التحصيل المدرسي ليس نتاج الاستذكار وتنظيم الوقت فقط
زيارة الأب لمدرسة ابنه تترك أثراً طردياً في نفس المعلم
بعض الأبناء يشعرون بالحرمان نتيجة الضغوط المادية لوالديهم
مراهقة لجأت لارتكاب المخالفات المدرسية لجذب انتباه والدتها
غالبية الآباء يعتقدون خطأ أن دورهم يقتصر على توفير الغذاء
التحصيل الأكاديمي المرتفع يحتاج إلى بيئة أسرية صحية
معدل ما يحتاجه الطفل قبل المراهقة من النوم 10 ساعات


كتب - محرر الشؤون المحلية:
أكد أستاذ علم النفس الإرشادي في كلية البحرين للمعلمين البروفيسور عدنان الفرح أن هناك العديد من العادات اليومية التي تلعب دوراً كبيراً في تحصيل الأبناء من أبرزها التعامل مع الهواتف النقالة وأجهزة الآيباد التي أصبحت العدو اللدود لتحصيلهم وتنظيم وقتهم، لافتاً إلى أن تحصيل الأبناء ليس نتاج عملية مذاكرة متواصلة ومثابرة وتنظيم وقت فقط.
ودعا الفرح لـ»الوطن» جميع الآباء للتأمل في العديد من الممارسات والقضايا التربوية التي تتطلب مراجعة النفوس وفتح صفحة جديدة للتعامل معها لما لها من تأثير كبير على التحصيل الدراسي للأبناء.
وقال تعاني كثير من الأسر ضغوط مختلفة مع عودة الطلاب للمدارس نتيجة مشاكل التسوق وشراء اللازم وما ينتج عن ذلك من أعباء مادية على ميزانية الأسرة، وشعور بعض الطلاب بالحرمان لعدم تمكنهم من الحصول على ما يريدون ومشاعر القلق والتوتر لمواجهة عام دراسي جديد.
وأشار إلى أن الآباء قدوة للأبناء وأن شخصيتهم وقيمهم واتجاهاتهم تتشكل في ضوء ما يسمعونه ويشاهدونه ويعايشونه من قيم واتجاهات وسلوكات مختلفة في الأسرة.
وشدد على ضرورة التوقف والتساؤل إلي أي مدى تعكس تصرفات الآباء قيم واتجاهات إيجابية نحو التعلم والتعليم؟، وهل ما يصل للأبناء من إشارات مباشرة وغير مباشرة يدل على احترام المعلم ومستقبل التعليم والمتعلمين، أم خلاف ذلك؟
الأسرة والمدرسة
وأكد أستاذ علم النفس الإرشادي أن التعليم لا يقتصر على المدرسة فحسب إنما يتعدى ليشمل الأسرة أيضا لما لها من دور كبير في تعليم الأبناء.
وأضاف أن من أدنى حقوق الأبناء على الآباء هي متابعتهم والسؤال عنهم، فقد يكون لسؤال الأب عن أحوال ابنه ومستواه التحصيلي الأثر الكبير في حافزية الطالب.
ولفت إلى أن زيارة الأب لمدرسة ابنه ستترك أثراً في نفس المعلم بأن الأب متعاون ولم يغفل دوره التربوي وأنه يتقاسم مع المعلم مسؤولية تربية النشء.
ونوه إلى يحضرني هنا مثال الطالبة المراهقة التي دفعتها الغيرة من زميلاتها إلى ارتكاب المخالفات السلوكية كوسيلة لاستدعاء الأم إلى المدرسة للسؤال عنها ومتابعتها والحصول على اهتمام الأسرة ولو بالطرق الملتوية.
المناخ الأسري
من جانب آخر، أوضح الفرح أن تحصيل الأبناء ليس نتاج عملية مذاكرة متواصلة ومثابرة وتنظيم وقت فقط، مؤكداً أهمية دور المناخ الأسري أيضاً للمساهمة في ذلك، وأن الأسرة قد تكون عامل هدم أو بناء في عملية التحصيل.
وأضاف أن العلاقات في كل أسرة يجب أن تكون ودية ليشعر معها الجميع بالتكيف والسعادة والتماسك الأسري لا مشتعلة ويوجد بها مشاحنات وخصومات مستمرة لأن ذلك سيضفي نوع من التصحر العاطفي بين الآباء والأبناء أو حتى بين الأبناء أنفسهم.
وأفاد أن أغلب الآباء يعتقدون أن كل ما عليهم تقديمه للأبناء هو تأمين الطعام والشراب وعوامل الترفيه، بل أحث هنا على ضرورة إشعارهم بالحب والاهتمام والانتماء وتفهم الظروف والمشاكل والسماع لهم والتحاور معهم».
