^   ليس في البحرين فحسب، وإنما في العديد من بلدان العالم العربي ومن بينها طبعاً البحرين يمكن أن نجد مدونين أو حقوقيين يتمتعون بحماية دولية من بعض الحكومات الغربية، ولذلك عندما يتمادى هؤلاء الحقوقيون أو المدونون والمغردون أيضاً حدود الحرية العامة، ونطاق حرية التعبير التي تنتهي بالتعدي على حرية الآخرين، وتجاوز القانون من الصعوبة بمكان محاسبتهم أو ملاحقتهم قضائياً لأسباب عدة، من بينها وجود قوى دولية وغربية تدعمهم سواءً كانت حكومات أو منظمات. ما هو السر وراء ذلك؟ الجمهور يعرف أن هناك ضغوطاً أمريكية وغربية على حكومة البحرين والحكومات الغربية، ولسنا هنا بصدد تقييم كيفية التعامل مع هذه الضغوط، وإنما سنحاول تعريف هذه الضغوط ودوافعها من خلال الحالة الأمريكية فقط. استكمالاً للتوصيات التي قدمتها مؤسسة راند البحثية في دراستها الشهيرة لمكتب وزير الدفاع الأمريكي قبل سنوات قليلة، سنجد أن التوصيات تضمنت اقتراحاً على الإدارة الأمريكية بضرورة وضع أفضل الوسائل وتقييم الظروف السياسية المحلية في البلدان العربية التي تشهد ظهور حركات الإصلاح السياسي لضمان دعم القوى الأفضل والأكثر شعبية. وأن تكون أكثر قدرة على الانفتاح مع الجماعات والقوى السياسية التي تنبذ العنف وتسعى للتغيير السلمي. كما قالت الدراسة: “يجب على الإدارة الأمريكية أن تقوم بتكوين شبكة دولية لدعم هذه الجماعات المطالبة بالإصلاح في الوطن العربي لضمان استمرار أنشطتها خلال أوقات القمع. وينبغي أيضاً الدفاع عن الإعلاميين والمدونين كجزء من عملية الضغط على الحكومات لتحمل جهود الإصلاح. وبالمقابل يجب أن تشجع الولايات المتحدة جماعات الإصلاح السياسي لمد شبكة اتصالاتها في الخارج على نطاق دولي أوسع”. كذلك من التوصيات الطلب من الإدارة الأمريكية تشجيع المنظمات غير الحكومية لتقديم التدريب للناشطين السياسيين والحقوقيين، بحيث يشمل بناء التحالفات السياسية، وكيفية التعامل مع الخلافات الداخلية خلال عملية المطالبة بالإصلاح الديمقراطي. ويقترح أن يكون هناك دور للمعهد الجمهوري الدولي، والمعهد الوطني الديمقراطي لتنفيذ التدريب، ويذكر أن المعهد الوطني الديمقراطي (إن دي آي) كان له نشاط واسع في البحرين قبل سنوات إلى أن قامت الحكومة بإيقاف أنشطته بعد أن رفض الاستجابة لطلب حكومة البحرين تصحيح أوضاعه القانونية. على هذا الأساس يمكن أن نعرف السبب الذي يدفع الإدارة الأمريكية بشكل مستمر إلى الاتصال بنظيرتها في المنامة لطلب الإفراج عن المدونين والنشطاء والحقوقيين.. إلخ. وتشمل التوصية الرابعة لمؤسسة راند ضرورة مساعدة دعاة التغيير والإصلاح السياسي في الحصول على واستخدام تكنولوجيا المعلومات من خلال دعم الشركات الأمريكية للاستثمار في البنية التحتية للاتصالات والمعلومات في العالم العربي. والهدف من ذلك ضمان استمرار مواقع الجماعات السياسية الداعية للإصلاح بعيداً عن الرقابة الحكومية لضمان استمرار انتشار رسائلها على المستوى الدولي. التوصية الأخيرة لهذه المؤسسة ترى ضرورة دعم دعاة الإصلاح الديمقراطي لتقديم برامج الخدمة الاجتماعية (تشمل الصحة والتعليم.. إلخ)، والهدف من ذلك إقامة شراكة داخلية على المستوى المحلي بين مختلف الأطراف في المجتمع، بحيث تكون هذه البرامج مدخلاً للدعم الجماهيري والتجنيد السياسي لاحقاً. توصيات مؤسسة راند ستظل لغزاً كبيراً ومجالاً خصباً للبحث في خضم أحداث الربيع العربي التي لم تنته تداعياتها حتى اليوم. ويمكن مقارنة الكثير من الوقائع والأحداث بهذه التوصيات والتأكد من تطابقها بدرجة كبيرة.