حاورته – فاطمة عبدالله خليل:
سلط رئيس مجلس إدارة الجمعية البحرينية للمسؤولية الاجتماعية خالد القعود الضوء على موضوع الدعم الحكومي والدور الغائب نسبياً للقطاع الخاص في دعم عجلة التنمية والاستدامة في البحرين، مشيراً لأهمية تأسيس محفظة مالية تديرها الدولة تمول من قبل القطاع الخاص لدعم المشروعات التنموية، جاء ذلك في حوار للقعود خص به «الوطن». وقال القعود إنه في الأشهر الثلاثة الأولى لبداية أي عام نرى تصريحات من البنوك المحلية أو الإقليمية التي تعمل في البحرين وكذلك قطاعات مختلفة تشتمل على قطاع الصناعة والقطاعات الخدمية بأن أرباحهم تفوق الملايين وبأرقام يعجز المرء في بعض الأحيان عن استيعابها، ولكن لو نظرنا إلى هذا الكم المجمل في هذه الأرباح يأتي لنا سؤال مهم وهو كم من نسبة هذه الأرباح خصصت لدعم عجلة النمو في مملكة البحرين، أو لننظر إلى الوضع الحالي والذي من خلاله نكن لحكومة البحرين كل التقدير على ما قامت به من دعم للمجتمع في شتى المجالات؛ سواء في دعم السلع الأساسية أو دعم الطاقة بالكهرباء والنفط، أو حتى تمكيناً للمستثمرين في قطاعات العمل أو من لم يحالفهم الحظ في تطوير منشآتهم وكامل الدعم لهم عن طريق «تمكين».
وحول موجة التذمر الشعبية جرّاء قرار رفع الدعم عن بعض السلع، كشف القعود أن هناك تذمراً كبيراً من فئات مختلفة تلوم الحكومة على موضوع تخفيف الدعم أو إيقافه، في مطالبة مستمرة بأن تحتذي البحرين بدول أخرى كالولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية، ولكن السؤال.. هل كان هناك فهم واضح لدى هؤلاء بأن هذه الدول تفرض ضرائب على جميع الأمور سواء كانت استهلاكية أو خدمية؟!!
وأوضح القعود أنه على الشركات الخاصة والقطاعات الصناعية أن تساهم ولو بنسبة قليلة من الأرباح التي تجنيها كل سنة لدعم ما تقوم به الحكومة؛ فلو حصدنا الإجمالي لأرباح البنوك في 2014 وأضيفت إليه أرباح القطاعات الصناعية والخدمية وتم استقطاع ما يقارب 2 إلى -3% فقط من هذه الأرباح، لزاد الدعم بالبحرين، ولا أقصد القول إن هذه المبالغ أو النسبة -التي من الممكن رفعها إلى محفظة تدار من قبل الحكومة- تخصص لزيادة ومواصلة دعم الخدمات والسلع، بل إن هذه إحدى الالتزامات التي يجب أن توفيها القطاعات الخاصة، في الوقت الذي تستفيد فيه بأراضٍ مجانية أو بإيجارات مخفضة جداً، لكي تقيم مصانعها عليها، ناهيك عن رمزية المبالغ التي يدفعونها نظير الطاقة المستخدمة، وكذلك ما يحصدونه من خدمات سواء من وزارة العمل أو تمكين وغيرهما، ولذلك.. فإن فكرة المحفظة تلك إنما هي قائمة على التزام أكثر مما هو تعاطف مع الوضع الحالي.
وكشف القعود أن أكثر الشركات العائلية تقوم ببناء مشاريع تنمية مستدامة في البحرين، ونذكر منها ما تقوم به مشكورة عائلة كانو، الذين أقاموا الكثير من المستشفيات في البحرين وأكثر من 13 دار عبادة، وصالات المناسبات التي تقدم لمن أراد استخدامها بمبالغ رمزية جداً تكاد لا تذكر، والهدف من كل هذا خدمة المجتمع لأعوام قادمة. وأقصد من هذا أنه لو احتذت الشركات الخاصة والبنوك مثل هذه المبادرات لعشنا في رفاهية تواكب بعض الدول في الخليج العربي، وقال إن المسؤولية الاجتماعية للشركات يجب أن تكون إلزامية، وتوجه الأموال المخصصة من هذه القطاعات باختلافها لبناء مشاريع تنمية مستدامة، ويجب ألا تهدر هذه المبالغ في المشاريع الوقتية والتي تكون منفعتها في فترة بسيطة من الزمن.
