يستعد أبناؤنا بعد أيام قلائل لاستقبال العام الدراسي الجديد بعد الإجازة الصيفية الطويلة بعيداً عن مقاعد الدراسة، حيث تفاوتت آراء الأبناء أنفسهم عن هذه الإجازة وكيف تم قضاؤها واستغلالها... فالبعض منهم استغل أوقات الفراغ بما عاد عليه بالنفع والفائدة، والبعض الآخر من الأبناء قضى أكثر أوقات الإجازة باللعب واللهو والنوم معتبراً إياها بمثابة فاصل للراحة بعد عناء عام كامل في الدراسة والمذاكرة.
وأياً كان رأي كل واحد منهم ففي النهاية سيذهب الجميع للمدرسة، وينتظمون في صف دراسي واحد بغض النظر عما فعلوه أو مارسوه في الإجازة الصيفية، والذي يهمنا هنا هو ما هي الطريقة المثلى التي يستطيع من خلالها الآباء تهيئة الأبناء لاستقبال العام الدراسي الجديد بلا مشاكل أو صعوبات تعيق ذهابهم للمدرسة.. فأكثر الآباء يعانون في بداية العام الجديد من صعوبة في تهيئة الأبناء للتأقلم مع الوضع الجديد بعيداً عن العادات التي اكتسبوها أو الأفعال التي مارسوها في الإجازة والتي قد تتعارض مع وقت الدراسة وكيفيتها.
فأغلب الآباء يريدون من الأبناء تغيير هذه العادات في غضون ساعات أو أيام معدودة... وهذا الأمر صعب فالابن لكي يتحول من عادة إلى أخرى فإنه يحتاج إلى وقت لكي يتركها أو يتخلص منها، فما اعتاده في الأيام السابقة من السهر إلى أوقات متأخرة من الليل، والنوم إلى أوقات متأخرة من النهار، واللعب لساعات طويلة خارج المنزل والتي كانت السمة البارزة للإجازة وأيضاً قلة المراقبة من الآباء لما يقوم به بحكم التخفيف عنهم والبحث عن راحتهم وسعادتهم.
فيتطلب من الآباء جهداً مضافاً، وتهيئة متواصلة لكي يترك الأبناء هذه العادات، ويمتثلون لما يريده الآباء منهم ولكي يصل الأبناء لهذا فلابد للآباء من تهيئتهم تهيئة شاملة بحيث يراعون فيها جميع الجوانب، وأهمها هي:
-1 التهيئة النفسية:
من خلال التذكير الدائم للأبناء باقتراب أيام الدراسة وعدم تركهم... وفتح الباب أمامهم، ومناقشتهم عن طموحهم في الفصل القادم وكيفية استعدادهم لاستقبال العام الدراسي الجديد... وكذلك قراءة نماذج واقعية للناجحين ممن اجتهد في حياته العلمية حتى بلغ أعلى المراتب.. وبيان فضلهم والحث على منوالهم وبيان منزلة العلماء العالية... وحثهم على البذل وذكر الأخبار والقصص عن أسلافنا السابقين الذين جادوا بأنفسهم وتركوا راحتهم لطلب العلم وكما قال الشاعر: ومن يصطبر للعلم يظفر بنيله....... ومن يخطب الحسناء يصبر على البذل
ومن وسائل تهيئة الأبناء نفسياً أن يطلب الآباء من أبنائهم كتابة الإيجابيات والسلبيات من وجهة نظرهم ثم مناقشة ما تم كتابته بتعزيز النقاط الإيجابية التي دونوها ومحاولة إيجاد حلول عملية للسلبيات أو الصعاب التي تواجههم في أيام الدراسة ليكون لدى الابن خلفية كافية عن كل ما يهمه أو يعكر صفو عامه الجديد.
-2 التهيئة البدنية:
بمحاولة حثهم على النوم المبكر، وعدم السهر لساعات متأخرة من الليل، ومحاولة إيقاظهم في ساعة مبكرة من النهار... ومن التهيئة البدنية للأبناء لاستقبال عامهم الدراسي الجديد مساعدتهم على شراء مستلزمات المدرسة من كتب وأقلام واختيار الملابس المناسبة لكل مرحلة وترك الحرية لهم للاختيار فهذا يشعرهم بأهمية الاستعداد للعام الدراسي الجديد ويدخلهم في أجواء المدرسة.
-3 تهيئة البيئة المناسبة:
فيجب على الآباء أن يبدؤوا بفترة كافية قبيل بدء العام الدراسي بتهيئة البيئة المنزلية لاستقبال العام الدراسي عن طريق إعداد قانون يناسب المرحلة ويحتوي على بنود مثل كيفية النوم مبكراً في ساعة معينة يحددها الأبناء أنفسهم.... وتحديد ساعات معينة للعب ومشاهدة التلفاز أو الكمبيوتر وغيرها وأيضاً إحضار بعض الكتب والمجلات لقراءتها.. وكتابة بعض النصائح والعبارات المشجعة للأبناء والمحفزة لهم وتعليقها على الحائط في مكان بارز للأبناء لقراءتها والاستفادة منها.
ونقول للأبناء في بداية العام الدراسي الجديد إن الجد يجب أن يكون من البداية باستغلال الأوقات بما ينفع والجد والاجتهاد وترك اللعب الذي لا ينفع والتخلي عن الكسل والخمول... وكما قيل في السابق (من كانت له بداية محرقة كانت له نهاية مشرقة). وأسأل الله أن يكون هذا العام عاماً حافلاً بالإنجازات مليئاً بالمفاجآت لأبنائنا الطلاب.
محمد علي الخلاقي