كتب - موسى عساف:
جلست (أم عبدالله) إلى ما بعد منتصف الليل تنهي لصق «استيكر» يحمل اسم ابنها على أقلام الرصاص وأقلام التلوين؛ بعد رحلة طويلة في دهاليز المجمعات والمكتبات لاستكمال طلبات الفصل الدراسي الجديد، فيما قضى (أبو جاسم) أكثر من ساعتين في «تجليد» كتبت ابنته التي تدرس في المرحلة الابتدائية؛ وفي ذات الوقت تواصل (أم شهد) رحلتها بالبحث عن «فايل أزرق غامق خرامة» بعد أن رفضت مدرسة ابنتها الفايل الذي أرسلته بالأمس لأنه «أزرق فاتح»..
تبدأ رحلة أولياء الأمور منذ الأيام الأولى للفصل الدراسي، ولكنها لن تنتهي إلا مع نهايته، فما بين البداية والنهاية هناك عشرات الطلبات؛ فايلات، أقلام، دفاتر، ألوان، عدا عن الكم الكبير من المشاريع والأبحاث، والتي تستهلك الوقت والجهد، ولكن ما الفائدة من ذلك؟!
«لا شيء..» بهذا تلخص زهرة (أم لطالبتين في المرحلة الابتدائية والإعدادية)، وتضيف «هناك إرهاق غير مفهوم للأهل في كثير من الطلبات، القرطاسية والمشاريع، والتي تنتهي غالبيتها في (سلة القمامة) ودون أية فائدة يحققها الطلاب».
عدا عن الإرهاق الجسدي؛ فإن طلبات المدرسة مرهقة مادياً أيضا للأسرة، حيث تتراوح كلفة القرطاسية للطالب الواحد في المدرسة الحكومية، وحسب المرحلة الدراسية، من 10 – 25 ديناراً، بينما يقفز هذا الرقم إلى المئات في المدارس الخاصة، حسب أحد أولياء الأمور. وهو ما يعد إرهاقاً لميزانية الأسرة مقارنة بمتوسط الدخل الذي يتراوح في حدود الـ500 دينار شهرياً.
في إحدى المكتبات يقوم العامل بتعليق قائمة أسعار الأبحاث والمشاريع (ولكل المراحل)، ويخبرنا أنه: «انتشرت في الآونة الأخيرة موضة شراء الأبحاث أو المشاريع، حيث يحضر لنا الطلاب طلباتهم من البحوث ويحددون الموضوع والسنة الدراسية، ونقوم بدورنا باستخراج المعلومات عن طريق الإنترنت، ومن ثم ننسقه ونطبعه بكلفة تتراوح بين 2 - 5 دنانير».
معانات الأهالي المادية والنفسية كبيرة، خصوصاً إذا علمنا أن هناك نحو 190 ألف طالب وطالبة في مراحل التعليم المختلفة في القطاعين الحكومي والخاص، حسب إحصائية وزارة التربية والتعليم 2013/2014، عدا عن طلاب ما قبل المدرسة وطلاب ما بعد الثانوية.
(أم عبدالله) التي أرهقتها الطلبات؛ اقترحت أن يقوم الأهل بدفع مبلغ معين للمدرسة للقرطاسية، وبهذه الطريقة ترى أنه لن يكون هناك أي اختلاف بين ألوان «الفايلات» والدفاتر، بدل أن يغرق الأهالي مع كل بداية فصل في «بحر الطلبات التي لا تنتهي..».