يثير مستقبل الاتفاق النووي بين إيران والولايات المتحدة أسئلة كثيرة في طهران، مع قرب الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، والتي يسعى الجمهوريون الذين يوجهون انتقادات حادة لهذا الاتفاق للفوز بها.
ورغم التوتر المستمر وانعدام الثقة المتبادل، فإن الحكومة الإيرانية والرئيس الأمريكي باراك أوباما شريكان في هذه المعركة، وأعلنا لجمهوريهما أن اتفاق 14 يوليو هو أفضل اتفاق ممكن.
ولكن قبل 15 شهراً فقط من الانتخابات الرئاسية الأمريكية، فإن معارضي هذا الاتفاق التاريخي، وخصوصاً من يسعون للحلول مكان أوباما، يصبون جام غضبهم عليه.
ولم يتعهد أي مرشح جمهوري بارز بدعم هذا الاتفاق الموقع بين إيران والولايات المتحدة والدول الخمس الكبرى، فيما وعد عديدون بإلغائه في حال انتخبوا.
وصرح المرشح الجمهوري إلى الرئاسة جيب بوش أن «الاتفاق مع إيران مهزلة»، وأضاف أن قواعد تفتيش المواقع النووية الإيرانية غير واضحة.
وقال الأستاذ في جامعة طهران فؤاد أزادي، وهو محلل سياسي تلقى جزءاً من تعليمه في الولايات المتحدة، إن هذه التدخلات تثير شكوكاً في إيران حول ما إذا كانت الولايات المتحدة «قادرة على المضي قدماً».
وأضاف «إذا وصل شخص مجنون إلى البيت الأبيض فهناك إمكانية لانهيار الاتفاق (....) ليست الأشهر الـ18 المتبقية هي التي تقلقني، بل ما سيحدث عند ذهاب أوباما. الناس قلقون بشأن ذلك».
عندما تم التوصل إلى الاتفاق النووي، الذي يسمح برفع العقوبات الدولية المفروضة على إيران في مقابل فرض قيود على برنامجها النووي، برزت المواقف المعارضة لهذا الاتفاق، وخصوصاً من إسرائيل.
ومنذ ذلك الحين لم تتوقف معركة المرشحين والنواب الجمهوريين ضد الاتفاق.
وقطعت العلاقات الدبلوماسية بين إيران والولايات المتحدة، اللاعب الدولي الرئيس في المحادثات بقيادة وزير الخارجية جون كيري، في العام 1980، بعد مرور عام على الثورة الإسلامية. وازداد العداء تجاه إيران، بالنسبة إلى كثير من الأمريكيين وبينهم نواب في الكونغرس، جراء عملية احتجاز 52 أمريكياً رهائن في سفارة واشنطن في طهران لمدة 444 يوماً.
ومن المتوقع أن يجتمع الكونغرس، الذي يسيطر عليه الجمهوريون، بمجلسيه في سبتمبر لتمرير قرار يعارض الاتفاق النووي، علماً بأنه من غير المرجح حتى الآن أن يتمكن الجمهوريون من جمع غالبية الثلثين لتحقيق ذلك. وإذا تمكنوا فسيلجأ أوباما عندها إلى الفيتو.
ويبقى للجمهوريين الوصول إلى البيت الأبيض في نوفمبر 2016 لمواجهة هذا الاتفاق.
واعتبر المحلل السياسي والاستراتيجي أمير محبيان، الذي تربطه علاقات وثيقة مع القيادة الإيرانية، أن الجمهوريين يقدمون «مخرجاً» لإيران بشأن الاتفاق النووي ربما من غير قصد.
وأضاف «إذا كان أوباما غير قادر على إدارة هذا الصراع بين الجمهوريين والديموقراطيين نستطيع أن نقول للعالم (فعلنا كل ما في وسعنا) لكن إيران لن تكون السبب في فشل الاتفاق».
وتابع «لا يمكن لأحد القول إن إيران لم تبد مرونة ولم تكن ترغب في حل المشكلة. سينظر إلى الموضوع على أنه خطأ الولايات المتحدة».
وقال محبيان إن مثل هذا الموقف يجعل من أي خيار آخر بشأن البرنامج النووي الإيراني، بما في ذلك الخيار العسكري صعباً.
وأضاف «بعد هذه المحادثات، أي تحرك جاد متعدد الأطراف ضد إيران، سيكون صعباً على الولايات المتحدة تبريره للدول الأوروبية، وخصوصاً بعد العراق. وإذا ما اتخذت الولايات المتحدة قراراً أحادياً فسيكون أسوأ بالنسبة إليهم». وتتزامن المعركة في الكونغرس بشأن الاتفاق مع حملة إعلامية في واشنطن وطهران.
وأجرى وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، المفاوض الإيراني الرئيس في المحادثات النووية، عدة لقاءات إعلامية رفيعة المستوى مؤخراً في العاصمة طهران حول الاتفاق. ورغم معارضة الكونغرس، وانتقادات بعض الجنرالات في إيران، قال ظريف في 29 يوليو إنه ليس «متوتراً أو قلقاً» من أن شروط الاتفاق ستنفذ بالكامل في غضون أشهر.
لكن المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي لم يعلن دعمه للاتفاق.
ورغم إشادته بظريف والمفاوضين الإيرانيين، هاجم خامنئي الولايات المتحدة التي اتهمها بالسعي إلى «التسلل» إلى إيران عبر الاتفاق النووي.
وقال إن الولايات المتحدة «تعتقد أنها ستجد بالاتفاق وسيلة للتسلل إلى البلاد. لن نسمح بأي تدخل سياسي أو ثقافي. وبكل قوانا -الكبيرة بفضل الله- سنقاوم هذا التدخل».
وفي هذا السياق، أشار محبيان إلى أن أحداً من المرشحين الجمهوريين لم يقدم بديلاً واضحاً.
وأضاف «لم تظهر الولايات المتحدة أي إشارة إلى أن قيادتها السياسية قوية كما تدعي»، في إشارة إلى الانقسام بين الكونغرس والبيت الأبيض. وقال إن «عدونا لا يتصرف بعقلانية».