يرى العلماء الروس المختصون في مجال التغذية الصحيّة أن العالم المعاصر يشهد وضعاً غريباً ومحيِّراً للأذهان، فمن ناحيةٍ، يتضاعف عدد سكان العالم بشكل مضطردٍ ومخيفٍ للغاية إلى درجة أن البشر لن يجدوا شيئاً يقتاتون به؛ ومن ناحيةٍ أخرى، تتزايد ظاهرة السمنة بين البشر حيث صار الروس والأوروبيون ينضمون إلى قائمة الشعوب التي تعاني من داء البدانة. وإذا كانت الدعاية الاجتماعية التي تروٍّج للنمط الصحي للحياة في السابق ذات جدوى في ما يتعلّق بالتعاطي مع انتشار السمنة بين البشر، فقد أدركت حكومات بعض البلدان أنه لا يكفي الركون إلى وعي الإنسان المعاصر، باعتبار أن صحّته يجب أن تكون في متناول يديه شخصياً. ولهذا السبب، أقدمت الحكومة السويدية على إغلاق جميع منافذ الأطعمة السريعة (الفاست فود)، والتي تعتبر برأي الكثيرين المسؤول الأول عن تفشِّي السمنة، وتم اتخاذ إجراءات مماثلة في عددٍ كبيرٍ من الدول الأوروبية على إثر الشكاوى التي رفعها المواطنون بهذا الشأن. إن مشكلة السمنة ليست مفتعلة على الإطلاق، فإذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية تنفرد بتحمّل هذه المعضلة على نطاقٍ واسعٍ على مدى سنوات قليلةٍ في الماضي، فقد أصبحت الآن روسيا وأوروبا ضمن ضحايا هذا الوباء الخطير، حيث تقدِّر الإحصاءات نسبة الروس المصابين بالسمنة بنحو (60%)، ناهيك أن ثلث المواطنين تبدو عليهم آثار البدانة المفرطة. وضمن السياق ذاته، وجدت اللجنة الأوروبية أن أكثر الذين يعانون من الشحامة هم النساء البريطانيات والرجال المالطيون، حيث إن رُبع النساء البريطانيات يعانين من الوزن الزائد، وأن هذه المشكلة تتفاقم مع ارتفاع العمر وتدني مستوى التعليم، وتليهن في ذلك نساء مالطا ولاتفيا. ولمحاربة هذه الظاهرة، سعت بعض الدول الأوروبية إلى تعميم أسلوب الحياة الصحي، وذلك بفرض ضرائب على أسعار الزبدة، والمواد التي تحتوي على نسبٍ عاليةٍ من الدهون، ومن ثم يُتوقع ارتفاع أسعار أطعمة الفاست فود، كشرائح الهامبورغر بما يفضي إلى تدنِّي إقبال الناس على شرائها؛ لكن السؤال المطروح: ماذا سيفعل أفراد الأسرة في حالة ارتفاع أسعار المنتجات المثقلة بالدهون إذا كان الغذاء الصحّي ليس في متناول إمكاناتهم المادية؟ يبدو أن مشكلة الجوع تحاصر الإنسان المعاصر من كل حدبٍ وصوبٍ وترغمه على تغيير نمط حياته!