضع الاختبار الفعلي في الإدارة والقيادة في كافة مؤسسات الدولة، العامة منها والخاصة والأهلية، وإظهار قدراتهن على العمل وسط الضغوط وفي أية ظروف، وكسب ثقة الغير في أي مواقع يشغلنها.
ولم يكن غريباً أن يلحظ متابعون هذا الاهتمام الذي توليه القيادة الرشيدة بكل نجاح تحققه المرأة البحرينية في كافة المجالات، كما لم يكن غريباً أن تسجل التقارير الدولية المتخصصة التي تتعاطى مع أوضاع البحرين الاجتماعية والإنسانية، هذا الاحتفاء المتعاظم بطموح البحرينيات الذي لا حدود له، ومشاركاتهن الفاعلة من أجل بناء الوطن ونمائه ورخائه، بفضل ما تتمتع به من ثقة وكفاءة أسهمت في تحقيق إنجازات يشهد بأثرها الجميع، وهو ما يعول عليه في المرحلة المقبلة من مراحل العمل الوطني، حيث باتت تطالب المرأة البحرينية بقيادة جهود التغيير الإيجابي نحو الأفضل، وإيلاء مزيد من الاهتمام بقضايا المجتمع ككل، لتكون المرأة وبحق شريكاً جديراً في صعود الدولة ونهضتها.