الحروب التي تدور رحاها في العالم العربي بالذات، وبعد طول أمدها، أفرزت مآسي تقشعر لها الأبدان، وتأبى الأعين النظر إليها لبشاعتها، وكل من لديه ذرة من الإنسانية يقع مغشياً عليه حزناً وأسفاً.
هل يعقل أن يتوجه اللاجئون من الدول العربية المطلة على البحر الأبيض المتوسط فارين من ظلم بعضهم البعض، الرجال والنساء والأطفال والعجزة، فارين بلا بوصلة لا يلوون على ميناء محدد ينقذهم من جحيم وصراع أهاليهم واقتتالهم فيما بينهم!.
هل من المعقول أن يتجه هؤلاء اللاجئون إلى أوروبا في قوارب مطاطية لا يأمن ركوبها أي إنسان لديه قليل من التدبر ومعرفة عاقبة الأمور من مثل تلك القوارب الغارقة قبل أن تغرق، والمراكب التي يقودها المهربون الغارقون في جشع المال، المدفوع لهم من قبل بشر شبه عراة حفاة جياع مليئون بالخوف والجزع، لا يتوقعون متى يغضب ويثور البحر، فتلفظهم تلك القوارب والمراكب في بحر لجي، وأغلب اللاجئين لا يجيدون السباحة خاصة الكبار والنساء والأطفال، فتقذفهم الأمواج الهائجة على السواحل جثثاً بلا روح، مثلهم مثل الأسماك النافقة؟!
الواصلون إلى اليابسة الأوروبية- وهم محظوظون- تتلقاهم الأنفس الرحيمة وهم قليلون بإنسانية نقية يشكرون عليها، ولكن هؤلاء اللاجئون الضعفاء يتوسلون العطف، ويتشبثون بالحياة المرة من بعد عزهم في بلادهم.
متى تهدأ الحال في الأوطان العربية، ويثورون على من لا يريد للعرب أمناً واستقراراً وطيب عيش، متى تنتهي هذه المآسي في البر والبحر، متى تستيقظ دول العرب المطلة سواحلها على البحر الأبيض المتوسط لاستقبال الفارين من الجحيم وإيوائهم على أراضيها- وهذا حق لهم – حتى تضع الحروب أوزارها؟
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: (( لا ترجعوا من بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض)).
يوسف محمد بوزيد
مؤسس نادي اللؤلؤ سابقاً
وعضو مجلس بلدي سابق