^ ثمة تساؤلات كثيرة تتردد هذه الأيام عن هوية الإعلام الإخباري العربي في ظل المتغيرات المتلاطمة بالمنطقة، فالمعلوم أن أي قناة فضائية تنطلق من رؤية وأهداف تسعى إلى تحقيقها، والفضاء العربي الحالي يزخر بصراع يقترب من الحرب والدعاية السياسية أكثر من انتمائه للإعلام الموضوعي المنضبط بقيم مهنية وأخلاقية. إن الإعلام العربي تسبح في فضاءاته كائنات إعلامية أجنبية ترتدي العباءة العربية من دون أن يكون لها أدنى نصيب من هذا الوصف، ومن أمثلة هذه الأذرع قناة بي بي سي البريطانية، وقناة العالم وبرس تي في الإيرانيتان، وقناة فرنسا 24 ساعة، وقناة روسيا اليوم .. وغيرها، وعلى الناحية الأخرى نرى بعض محاولات الإعلام الحكومي الذي يحاول لملمة جراحه من خلال إنشاء محطات إخبارية حكومية تتناول المعالجة الإخبارية بها قدر “محدود” من الحرية بعد أن استبقت فشل سياستها التحريرية في القنوات الأرضية ولم تعد قادرة على الاحتفاظ بالجمهور الذي انتفض عنها بحثاً عن الحقيقة في مصادر أخرى أكثر مصداقية، والحقيقة أن مأزق القنوات الإخبارية العربية مايزال قائماً في ظل الرمال العربية المتحركة وما تشهده المنطقة من تحديات داخلية ومخاطر خارجية، ولذلك فإن الخلط في الفهم والضبابية في الرؤية الإعلامية تظل هي الحالة الأنسب في توصيف الواقع الحالي التي تعيشه القنوات العربية الإخبارية، ولذلك لم يكن غريباً أن يضم أحد إعلامي قناة إخبارية كبرى القنوات الأجنبية الناطقة بالعربية مع القنوات العربية الإخبارية في سلة واحدة كإعلام عربي صميم، وهو خطأ يعكس غياب الرؤية الواضحة، إن القنوات الإخبارية الأجنبية الناطقة بالعربية تنطلق من استراتيجيات وأهداف محددة غايتها خدمة مصالح الدول التي انطلقت منها، ومما يؤسف له أن بعض الفضائيات العربية الكبيرة تتماهى مع هذا الإعلام الأجنبي في طرحه للقضايا، وأسلوب عرضه للقصص الإخبارية والتطابق في قائمة الضيوف من المتحدثين والمحللين ولا فرق في ذلك أن يكون عربياً أو إسرائيلياً، وهو أمر يثير كثيرًا من علامات الاستفهام، ويجعل المتلقي العربي لا يستبشر كثيرًا حين يسمع بين الحين والآخر عن تدشين قناة إخبارية جديدة! فهو يظل في إعراض أو حتى شك من أن هذه الخدمة الجديدة لن تعبر أخيرًا عن مصالحنا القومية، بل يظل مسكوناً بالخوف من أن تكون هذه القنوات الجديدة مجرد صدى لمشروعات “مشبوهة” لا تزال تستهدف المنطقة العربية بأطماعها