وأشار إلى أن الأوساط العلمية في مجال علم النفس التربوي أكدت أن التحصيل الأكاديمي المرتفع يحتاج إلى بيئة أسرية صحية وعلاقات إيجابية بين أعضاء الأسرة لاسيما الزوجين.
العادات اليومية
وأكد عدنان أن هناك العديد من العادات اليومية التي تلعب دوراً كبيراً في تحصيل الأبناء من أبرزها التعامل مع الهواتف النقالة وأجهزة الآيباد وما إلى ذلك، التي أصبحت عنواناً لحياتنا وحياة أبنائنا ولا تستنزف وقت الأبناء فحسب، بل أصحبت تعتبر العدو اللدود لتحصيلهم وتنظيم وقتهم.
وشدد على أهمية مساعدة الوالدين لأبنائهم من خلال تنظيم التعامل مع هذه الأجهزة اليومية بطريقة حكيمة بحيث يوزع الوقت بشكل منطقي بين المذاكرة وحل الواجبات المنزلية، إضافة للتحصيل المتدني المرتبط بعادات النوم السيئة والسهر لساعات طويلة وقلة النوم أو عدم الحصول على القسط الكاف منه فينعكس ذلك على الأداء الدراسي والتذكر والتركيز واضطرابات المزاج. وأضاف أنه علينا أن نعلم أن التحصيل الجيد يرتبط بساعات نوم معتدلة لا إفراط ولا تفريط فيها، ومعدل ما يحتاجه الطفل قبل المراهقة من ساعات النوم هو عشر ساعات، ومعدل ساعات النوم للمراهقين يتراوح بين 8-9 ساعات.
ولفت إلى أهمية عادات الأكل لما لها من تأثير كبير على التحصيل الدراسي للطلاب، فالغذاء غير المتوازن والأكل غير الصحي والإفراط والعشوائية في الأكل جميعهم يؤثرون سلباً في المذاكرة والحافزية للتعلم.
النظرة الواقعية
من ناحية أخرى، دعا البروفسور عدنان الآباء لمواجهة الحقيقة والواقع، مشيراً إلى أن ليس الجميع سواسية في القدرات والإمكانيات.
وقال إن النظرة الواقعية لإمكانيات وقدرات الأبناء تجعل من خبرة التعلم أكثر متعة بعيدة عن التشنج والتوتر، إضافة لخلق مشاعر التقبل المتبادل بين الآباء والأبناء.
وأضاف أما التوقعات المرتفعة والإصرار على مستوى معين من الأداء دون مراعاة خصائص وإمكانيات الأبناء ينتج عنه مشاعر مختلفة من إحباط وتوتر والدونية والخوف من الفشل.
ونوه إلى ما تقوم به وزارة التربية والتعليم من جهود متواصلة لتطوير التعليم في الوقت الذي أكد فيه على ضرورة الانتباه على ما قد يترتب على بعض المبادرات التربوية كتمديد اليوم الدراسي مثلا وما يترتب عليه من نتائج أو آثار سلبية في اتجاهات الأبناء نحو المدرسة وفي مستوى حافزيتهم وإقبالهم بروح إيجابية على التعلم.
وأوضح أنه مما لاشك فيه أن ما يحتاجه الطلبة في عصر التناقضات الذي نعيشه اليوم هو مجتمع متماسك يسير في مركب واحد ويتجه لوجهة واحدة، وأسرة داعمة لجهود التربويين والخبراء الذين يصلون الليل بالنهار للارتقاء بمستوى التعليم إلى مصاف الدول المتقدمة.
وأشار إلى أن العودة للمدارس لا تتطلب وقفة تأمل واستعداداً من جانب الأسرة فحسب إنما على المدرسة دور كبير أيضاً.
وأفاد أن المعلم يستطيع أن يمعن النظر في جميع العوامل الآنفة التي تلعب دوراً حاسماً في مستوى حافزيته ونجاحه في العمل، كأن يعيد النظر في قيمه واتجاهاته الشخصية تجاه التعلم والتعليم وفي دوره التربوي والتعليمي مقابل دور الأسرة، وفي نظرته ومدى تقبله للفروق الفردية والاختلاف بين الطلبة. وبين أن للمعلم دوراً كبيراً متمثلاً في دعم جهود صناع القرار والقائمين على شؤون التربية والتعليم وما يبذلونه من جهود مشكورة لتطوير واقع ومستقبل التعليم بالبحرين.