وصفت أمسية فكرية نظمها نادي مدينة عيسى التصريحات الصادرة من جهات رسمية في إيران بحق البحرين بأنها ممارسات غير مسؤولة في العلاقات الإقليمية والدولية وتتناقض مع مبادئ الأمم المتحدة والقانون الدولي ومنظمة التعاون الإسلامي، لافتة إلى أن مثل هذه التصريحات العدائية والاستفزازية تعكس تدخل نظام طهران السافر في الشؤون الداخلية للبحرين، وهو أمر غير مقبول بالمرة ومرفوض جملة وتفصيلاً.
وطالبت الأمسية الفكرية التي جاءت تحت عنوان (مبدأ احترام سيادة الدول وفقاً للقانون الدولي.. التدخلات الإيرانية في الشأن البحريني نموذجاً)، إيران بالاختيار بين الالتزام بممارسات الدول المتحضرة أو إدراجها ضمن مصاف الدول المستهدفة بالعقوبات لدعمها للإرهاب ما يضعها تحت طائلة الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، مؤكدة أنه ليس من مصلحة إيران الاستمرار في سياستها العدوانية والتدخل في شئون البحرين الداخلية وتمويل الإرهاب وإيواء الإرهابيين.
وجاء في الأمسية «إن من مصلحة إيران العمل مع الدول الخليجية للحفاظ على الأمن والسلم الإقليمي والدولي، والحد من التوترات التي تشهدها المنطقة بفعل المشكلات التي تعاني منها، والتي يجيء بعضها بفعل تدخلاتها غير المرغوبة»، مشيرة إلى أن المخاوف من خطورة الاتفاق النووي مع إيران وتأثيرها على زيادة الدور الإيراني التدخلي في شؤون المنطقة لها ما يبررها، الأمر الذي يتطلب سرعة العمل خليجيا من أجل الوحدة والتكامل لوقف مثل هذه الممارسات.
وذكرت الأمسية التي حضرها نخبة من السياسيين والنواب والمفكرين والمواطنين، أن الدولة الإيرانية يتعين عليها أن تدرك أن مملكة البحرين دولة مهمة في المجتمع الدولي وفي محيطها الإسلامي وعمقها العربي والخليجي، وأنها لن تقبل مطلقاً أي محاولة لتعكير صفو أمنها واسقرارها الداخلي ووحدة صف مواطنيها والتفافهم حول قيادتهم.
وعرف المستشار القانوني والأمين العام السابق للمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان د. أحمد الفرحان، عرف مبدأ التدخل في شؤون الدول من وجهة نظر فقهاء القانون الدولي، مشيرا إلى أن مفهوم مبدأ التدخل من أساسيات القانون الدولي وليس شأناً سياسياً كما يعتقد البعض، وقال إن مفهوم السيادة الدولية في القانون الدولي هو بسط الدولة سيطرتها على إقليمها وأرضها ومواطنيها، وفكرة التدخل تأتي من الاعتداء على تلك السيطرة.
وقدم الفرحان شرحاً لأسباب التدخلات الدولية قائلاً إنها تنبع من هدف دولة قوية لتحقيق مكاسب سواء اقتصادية أو اجتماعية أو لفرض أيديولوجية معينة، وقد يكون التدخل بأنواع مختلفة مثل القوة المسلحة أو بأساليب وآليات أخرى لفرض سيطرتها بشكل مباشر أو غير مباشر، وأكد أن تلك التدخلات لن تنتهي بحسب ما اتفق عليه فقهاء القانون الدولي وذلك بسبب تعارض المصالح بين الدول، لكن تحاول جميع الدول جعل التدخلات وفق قوانين ومبادئ ومن خلال أجهزة بين الدول الأعضاء في الأمم المتحدة.
وأوضح أنه في حالة تدخل دولة ما في شؤون أخرى، مثلما يحدث حالياً من إيران وضد المصالح الوطنية للمملكة، يتعين عليها اتخاذ ما تراه لازماً لحماية أمنها بشكل مباشر، أو اللجوء إلى الأمم المتحدة لإيجاد حل، وهو ما يبرر للبحرين القيام بما يلزم لتأمين جبهتها الداخلية والحفاظ على سلامة أمنها الاجتماعي.
وتحدث النائب السابق والمحامي فريد غازي عن تاريخ البحرين وكيف برز الدور الاستراتيجي لها في المنطقة مما أحدث تغييراً في السياسة الإيرانية تجاهها، بعد أن ادعت بحقوق لها في البحرين، موضحا أن مبدأ السيادة الذي يعزز حسن الجوار قائم على مبدأ عدم التدخل في شئون الدول وهما من المبادئ المستقرة في القانون الدولي بحسب نص ميثاق الأمم المتحدة في المادة الثانية الفقرة السابعة، كما جاء في إعلان مبادئ القانون الدولي المتعلقة بالعلاقات الودية والتعاون بين الدول الصادر بمقتضي التوصية 2625 بتاريخ 24 أكتوبر 1970 الصادر عن الجمعية العامة، مشيراً إلى أهم تطور طرأ على المبدأ هو ما نصت عليه التوصية 36/103 الصادرة بتاريخ 9 ديسمبر 1981، والتي نصت على واجب الدول بالامتناع عن استغلال أو تشويه المسائل المتعلقة بحقوق الإنسان بغية التدخل في الشؤون الداخلية لدول أخرى.
وأشار غازي إلى أن المبادئ السابق ذكرها تؤكد أن تصريحات المسؤولين الإيرانيين تعد تدخلاً في الشؤون الداخلية للبحرين، لافتاً إلى أن ما يميز تلك التصريحات أنها صادرة من جهات رسمية في الدولة وهو ما يوصمها بالممارسات غير المسؤولة في العلاقات الإقليمية والدولية وتتناقض مع مبادئ الأمم المتحدة والقانون الدولي ومنظمة التعاون الإسلامي، وتمثل انتهاكاً لمبادئ حسن الجوار وتعتبر تعدياً على سيادة دولة عضو بالأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي.
وقال إن على إيران أن تختار بين طريقين في المجتمع الدولي: طريق الالتزام بممارسات الدول المتحضرة في احترام القانون الدولي ومبدأ عدم التدخل في شؤون الدول الداخلية ومبدأ حسن الجوار المبني على احترام مبدأ السيادة بشكل كلي أو اختيار طريق عدم احترام القانون الدولي وهو ما سينعكس بالسلب عليها ويضعها في مصاف الدول التي تستهدفها المنظومة الدولية بالعقوبات لدعمها للإرهاب.
وأوضح غازي أنه بتولي أحمدي نجاد رئاسة إيران من 2005 حتى 2013 شهدت العلاقات الخليجية الإيرانية انتكاسة، حيث كانت له تصريحات نارية ضد دول الخليج، مشدداً على أن هذا التدخل لا يمكن قبوله في المجتمع الدولي. وقد تبنت دول الخليج مجتمعة سياسة حسن الجوار مع الدولة الإيرانية واحترام سيادتها الوطنية رغم ما تعانيه طهران من المشاكل السياسية والاجتماعية والاقتصادية، حيث تواجه وضعاً متفجراً من المعاناة والتذمر في أوساط شعبها برز منذ أحداث 2009.