عواصم - (وكالات): يعقد خادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود والرئيس الأمريكي باراك أوباما، قمة تاريخية في البيت الأبيض، اليوم، في ثانٍ لقاء يجمع الزعيمين بعد تولي الملك سلمان العرش، بينما ذكرت مصادر دبلوماسية أنه «من المتوقع أن تتصدر أجندة القمة، الاتفاق النووي الإيراني، والتخوف السعودي من تأثيرات إيران السلبية في المنطقة، والضمانات الأمريكية، التي ترتكز في المجمل على مشاركة المعلومات الاستخباراتية وتأمين الملاحة وتقوية منظومة الدفاع الصاروخية، ومنع وصول أية صواريخ إيرانية إلى ميليشيات «حزب الله» الشيعي اللبناني أو إلى المتمردين الحوثيين في اليمن. كما سيتم مناقشة التطورات في اليمن وجهود قوات التحالف العربي لدعم الشرعية ضد ميليشيات الحوثيين وقوات الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، وكذلك المساعدات الإنسانية وإعادة الإعمار.
وتتضمن أجندة القمة أيضاً مناقشة الجهود المشتركة لهزيمة تنظيم الدولة «داعش» في العراق وسوريا ودعم العملية السياسية، التي تضمن مشاركة حقيقية للسنة العرب في الحكومة. كما سيتصدر الملف السوري حيزاً من اللقاء في محاولات الجانبين إيجاد مخرج للأزمة، ومن المتوقع أيضاً بحث العلاقات الثنائية والاستثمارية، خصوصاً أن وفداً كبيراً من رجال الأعمال والمستثمرين سيرافقون الملك سلمان في الزيارة. وأصدر الديوان الملكي السعودي بياناً حول الزيارة جاء فيه «انطلاقاً من حرص خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود على التواصل مع قادة العالم في كل ما فيه مصلحة وخدمة شعب المملكة العربية السعودية وقضايا الأمتين العربية والإسلامية، وتأكيداً لروابط الصداقة بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية، وبناءً على الدعوة الموجهة من الرئيس الأمريكي باراك أوباما، سيقوم خادم الحرمين بزيارة رسمية إلى الولايات المتحدة الأمريكية، يلتقي خلالها الرئيس الأمريكي وعدداً من المسؤولين، لبحث العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها في المجالات كافة، وبحث القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك». وقال مسؤولون بالبيت الأبيض إن الرئيس الأمريكي سيؤكد للعاهل السعودي التزام الولايات المتحدة بالمساعدة في التصدي لأي تهديد أمني إيراني على الرغم من قلق دول الخليج من أن اتفاقاً نووياً جديداً قد يعزز نفوذ طهران في المنطقة.
وسيسعى أوباما إلى تهدئة المخاوف لدى الرياض من أن رفع العقوبات عن إيران سيسمح لها بالتحرك بطرق مزعزعة للاستقرار. وستأتي محادثات الزعيمين في البيت الأبيض قبل أقل من أسبوعين من تصويت محتمل في الكونغرس الأمريكي على الاتفاق النووي الذي توصلت إليه 6 قوى عالمية وإيران. وتريد إدارة أوباما استخدام الزيارة لتعزيز العلاقات مع السعودية بعد فترة من التوترات.
وأوضح مسؤولون أمريكيون أن زيارة خادم الحرمين للبيت الأبيض وعقده اجتماعاً مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما يتزامن مع أحداث مهمة في المنطقة.
وشدّد المسؤولون الأمريكيون على أن الولايات المتحدة والسعودية تقيمان علاقات عميقة ومتنوعة وأن البلدين يتعاونان في مجالات الأمن وضمان الاستقرار ويتعاونان في مجالات التربية والصحة والطاقة.
وأشار المسؤولون الأمريكيون إلى أن الاجتماع سيناقش ختام مفاوضات المشروع النووي الإيراني وضرورة معالجة بعض القضايا، بما فيها سوريا واليمن وضرورة التوصل إلى حلول سياسية للنزاعات.
وأوضحوا أن «الولايات المتحدة لا تعمل على الإعلان عن صفقات أسلحة جديدة بين البلدين». ولفتوا إلى أن «التهديدات غير التقليدية الحالية في المنطقة تحتاج إلى مواجهة بأساليب وسلاح غير تقليدي، وأعطيا مثلاً التدخلات الإيرانية في شؤون دول الجوار وتهديدات تنظيم الدولة «داعش»». وقال كبير مساعدي أوباما للشؤون الخارجية بن رودس «نحن نتفهم أن لدى السعودية مخاوف بشأن ما قد تفعله إيران مع استفادة اقتصادها من رفع العقوبات».
وأضاف أن الولايات المتحدة تعتقد أن إيران ستستخدم الكثير من أصولها التي سيرفع عنها التجميد بمقتضى الاتفاق الذي تم التوصل إليه في يوليو الماضي - والذي يفرض أيضاً قيوداً على برنامج طهران النووي - لتحسين اقتصادها المنهك. واعترف رودس بأن هناك مخاطر لأن تنفق طهران تلك الأموال على «أنشطة شريرة». لكنه قال إن أوباما سيوضح أن الولايات المتحدة ستفعل «كل شيء يمكننا القيام به» للتصدي لأي تهديدات إيرانية إلى جيرانها. وتتهم دول الخليج إيران بإذكاءالعنف الطائفي في دول مثل اليمن وسوريا والعراق.
