دشنت الأوقاف الجعفرية أمس مشروع إعادة المحراب التاريخي لمسجد الرفيع (الجمالة) في البلاد القديم.
وقال رئيس الأوقاف الجعفرية الشيخ عبدالمحسن العصفور أن إنجاز المشروع يعد ثمرة من ثمار التعاون والشراكة بين الأهالي وإدارة الأوقاف. واضاف نأمل أن يكون تدشين المشروع باكورة لإنجازات أكبر لحفظ موروثاتنا التي تشكل كنوزاً زاخرة لا تقدر بثمن.
وأكد آل عصفور أن حفظ التراث الديني والوطني للبحرين مسؤولية جسيمة مشتركة تقع على عاتق جميع مؤسسات وأفراد هذا المجتمع المعطاء، مشيراً إلى أن موروثاتنا الدينية والوطنية تشكل بحق كنوزاً زاخرة لا تقدر بثمن، لأنها تعبر عن مدى تجذر وأصالة ارتباط أهل البحرين بالإسلام منذ الصدر الأول».
وأكد رئيس الجعفرية أنّ إنجاز مشروع إعادة المحراب الأثري هو ثمرة تعاون وشراكة بين الأهالي وإدارة الأوقاف، والمتمثل في إعادة الحجر التاريخي لمسجد الرفيع في البلاد القديم بعد أن قيض له الحاج عبدالله السعيد أحد جيران المسجد حيث التقط حطام المحراب الأثري من بين ركام أطلال المسجد بعد هدمه والذي تذكر المصادر أنه كان ثاني مسجد بني في البحرين بعد المشهد ذي المنارتين (مسجد الخميس).
وأعرب آل عصفور عن شكر الأوقاف وتقديرها لجميع من تعاون لتحقيق هذا الإنجاز الذي نأمل أن يكون باكورة لإنجازات أكبر لحفظ موروثاتنا التي تشكل بحق كنوزاً زاخرة لا تقدر بثمن» داعياً الجميع إلى العمل في سبيل حفظ تاريخ هذا الوطن، الكبير بأصالته وهويته الإسلامية والعزيز بتراثه الحافل.
وأكد أنّ ما تقوم به إدارة الأوقاف الجعفرية يدخل في صميم اختصاصها وضمن مسؤولياتها التي تضطلع بها، وقد بادرت خصوصاً ضمن توجهات مجلس الأوقاف إلى العديد من الخطوات الجادة الرامية إلى حفظ التراث والموروث الديني الذي يعبرّ ويعكس مدى تجذر وأصالة ارتباط أهل البحرين بالإسلام منذ الصدر الأول».
وأشار إلى التركيز في تطوير الهيكل الوظيفي لإدارة الأوقاف الجعفرية على الاهتمام بهذا الجانب وتم لأول مرة استحداث وحدة البحث التاريخي والآثار علاوة على وحدة الفن المعماري الإسلامي وتضم الوحدتان نخبة من المهرة المتمرسين في حقليهما».
وأردف آل عصفور قائلاً: «وضعنا خطة طموحة لتوظيف كل طاقات وحدة العمارة الإسلامية لإضفاء جمال فنون الزخرفة الإسلامية وإبداعاتها في كافة الجوامع والمساجد والمآتم لاسيما التاريخية منها بقدر الإمكان على أن تتواصل تباعاً في مختلف مناطق المملكة»، ونوه إلى أنّ إحياء التراث الديني لا يقتصر على رصد الحركة المعمارية الإسلامية فقد كان هناك ما هو أهم منه وهو الحركة العلمية والنتاج العلمي لعلماء البحرين على امتداد قرون العهد الإسلامي المجيد لهذه الأرض الطيبة المعطاءة .
