عواصم - (وكالات): تسلم خبراء روس مطار اللاذقية الساحلية غرب سوريا، ورفعت موسكو مستوى ونوعية الانخراط العسكري في سوريا على أن يرتبط إرسال قوات روسية بتشكيل تحالف دولي ضد الإرهاب بقرار من مجلس الأمن.
وقالت جريدة «الحياة» اللندنية إن الرئيس فلاديمير بوتين يريد «الحفاظ على التوازن العسكري في سوريا ومنع انهيار الجيش النظامي، لفرض تسوية سياسة وتشكيل هيئة حكم انتقالية على أساس بيان جنيف».
وجرت اتصالات لفك عزلة السويداء جنوب البلاد بعد احتجاجات، عقب اغتيال الشيخ وحيد البلعوس، وسط حديث الإعلام الرسمي عن تبني عنصر من جبهة النصرة -ذراع تنظيم القاعدة في سوريا- العملية.
وقال مصدر آخر إن الانخراط الروسي تضمن إرسال ضباط رفيعي المستوى، واحتمال إرسال طيارين روس لشن غارات وتسليم مقاتلات «ميغ 31» الاعتراضية وطائرات استطلاع، إضافة إلى ذخيرة وقوة تدميرية أكبر ووصول ناقلات جند ومشاركة روسية في بعض المعارك، من بينها المواجهات مع مقاتلي المعارضة في ريف اللاذقية. وأكد المصدر تسلم خبراء روس مطار اللاذقية بشكل كامل و«أن مزيداً منهم سيصلون قريباً».
وقالت وزارة الخارجية الروسية إن إمدادات الأسلحة إلى سوريا تهدف إلى محاربة الإرهاب، وإن موسكو لم تخف قط أنها أمدت الحكومة السورية بمعدات عسكرية»، وهو تأكيد على تدفق الأسلحة الروسية والمقاتلين إلى سوريا.
وبالعودة للساحل السوري -وبحسب «الحياة»- فإن بوتين اتخذ القرار بناء على «دعوة رسمية» وجهها الرئيس بشار الأسد، الذي أبلغ وسائل إعلام روسية أن «الوجود الروسي في أماكن مختلفة من العالم بما فيها شرق المتوسط ومرفأ طرطوس السوري ضروري جداً، لإيجاد نوع من التوازن الذي فقده العالم بعد تفكك الاتحاد السوفيتي».
وعلم أن مدير مكتب الأمن الوطني اللواء علي مملوك زار موسكو سراً قبل زيارة وزير الخارجية وليد المعلم ولقائه بوتين ونظيره سيرغي لافروف في 29 يونيو الماضي. وتردد أن مسؤولاً أمنياً آخر زار روسيا أيضاً. وجاء قرار موسكو بتفعيل «معاهدة الصداقة» لعام 1980 وتوسيع البنية العسكرية بعد مشاورات، خصوصاً أن سوريا ترتبط باتفاق دفاع مشترك مع إيران منذ 2006. وقال المعلم أخيراً إن بوتين «وعد بدعم سوريا سياسياً واقتصادياً وعسكرياً».
وأوضحت المصادر أن موسكو لم ترسل قوات برية، مشيرة إلى أن هذا القرار مرتبط بتشكيل «تحالف ضد الإرهاب» بقرار دولي، الأمر الذي سيكون أحد بنود المؤتمر الذي تعمل موسكو على عقده على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك نهاية الشهر الجاري، بالتزامن مع دعوة الرئيس باراك أوباما إلى قمة للتحالف الدولي العربي لمحاربة «داعش» في نيويورك في 27 الشهر الجاري، في وقت تتجه فيه فرنسا وبريطانيا وهولندا والدنمارك وأستراليا للانضمام إلى شن غارات في سوريا.
من جانبها، قالت صحيفة «السفير» اللبنانية إن خبراء روساً وصلوا سوريا قبل أسابيع يستطلعون الأوضاع في قواعد جوية ويعملون على توسيع بعض مدارج الإقلاع والهبوط خاصة في الشمال رغم أن موسكو لم تلب طلباً سورياً بعد بالحصول على طائرات هليكوبتر مقاتلة.
ونقلت الصحيفة عن مصدر سوري قوله إنه لم يكن هناك «أي تعديل جوهري» في القوات الروسية على الأرض في سوريا وإن القوات «لاتزال تعمل في إطار الخبراء والمستشارين والمدربين».
وكان وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أبلغ نظيره الروسي سيرغي لافروف أن الولايات المتحدة تشعر بقلق بشأن التقارير بأن موسكو تتحرك باتجاه حشد عسكري كبير في سوريا ينظر له على نطاق واسع بأنه يهدف إلى تعزيز الرئيس بشار الأسد.
وروسيا هي حليف مهم للأسد على مدى الحرب التي يقدر أنها تسببت في مقتل ربع مليون شخص وقسمت سوريا إلى مناطق تخضع لسيطرة جماعات مسلحة متنافسة بينها تنظيم الدولة «داعش» فضلاً عن الحكومة.
وذكرت «السفير» أن الروس «بدؤوا التقدم نحو مبادرة نوعية في العلاقات التسلحية للمرة الأولى منذ بدء الحرب على سوريا إذ بدأت فرق من الخبراء الروس استطلاع مطارات حربية سورية قبل أسابيع وهي تعمل على توسيع مدارج بعضها خاصة في الشمال السوري».
وأضافت الصحيفة التي لها صلات وثيقة بدمشق ألا شيء تقرر بشأن «طبيعة الأسلحة التي قد تتلقاها دمشق لكن السوريين طلبوا تزويدهم بأكثر من 20 طوافة «هليكوبتر» روسية مقاتلة من طراز مي 28».
وفقدت الحكومة السورية -التي يرجع تحالفها مع روسيا إلى عصر الحرب الباردة- السيطرة على معظم أراضيها في الشمال لصالح جماعات بينها «داعش». وتخطط الولايات المتحدة -التي تقود بالفعل تحالفاً يشن غارات جوية ضد التنظيم في سوريا- مع تركيا لفتح جبهة جديدة ضد التنظيم المتطرف شمال سوريا قرب الحدود التركية.
وقال مسؤول عسكري أمريكي كبير إن السلطات الأمريكية رصدت «تحركات استعدادية روسية مثيرة للقلق» شملت نقل وحدات سكنية مسبقة الصنع لمئات الأشخاص في مطار جوي سوري الأمر الذي قد يكون مؤشراً على أن روسيا تستعد لنشر معدات عسكرية ثقيلة هناك.
وأضاف المسؤول أن نوايا موسكو بالتحديد لاتزال غير واضحة لكنه تابع أن كيري تحدث مع وزير الخارجية الروسي ليوضح الموقف الأمريكي بشكل لا لبس فيه.