أكد رئيس مجلس النواب أحمد الملا على رفض البحرين التام لأي تدخل خارجي تحت أي ذريعة أو سبب، والذي تتعرض له المملكة بين الحين والآخر بما يمس شؤونها الداخلية وسيادتها على أراضيها بغية تعطيل المسيرة الديمقراطية والتأثير على التنمية وزعزعة الاستقرار، تماماً كما ترفضه كافة المواثيق والاتفاقات الدولية المعمول بها، مشدداً على أن ضمان استقرار مملكة البحرين وأمنها وأمن مواطنيها والمقيمين على أرضها، يقع فوق كافة الاعتبارات، فالجميع يدرك أن تحقيق الأمن والسلام هو أهم عنصر لتحقيق التنمية والنمو الاقتصادي، وبالتالي رخاء ورفاهية الشعوب.
وأشار الملا، رئيس وفد الشعبة البرلمانية المشارك في الاجتماع العالمي الرابع لرؤساء البرلمانات المنعقد حالياً بمقر الأمم المتحدة بنيويورك، في كلمة ألقاها مساء أول أمس أمام رؤساء برلمانات العالم، إلى أن مملكة البحرين تؤكد أهمية تضافر الجهود الدولية لمواجهة الإرهاب تلك الظاهرة الخطيرة التي يتعرض لها السلام والأمن والتنمية جراء العمليات الإرهابية التي تشكل ظاهرة عالمية ليست مرتبطة بدين أو مكان، مشيراً إلى ما اتخذته المملكة من إجراءات رادعة وإصدار العديد من التشريعات لحماية مجتمعها من هذه الآفة الخطيرة، إلى جانب مشاركتها في التحالف الدولي ضد تنظيم داعش الإرهابي، والتحالف العربي لإعادة الأمن والاستقرار والشرعية في اليمن.
ولفت الملا إلى تفشي ظاهرة الإرهاب والتطرف لا سيما الديني، وانتشار فكر وسياسات رفض وإقصاء الآخر، وهو الفكر العابر للحدود والبعيد عن تعاليم أي دين أو فطرة إنسانية سوية، وانتشار الجماعات الإرهابية بشكل واسع خلال السنوات الأخيرة، في ظل تنامي وتطور أدواتها، وتنوع مصادر تمويلها، سواء عبر هجمات إرهابية آثمة، أو باستغلال المنابر المختلفة لإثارة العنف والفوضى وعدم الاستقرار داخل المجتمعات وبين الدول، ذلك كله بعيداً عن الدور المحوري في تعزيز السلام والديمقراطية والتنمية.
وأضاف « إن فرص التنمية والاستقرار ومكافحة الإرهاب لا يمكن أن تتحقق في ظل غياب الأمن والسلام والعدالة، وفي ظل ازدواجية المعايير الدولية مع القضية الفلسطينية باعتبارها القضية المركزية»، مؤكداً ضرورة إيجاد حل عادل ودائم وشامل يكفل الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني بإقامة دولته الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف وفقاً لقرارات الدولية ذات الصلة، كما أكد على حقوق الشعوب العربية في الحفاظ على سيادة دولها واستقلالها بدون أي تدخل من أي قوة خارجية. وقال الملا «إن هذا الاجتماع يأتي في ظروف وتحديات معقدة يشهدها العالم وتواجهها المجتمعات والشعوب، مؤكداً أن الأمن والسلام ركيزتان أساسيتان للتنمية والديمقراطية، فلا تنمية ولا ديمقراطية بدون الأمن والسلام والاستقرار، مؤمنين في الوقت ذاته إن البرلمانات الوطنية هي الصوت المعبر عن إرادة الشعوب في إرساء الديمقراطية».