ودعا آل عصفور لحفظ التراث العلمي لعلماء البحرين على مدى العصور، موضحاً أن «هناك جهوداً مضنية بذلناها على امتداد ثلاثة عقود لجمع تراث علماء البحرين العلمي من الدول المجاورة وقد تمكنا ولله الحمد من جلب ما يزيد على الألف وخمسمائة مصورة لمخطوطات مصنفاتهم النفيسة في شتى علوم المعرفة الإنسانية والإسلامية جمعناها تحت سقف واحد بعد سنوات متمادية من البعثرة والشتات والتي نأمل أن تشكل قاعدة لإحيائها بالتحقيق والنشر وجعلها في متناول الجميع لتكون مشاعل هداية وإلهاماً للصحوة العلمية والحضارية في المنطقة».
من جانبه نقل الباحث التاريخي الحاج عبدالله السعيد شكر وتقدير أهالي البلاد القديم إلى الأوقاف الجعفرية رئيساً وإدارة على جهودهم المضنية واستجابتهم لمطالب الأهالي التي امتدت على مدى سنوات طويلة حتى تكلل هذا التعاون بالنجاح في إعادة المحراب التاريخي إلى موضعه الأصلي، وقال:«إن المسجد الرفيع هو المسجد الثاني بعد المشهد ذي المنارتين، وقد بني متزامناً مع بناء المشهد وبفارق بضع سنين، والأوقاف الجعفرية الحالية أنجزت ما عجز عنه الآخرون، فبرز محراب المسجد في أبهى حلة، وأجمل صورة بعد أن طاله التخريب، فأصبح الآن تحفة جميلة تسر الناظرين».
وأضاف: «باسم أهالي البلاد القديم نهديكم جميعاً الشكر والتقدير، وها نحن وأنتم قد وقفنا سوياً لنسجل تذكاراً لترميم محراب مسجد الرافعية، حيث هكذا كان يسمى قديماً ثم مسجد جمال الدين وهو أحد أجداد الشيخ علي بن حسن وهو مؤلف كتاب «أنوار البدرين»، ثم مسجد جمالة وفي الوقت الحاضر المسجد الرفيع».
وأعرب الكاتب عقيل ميرزا (من أهالي البلاد القديم) عن سعادة الأهالي بهذا الإنجاز الذي يكرس التعاون المثمر لحفظ تاريخ المنطقة وتاريخ هذا البلد المعطاء والشامخ، وما كان لهذا الإنجاز أن يتحقق لولا تضافر جهود الحاج عبدالله السعيد والأهالي مع إدارة الأوقاف الجعفرية متمثلة في الشيخ محسن آل عصفور، وإن المرء لتغمره السعادة وهو يرى استجابة الأوقاف لمطالبات الأهالي التي سبق وأن أثرناها عبر الصحافة قبل عام من الآن».
يذكر أنّ المسجد الرفيع يقع في البلاد القديم، ويعد ثاني أقدم مسجد في البحرين بعد (المشهد ذو المنارتين) الذي اشتهر بمسجد الخميس وكانت أساسات المسجد تبلغ أكثر من 10 أقدام ولذلك يطلق عليه اسم (المسجد الرفيع)، وقد رجح بعض المؤرخين أنه بني قبل السنة الخامسة عشرة للهجرة النبوية. وقد عثر في هذا المسجد على أكثر من نقش أثري أحدهم نقش المحراب الصخري، وقد نقش عليه أسماء النبي الأكرم (ص) وأهل بيته الطاهرين (ع).والتجديد الأول للمسجد تم في السنة السبعمائة وسبع وثمانين للهجرة حيث أضيف له رواق ثانٍ، وقد مر المسجد بمراحل عديدة من التجديد والترميم وتبديل الاسم.
ولم يبق من معالم هذا المسجد سوى حجر المحراب الأثري، واحتفظ الحاج عبدالله السعيد بحجر المحراب بعد عملية هدم وإعادة بناء المسجد في 1994. وبتوجيه ومتابعة وإشراف من رئيس الأوقاف الجعفرية تم تصميم محراب وفق هندسة إسلامية بديعة وأعيد حجر المحراب التاريخي إلى موضعه الأصلي في أغسطس 2015.
وحضر حفل التدشين عدد من أعضاء مجلس الأوقاف والقائم بأعمال مدير الإدارة وعدد من المسؤولين وأهالي البلاد القديم.