وحول إلزامية المسؤولية الاجتماعية للشركات وتحديدها على هيئة نسبة من الأرباح بدلاً من تنفيذ مباشر من قبلهم لمشروعات تخدم المجتمع، أضاف القعود:» لأنه ببساطة يؤسفنا هدر الكثير من الأموال -التي تضعها بعض المؤسسات في مجال المسؤولية الاجتماعية- في غير وجهتها الصحيحة والتي تخدم مملكة البحرين، فبعضهم يقوم بإنفاقها خارج ما هو منصوص عليه، وفي أوجه لا تشكل عائداً ملموساً للبلد ومواطنيه، بقدر ما تستهدف إبراز الشخصية التي تدير هذه المنظمات».
واقترح القعود بعضاً من المشروعات التي يمكن من خلالها مساهمة الشركات في المسؤولية الاجتماعية، منها:1. لو فتحت أبواب هذه القطاعات لتدريب الخريجين من الجامعات والباحثين عن العمل، تدريباً صحيحاً وليس تدريبات شكلية، وتوظيف أصحاب الكفاءات المتميزة منهم، لتم الحد من مشكلة البطالة.2. لو وجد اتحاد للقطاعات الخاصة تساهم فيه جميع الشركات لبناء المشاريع المستدامة في البحرين، يدار من قبل لجنة مستقلة تعين من قبل الحكومة لأصبح لدينا الكثير من المشاريع التي ستغطي احتياجات المملكة من مستشفيات ومدارس وغيرها.3. لو بني مقر لتثقيف وتدريب الأسر المنتجة وتحويلهم من أسر منتجة إلى رواد أعمال لزاد مدخولهم وتواجدت لدينا فرص عمل للعاطلين، فضلاً عن إسهام مشروع كهذا في زيادة الدخل القومي.4. لو كان هناك تبنٍ لبناء خطة متكاملة لإبراز البحرين كمعلم سياحي عن طريق مشروع متكامل لزادت لدينا فرص العمل وأسهمنا في نشر ثقافة البحرين إلى العالم الخارجي، بكل ما تمتلكه من إرث حضاري وتاريخي وثقافات ومواقع سياحية نفتخر بها.5. لو كان هناك تكاتف من قبل القطاعات الخاصة لدعم المشاريع المتعثرة لأوجدنا حلولاً كثيرة للمشاكل الاقتصادية.
وفي إجابته على سؤال عن الدور الذي يجب أن تضطلع به الجمعية البحرينية للمسؤولية الاجتماعية في هذا الشأن، قال القعود على المجتمع المدني فهم وإدراك أن الحكومة تقوم بكل ما لديها من سبل لتطوير عجلة النمو في البحرين، ونحن كجمعية مسؤولية اجتماعية علينا إبراز وتوضيح مفهوم المسؤولية الاجتماعية للشركات، وأن نناشد الجميع في القطاع الخاص على الالتزام بتلك المسؤولية، إذ يشتمل دوره على التنمية والاستدامة وخلق الفرص للقاطنين على أرض هذا الوطن.
وختم القعود حواره بالقول:»علينا أن نقف ملياً على حقائق الأمور، وألا تكون مقارناتنا للبحرين مع دول أخرى كالولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية لأنها مقارنة مجحفة، فلدينا في البحرين خدمات مجانية أو شبه رمزية يدفع المواطنون والمقيمون على أراضي تلك الدول تكاليفها، ففي البحرين الانتفاع من خدمات المستشفيات للعلاج مجانية أو بمبالغ شبه رمزية، والتعليم الذي شهد قفزة نوعية من ناحية الجودة والتطور، والذي يستفيد منه أبناؤنا في البحرين، أيضاً مجاني، ولو نظرنا لدعم رواد الأعمال في مملكة البحرين؛ فالدعم يصل إلى 50% لمشاريعهم عن طريق تمكين، فضلاً عن دعم وزارة العمل للعاطلين وتأمين وظائف لهم ضمن برنامج التوظيف، لو نظرنا للتمويل المقدم من وزارة الإسكان أو الوحدات السكنية وهذا كله معدوم في الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية، فضلاً عن أن مملكة البحرين حتى هذا اليوم لا تفرض ضرائب فيما تفعل كثير من الدول الأخرى.. ولذلك علينا أن نشكر حكومتنا».