عواصم - (العربية نت، وكالات): نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية تصريحات لمسؤولين أمريكيين أدلوا بها، تفيد بأن روسيا أرسلت فريقاً عسكرياً من النخبة إلى سوريا، وأنها بصدد اتخاذ خطوات تشي بتخطيط روسي لتوسيع الدعم العسكري لنظام بشار الأسد، الأمر الذي بات يثير مخاوف واشنطن.
وبحسب الصحيفة، تزيد هذه التحركات من تعقيدات مهمة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري وجهوده للحصول على دعم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للتوصل إلى حل سياسي للصراع الدموي في سوريا، خاصة أن موسكو قامت في وقت سابق بإرسال وحدات سكنية جاهزة قادرة على استيعاب مئات الأفراد إلى مطار عسكري في مدينة اللاذقية السورية، بعد أن زودته بنظام متنقل للتحكم بالملاحة الجوية. كما قدم الروس طلبات أذون بتحليق طائراتهم العسكرية فوق أجواء الدول المجاورة لروسيا خلال سبتمبر الجاري.
وفيما أبدى المسؤولون الأمريكيون عدم تأكدهم من نوايا روسيا الفعلية، أشار بعضهم إلى أن إرسال وحدات سكنية مؤقتة يكشف نية موسكو في نشر عدد من المستشارين أو الجنود قد يصل إلى 1000 في المطار العسكري القريب من معقل عائلة الأسد في اللاذقية التي تعتبر أهم موانئ سوريا.
في المقابل، لا يرى مسؤولون أمريكيون آخرون أي مؤشرات عن نية روسيا نشر عدد كبير من القوات البرية في سوريا، غير أنهم ألمحوا إلى أن الوحدات السكنية المرسلة قد تمكن روسيا من استخدام المطار العسكري كمركز رئيس لنقل الإمدادات العسكرية للنظام السوري، أو ربما جعله نقطة انطلاق للغارات الروسية المساندة لقوات النظام.
ويعكف محللون استخباراتيون أمريكيون حالياً على مراقبة ما يتصل بشحنات السفن الروسية، لتحديد ما يمكن أن يكون متجهاً منها إلى سوريا، فيما توقع أحد المسؤولين أن وتيرة نشر القوات الروسية قد تنمو ليصل عددها في نهاية المطاف إلى 3000 فرد.
واعتبر مسؤول آخر في الإدارة الأمريكية أن هناك تحركات لوجيستية «مثيرة للقلق» تحمل صبغة تحضيرية. من جانبه، قال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية جون كيربي «إننا نراقب تحركات الروس بدقة، وفي حال صحت هذه التقارير سوف يشكل ذلك تغيراً جدياً في مسار الصراع في سوريا، ويجعل من أي تعهد روسي بشأن إيجاد حل سلمي للصراع محل شك». وكان لوزير الخارجية الأمريكي جون كيري زيارة إلى روسيا في مايو الماضي، اجتمع خلالها مع بوتين لبحث جوانب التعاون المحتملة بخصوص الأزمة في سوريا. وفي أغسطس الماضي جمعه لقاء ثلاثي غير اعتيادي في قطر مع نظيريه الروس سيرغي لافروف، والسعودي عادل الجبير. وبالتالي، فإن تصعيد روسيا لدعمها العسكري المقدم للنظام السوري من شأنه أن يخلق إشكالاً لواشنطن متعدد الأبعاد.
فمن جهة، إن صحت نوايا بوتين بتعزيز الدعم العسكري للأسد فذلك يعني عرقلة جهود كيري القائمة على الدعوة إلى رحيل رأس النظام عن السلطة كجزء من أي حل سياسي للصراع.
ومن جهة أخرى، قد تتداخل غارات الطائرات الروسية إن شنت ضد «داعش» أو قد تعقد مهمة قوات التحالف الذي تقوده واشنطن، والذي يحارب التنظيم المتطرف منذ فترة. أما إن كانت الغارات ستستهدف المعارضة السورية فهذا يعني إمكانية أن يكون من بين أهدافها مقاتلون معتدلون مدعومون ومدربون على يد البنتاغون. من منظور مختلف، يرى آخرون أن التوجه الروسي الجديد قد يهدف فقط إلى تأمين مصالح موسكو في حال انهيار نظام الأسد أو التوصل إلى اتفاق لتقاسم السلطة مع المعارضة أو استبدال النظام بأكمله، وذلك عبر توسيع تواجدها العسكري في سوريا لفرض موقف أقوى يمكنها من تحديد شكل النظام السياسي المستقبلي عبر فرض تقاسم للسلطة مع أطراف من المعارضة مقربين من دائرة القرار في موسكو. وفيما نفى بوتين، التقارير الإعلامية التي تحدثت عن إرسال روسيا لقوات برية تقاتل في سوريا، قائلاً في مؤتمر صحافي على هامش منتدى اقتصادي إنهم يبحثون في «خيارات أخرى»، وأن ما يشاع «ليس في الأجندة» لحد الآن، أقر الرئيس الروسي بتزويد موسكو للنظام السوري بالأسلحة، بناء على «عقود قديمة»، فضلاً عن إرسال المدربين والمعدات العسكرية في إطار سعي روسي لتشكيل «تحالف ضد دعش» يكون النظام السوري طرفاً فيه. لكن على الرغم من تلك التصريحات، يرى مراقبون أن نوايا بوتين واضحة، وأن كل ما تمت الإشارة إليه يشي بأن الروس لن يتخلوا عن النظام السوري.
وما نشرته «نيويورك تايمز» أكدته صحيفة «الأخبار» اللبنانية الموالية لـ»حزب الله» الشيعي اللبناني، عبر نشرها معلومات عن تحليق طائرات «سوخوي 34 و27» روسية حديثة في أجواء مدينة إدلب، شمال غرب سوريا، قائلة إن وحدات من الجيش الروسي تتمركز في إحدى القواعد الجوية، وتشن غارات على مواقع «جيش الفتح».
ونقلت الصحيفة الموالية للنظام في سوريا من مصادر ميدانية وصفتها بـ»الموثوقة»، أن ما تم تداوله عن مشاركة روسيا العسكرية داخل سوريا «صحيح».