وقال رودس إن إدارة أوباما تركز على تقديم المساعدة التي وعد بها الرئيس الأمريكي عندما استضاف قمة عربية خليجية في كامب ديفيد في مايو الماضي بما في ذلك مساعدة دول الخليج في تحقيق تكامل بين أنظمتها المضادة للصواريخ الذاتية الدفع وتعزيز أمن الشبكات الإلكترونية والأمن البحري.
وذكر البيت الأبيض أن الزعيمين سيناقشان أيضاً أسواق الطاقة العالمية والصراع المسلح في اليمن وسوريا.
وقد عبرت السعودية في الكواليس عن قلق عميق من أن يؤدي الاتفاق النووي إلى منح الشرعية لإيران.
وحصل الرئيس الأمريكي الأربعاء الماضي على دعم كاف في مجلس الشيوخ لضمان تمرير الاتفاق في الكونغرس. لكن البيت الأبيض مازال يرغب في تهدئة المخاوف السعودية من أن يؤدي الاتفاق إلى غض النظر عن نشاطات إيران.
وقال انتوني كوردسمان المحلل في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية إن هذه الاجتماعات تنتهي عادة «ببيان عام يتحدث عن الاجتماع بأكبر قدر ممكن من الإيجابية». وأضاف أن «هذا الاجتماع لن يكون استثناء»، مشيراً إلى أن «البلدين شريكان استراتيجيان وثيقان على الرغم من خلافاتهما وكلاً منهما يحتاج إلى الآخر».
وحول سوريا، قال رودس إن البيت الأبيض يريد التأكد من أن البلدين «لديهما وجهة نظر واحدة» حول مجموعات المعارضة السورية التي يجب أن تتلقى دعماً.
وأضاف رودس «نتطلع إلى عزل مزيد من العناصر المتطرفة عن المعارضة وهذا كان موضوع حوار مستمر مع السعودية». وتؤكد كل من الرياض وواشنطن أنها تأمل في انتهاء الحرب التي تشهدها سوريا ومغادرة الرئيس بشار الأسد السلطة. وأشار رودس إلى أن الولايات المتحدة والسعودية لديهما مصالح مشتركة «وأن الزيارة مناسبة للرئيس الأمريكي، لكي يتابع التقدّم الذي تحقق منذ عقد قمة كامب ديفيد وأيضاً مناقشة موضوع إيران وسعي الولايات المتحدة لمواجهة تصرفات إيران السيئة في المنطقة». وأكد رودس أيضاً أن السعودية تتمتع بعلاقات خاصة في العراق من الممكن استغلالها في الحملة ضد تنظيم الدولة «داعش»، وأن المملكة تستطيع أن تؤازر في تحقيق التعاون بين الأطراف العراقية.
وأوضح رودس أيضاً أن الولايات المتحدة والسعودية تتشاركان الأهداف في سوريا واليمن، «وفي الوقت ذاته نريد التأكد أننا نتّبع استراتيجيات عسكرية وسياسية في الحالتين، وأننا نخصص الضروري من المساعدات الإنسانية لمواجهة في اليمن وسوريا».
وأكد رودس أن تعزيز قدرات السعودية ينصبّ في مصلحة الولايات المتحدة. وقال «إن الرئيس الأمريكي لطالما أشار إلى أن الولايات المتحدة لا تستطيع أن تحلّ كل مشاكل الشرق الأوسط وحدها، بل نريد شركاء يتقدّمون من المهمة ويطوّرون قدراتهم لمكافحة الإرهاب والهجمات الإلكترونية». وأكد المسؤول في مجلس الأمن القومي جيف برسكوت أن الاجتماع سيناقش أيضاً «التنسيق اللصيق لمواجهة تهديدات إيران في المنطقة وأيضاً التهديدات الصادرة عن التطرف والإرهاب والحملة ضد «داعش» وخطر القاعدة وباقي التنظيمات الإرهابية».
وأضاف أن الولايات المتحدة تعمل على دعم السعودية في بناء قدراتها الذاتية في تحقيق الاستقرار والتوصّل إلى حلول للأزمات. وفي وقت سابق، اجتمع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري مع وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، الأربعاء الماضي، قبيل لقاء القمة السعودي الأمريكي المرتقب، وقال كيري إن أمريكا تتطلع إلى زيارة الملك سلمان باهتمام شديد، مؤكداً أنها ستكون زيارة ناجحة جداً. في السياق ذاته، قالت مصادر مطلعة إن السعودية في مرحلة متقدمة من مباحثات مع الحكومة الأمريكية لشراء فرقاطتين وإنه قد يتم التوصل لاتفاق بنهاية هذا العام.
ويضع مسؤولون أمريكيون وسعوديون أيضاً اللمسات الأخيرة على تفاصيل صفقة بقيمة 1.9 مليار دولار لشراء 10 طائرات هليكوبتر «ام.اتش.60آر».