عواصم - (وكالات): دفن الطفل السوري ألان شنو الذي قضى غرقاً خلال محاولته الفرار من الحرب أمس مع عائلته في مدينة عين العرب «كوباني» السورية ذات الغالبية الكردية، لكن المأساة التي تعتبر أقسى تعبير عن أزمة المهاجرين لم تضع حداً للتباينات بين الأوروبيين.
في غضون ذلك، قرر أكثر من ألف مهاجر عالقين في بودابست منذ أيام، التوجه إلى النمسا سيراً في مشهد غير مسبوق يعكس تفاقم أزمة المهاجرين التي يحاول الأوروبيون تجاوز التباينات في شأنها.
وقالت مصادر «تم تشييع الطفل ألان شنو وشقيقه ووالدته في كوباني حيث دفن في حضور والده عبدالله وبمشاركة مئات الأشخاص. خيم حزن شديد، وكان الجميع يبكون».
وأضاف «كوباني اعتبرتهم شهداء، ودفنوا في مقابر الشهداء».
ونزحت عائلة عبدالله شنو مرات عدة داخل سوريا وإلى تركيا هرباً من أعمال العنف قبل أن تقرر الهجرة إلى أوروبا.
وأثارت صورة جثة الطفل ألان البالغ الثالثة من العمر ممدداً على بطنه على رمال شاطئ بودروم جنوب غرب تركيا لدى نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي ومن ثم على الصفحات الأولى للعديد من الصحف الأوروبية، صدمة حقيقية وموجة تأثر في العالم.
ومن لشبونة قال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون «حيال حجم الأزمة ومعاناة الناس، أعلن أننا سنبذل جهداً أكبر عبر استقبال آلاف اللاجئين السوريين الإضافيين»، علماً أن بلاده لم تمنح اللجوء منذ مارس 2014 سوى لـ 219 سورياً.
وقال وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير لدى وصوله إلى لوكسمبورغ لحضور اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي إن «التحدي الذي يواجهه الاتحاد الأوروبي في قضية الهجرة وهؤلاء اللاجئين الذين يزداد عددهم كل يوم هو أكثر أهمية» من الأزمة اليونانية.
وازداد الوضع توتراً في المجر حيث فر 300 مهاجر من مخيم قرب الحدود الصربية، ما دفع بودابست إلى إغلاق أحد المراكز الحدودية البرية مؤقتاً وجزئياً.
إلى ذلك، قرر مئات المهاجرين الآخرين أن يغادروا سيراً من محطة القطارات في بودابست «إلى النمسا» التي تبعد 175 كلم.
ويتعرض الأوروبيون لمزيد من الضغوط لإظهار تضامن وتعاطف. واعتبر شتاينماير أنه «لا يحق لأوروبا أن تنقسم في مواجهة تحد مماثل. أن تبادل الاتهامات لن يساعد في التحكم في المشكلة».
ورأى رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك أن التباينات داخل الاتحاد «بين الشرق والغرب» تكشف قارة ممزقة بين تبني التشدد لمواجهة التدفق الكبير للاجئين على حدودها الخارجية والدعوات إلى التضامن.
وقال المسؤول الثاني في المفوضية الأوروبية فرانز تيمرمانز خلال زيارته جزيرة كوس اليونانية «نعيش لحظة حقيقة في التاريخ الأوروبي. نستطيع أن ننجح معاً وموحدين، أو نفشل كل على طريقته داخل بلاده او في جزره».
وفي مواجهة هذه الأزمة غير المسبوقة، ستطرح المفوضية الأوروبية على الدول الـ 28 الأعضاء تقاسم عبء 120 ألف لاجئ وصلوا أخيراً إلى اليونان والمجر وإيطاليا.
لكن الأمم المتحدة سارعت إلى اعتبار هذا الجهد غير كاف. وطلب المفوض الأعلى لشؤون اللاجئين أنطونيو غوتيريس من الأوروبيين تقاسم استقبال 200 ألف شخص.
كذلك، اعتبرت ألمانيا التي ستتلقى عدداً قياسياً من طلبات اللجوء هذا العام يناهز 800 ألف وفرنسا أنه ينبغي توزيع اللاجئين داخل الاتحاد في شكل أفضل. وفي هذا السياق، تحدثت المستشارة أنجيلا ميركل عن نظام «حصص ملزمة».
لكن هذا الموضوع غير وارد في العديد من دول شرق أوروبا التي توحدت لعرقلة اقتراح للمفوضية الأوروبية يقضي بالمسارعة إلى تقاسم دفعة أولى من 40 ألف لاجئ. وفي نهاية المطاف، تم التوصل إلى توافق بالحد الأدنى على استقبال 32 ألف لاجئ وصلوا إلى اليونان وإيطاليا في الربيع الماضي، رغم أنه لم ينفذ بعد.
من جهتها، تعقد الدول الأربع الأكثر تردداً، أي المجر وتشيكيا وسلوفاكيا وبولندا اجتماعاً في براغ لبلورة ردها.
وفضلاً عن ذلك، يبحث رئيس المفوضية إمكان طلب تعويضات مالية لفترة غير محددة و»لاسباب موضوعية» من البلدان التي ترفض استقبال لاجئين على أراضيها، بحسب مصدر أوروبي.
وسيدعو وزراء الخارجية الفرنسي والإيطالي والألماني في لوكسمبورغ إلى إعادة النظر في حق اللجوء الذي تجاوزه الزمن في رأيهم، إضافة إلى تقاسم عادل للمهاجرين داخل الاتحاد.
وقالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني لدى وصولها إلى لوكسمبورغ «سنركز عملنا خصوصاً على دول المصدر والعبور».
ويدرك الأوروبيون أنه ينبغي التصدي لجذور الأزمة، أي النزاع الدامي في سوريا، وهم يأملون بتشكيل حكومة وحدة وطنية في ليبيا قريباً تساعد في وقف الفوضى السياسية والأمنية التي تدفع السوريين إلى المغادرة. وتظهر أرقام مفوضية اللاجئين في الأمم المتحدة أن أكثر من 300 ألف شخص عبروا المتوسط منذ بداية هذا العام قضى منهم أكثر من 2600.