وذكر الملا أن شعب البحرين وعبر التاريخ يؤمن ومايزال بقيم الأمن والسلام والديمقراطية، وحضارة البحرين العريقة والممتدة والمنفتحة على الجميع، والتعددية التي تتمتع بها والتنوع الثقافي في المجتمع البحريني خير دليل على ذلك، منوهاً بنجاح البحرين وعن جدارة في بلوغ مستويات متقدمة وفق الأهداف الإنمائية للألفية، وهو ما يؤكد عليه موقع البحرين على مؤشر تقارير التنمية البشرية والإنسانية الصادرة عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والتي تضع البحرين ضمن فئة الدول ذات التنمية البشرية المرتفعة، في مجالات التعليم، والصحة، والمساواة، ومتوسط الدخل وغيرها من مؤشرات وأدلة تعكس الاهتمام بالجوانب الاجتماعية والحياتية للمواطن البحريني، مما حقق لها المرتبة 44 على مستوى العالم في 2014، وأضاف «كما حققت المرتبة 13 عالمياً في مؤشر الحرية الاقتصادية من قبل منظمة هرتيدج، والمرتبة الثامنة عالمياً في دراسة معهد فريزر للحرية الاقتصادية، والمرتبة 18 عالمياً في مؤشر الجاهزية الإلكترونية، ولذلك فإن مملكة البحرين عازمة وقادرة على تنفيذ الأهداف المرسومة للمرحلة المقبلة لتوفير الحياة الكريمة والرفاه الاجتماعي».
وتابع « إن مملكة البحرين ومنذ تولي صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة مقاليد الحكم في البلاد، وتدشين المشروع الإصلاحي والمسيرة الديمقراطية عبر تأييد شعبي منقطع النظير من خلال التصويت على ميثاق العمل الوطني بنسبة 98.4%، فقد باتت المملكة أكثر عزماً وأشد تصميماً على تحقيق أهدافها، تلك الأهداف التي أرست مبادئ حقوق الإنسان والديمقراطية وأكدت على مبدأ سيادة القانون، ووفق منهجية اعتمدت الارتقاء بالإنسان البحريني ليكون جوهر السياسة العامة لكافة الخطط والبرامج الوطنية للمملكة، وذلك إيماناً بأن صيانة الحقوق والحريات هي اللبنة الأساسية لبناء المجتمع المتوازن الذي يحظى كافة مواطنيه بحقوق أساسية أصيلة ومتساوية، وإدراكاً بأن العنصر البشري هو أساس التنمية ومحورها ووسيلة تحقيقها في الوقت ذاته».
وأضاف «إن هذه المنجزات هي التي أكسبت بلادنا مكانة مرموقة في المحافل الإقليمية والدولية كمملكة دستورية متقدمة»، مؤكداً على أن أي مبادرة وأي خطوة نحو تحقيق الإصلاح بالبحرين تأخذ بعين الاعتبار مصلحة الوطن ككل بجميع مكوناته، وبما يشمل مختلف المجالات من تمكين المرأة وتعزيز حقوقها وإشراك الشباب في العملية السياسية، وتحسين للأجور، ومعالجة البطالة، وحل الأزمة الإسكانية، وبما يجسد تفعيلاً إيجابياً لقيم العدالة الاجتماعية، وتلك القيم الأساسية لكل ديمقراطية تنشد النجاح.
وقال «ونحن نتطلع معكم إلى ما بعد 2015، فإننا ننشد ،كما تنشدون، عالماً يسوده السلام والاستقرار، وشعوباً تتمتع بحقوقها الأساسية في الحياة الكريمة، كما ننشد تعاوناً دولياً تتحقق من خلاله ما قد نعجز عن تحقيقه منفردين، ولا شك أن تواجدنا في هذا المؤتمر قد أعطى بعداً جديداً للتعاون الدولي، وهو البعد البرلماني»، متمنياً أن تحقق مثل هذه اللقاءات أهدافها بجهود مشتركة تعمل من أجل خير ومصلحة الشعوب وأمن واستقرار دول العالم كافة.