قبل أيام أهدتني الدكتورة الفاضلة أماني الشيراوي مجلة العلوم التربوية والإنسانية، وقد سعدت كثيراً لتلك الهدية الثمينة من أستاذة أكن لها كل التقدير والاحترام وأعترف بأنني استفدت منها كثيراً من خلال أفكارها ومشاريعها والاحتكاك بخبراتها العملية المباشرة أثناء عملها معنا بالمؤسسة الخيرية الملكية في إنشاء مركز الإرشاد، فلها كل الشكر والتقدير . وبداية يجب أن يقدم الشكر الوافر لمن يحرر ويدير هذه المجلة القيمة، التي تقدم للساحة ثقلاً فكرياً علمياً له وزنه الحقيقي في عالم التربية.. ولكن وبما أن عقلي تعود على تحويل المقال إلى أفعال، فإنني بادرت لطرح ثلاثة تساؤلات: أولاً: البعد العملي لمقالات المجلة.. فالدكاترة -شكر الله لهم- رسموا الطريق وهندسوا الفكرة، والمطلوب الآن من أصحاب المشاريع والمهتمين بهذا الشأن أن يترجموا الكلمة إلى فعل حي متحرك. يؤسفني أن نرى الفراغ الكبير في المشاريع التطبيقية لمشاريع التربية في عالمنا العربي، فكم دراسة سجلت عن المتفوقين؟، وكم مركزاً عملياً للمتفوقين في البلد؟، وكم دراسة تحدثت عن مهارات المعلمين؟، ولكن ما هو واقع المعلم ومدى التطور؟، قد لا أكون أنا من يرصد ويدرس هذه الظاهرة، لكنني كولي أمر أتابع أبنائي وأدرك أن هناك نقصاً حاداً في شخصيات المعلمين المعرفية والمهارية.. وكم دراسة تحدثت عن الإبداع العقلي؟ ولكن لماذا يظل الإبداع حبيس النظريات -في الغالب- ولا يتحول إلى أندية ومراكز متخصصة غير نمطية، للأسف أن الإبداع يمارس في الغالب لتطبيق تمارين الذكاء وسرد القصص والألعاب الذكية، بعيداً عن رصد نتائج الإنجاز العملي، فكم مبتكر تخرج وكم موسيقي وكم رسام وكم مبرمج وكم صانع وكم وكم ؟! الإبداع هو الفعل الملموس، ولن يكون ذلك إلا ببرامج عملية سواء على مستوى المدارس أو الأندية أو الجمعيات الأهلية وغيرها . ثانياً: إذا استثنينا بعض المشاريع الفعلية التي نفذت على الأرض، فإن ثمة نقص آخر وهو الضعف الإعلامي في تعريف الناس بأنشطتهم، وكم شهدنا من مشاريع سطحية قيمتها العملية ركيكة، ولكنها تنتشر وتعرف عند القاصي والداني. ثالثاً: لماذا لا يتم توظيف هذه الأفكار العلمية في برامج التلفزيون بأسلوب ممتع مؤثر، حتى لا نكتفي بجمهور المؤتمرات أو المتخصصين من الطلبة والدكاترة، بل يتم تبسيط هذه الدراسات كما هو الحال مع برامج الدكتور فل أو برنامج THE DOCTOR أو برنامج أوبرا، بل إن أكبر وأروع مثل هي قناة ناشيونال جيوغرافك. هذه دعوة لأساتذتنا الكرام لأن يبثوا الروح العملية الشعبية في المؤسسات المتخصصة وبين الناس العاديين حتى تتحول مبادئنا إلى الفعل ونترجم أفكارنا للغة الواقع ونسعد ونفرح ونحن نرى جهدنا الفكري بالمشاريع ونتائجها.