القدس المحتلة - (وكالات): اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي أمس المسجد الأقصى بالقدس الشرقية المحتلة، بعد اعتدائها على المصلين، فيما أصيب العديد من الفلسطينيين، واندلعت حرائق في المسجد، وسط مسيرات بغزة تندد بالاقتحامات.
واندلعت اشتباكات عنيفة في باحة بين شبان فلسطينيين والشرطة الإسرائيلية التي قامت للمرة الأولى بطرد الحراس الأردنيين الموجودين في الموقع، قبل ساعات من بدء الاحتفال بعيد رأس السنة العبرية.
وقالت مصادر إن 20 فلسطينياً أصيبوا خلال اقتحام قوات الاحتلال للمسجد.
وأظهرت صور اندلاع النيران وتصاعد دخان كثيف داخل المصلى القبلي أثناء اقتحام قوات الاحتلال باحات الأقصى. وأطلقت القوات الإسرائيلية قنابل الغاز المسيل للدموع على من كانوا داخل المصلى القبلي، كما استخدمت الرصاص المطاطي في إخلاء باحات الأقصى من المصلين والمعتكفين. وفي هذا السياق، ندد مئات الفلسطينيين في قطاع غزة بهذه الاقتحامات، وذلك خلال مسيرة نظمتها «الكتلة الإسلامية» الإطار الطلابي لحركة المقاومة الإسلامية «حماس».
ورفع المشاركون في المسيرة لافتات كتب عليها «لبيك يا أقصى»، و«الأقصى في خطر».
وقال القيادي في الحركة مشير المصري في كلمة ألقاها أمام المشاركين «نقف أمام منعطف تاريخي، وتحول صهيوني خطير تجاه المسجد الأقصى». وأضاف أن الاحتلال يعمل وفق خطة ممنهجة للوصول إلى التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى.
وطالب السلطة الفلسطينية بدعم الأقصى، ووقف «الملاحقة الأمنية للمقاومة في الضفة الغربية ووقف التنسيق الأمني».
من جانبه حذر نائب رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني في غزة أحمد بحر الحكومة الإسرائيلية من تداعيات مخططاتها «العدوانية وسياساتها الإرهابية» بحق الأقصى والمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس المحتلة.
ودعا بحر - في كلمة ألقاها خلال جلسة عقدها نواب حركة حماس في مدينة غزة - الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده «للنفير العام» من أجل مواجهة وإحباط الهجمة الإسرائيلية وإنقاذ المسجد الأقصى.
كما طالب الدول العربية والإسلامية باتخاذ «موقف شجاع ومسؤول» تجاه اعتداءات الحكومة الإسرائيلية والمستوطنين على المسجد الأقصى ومدينة القدس.
وكان العضو في حركة حماس عزت الرشق قد أكد في وقت سابق أن اقتحام وزير الزراعة الإسرائيلي أوري أريئيل ومجموعة من المستوطنين المسجد الأقصى وباحاته تحت حماية قوات الاحتلال «جريمة حرب وتصعيد خطير». وتأتي المواجهات مع تصاعد التوتر على إثر إعلان وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعالون حظر جماعة «المرابطون» التي تضم نساء ورجالاً وتتصدى لليهود في المسجد الأقصى. وتوجهت مجموعات من الزوار اليهود بمناسبة السنة العبرية الجديدة إلى باحة المسجد الأقصى لزيارته. وفي وقت لاحق، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعد المواجهات أنه يريد الحفاظ على الوضع الراهن في المسجد الأقصى.
وقال نتنياهو في بيان إن «إسرائيل ستتحرك بكل الوسائل للحفاظ على الوضع الراهن في جبل الهيكل».
ونبه نتنياهو إلى أن «من واجبنا ونحن قادرون على التحرك ضد مثيري الشغب لإتاحة حرية الصلاة في هذا المكان المقدس. سنتحرك بحزم ضد رماة الحجارة وزجاجات المولوتوف».
والوضع الراهن الموروث من حرب 1967 يجيز للمسلمين الوصول إلى المسجد الأقصى في كل ساعة من ساعات النهار والليل، ولليهود بدخوله في بعض الساعات، لكن لا يجيز لهم الصلاة هناك. ويسمح لغير المسلمين بزيارة المسجد الأقصى من الساعة السابعة صباحاً حتى الحادية عشر صباحاً يومياً ما عدا الجمعة والسبت. ودخلت عدة مجموعات عبر باب المغاربة، الباب الوحيد المخصص لغير المسلمين بينما أغلقت الشرطة الإسرائيلية كافة الأبواب الأخرى المؤدية إلى المسجد.
وقالت وسائل الإعلام الإسرائيلية إن وزير الزراعة الإسرائيلي اوري اريئيل من اليمين المتطرف كان بين الزوار.
ودان الرئيس الفلسطيني محمود عباس بشدة اقتحام الشرطة الإسرائيلية للمسجد الأقصى، بعد اشتباكات عنيفة في باحة الحرم القدسي مع شبان فلسطينيين قبل ساعات من بدء الاحتفالات برأس السنة العبرية.
وقال الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة «ندين بشدة اقتحام جيش وشرطة الاحتلال للمسجد الأقصى المبارك والاعتداء على المصلين» مشدداً أن «القدس الشرقية والمقدسات الإسلامية والمسيحية خط أحمر، لن نقف مكتوفي الأيدي أمام هذه الاعتداءات على مقدساتنا».
ودانـت مصــــــر «اقتحام قـــــوات الاحتـــــلال الإسرائيلي» باحة المسجد الأقصى ومهاجمة المصلين، محذرة إسرائيل من «الاستمرار في سياسة انتهاك المقدسات الدينية».
كما دانت الحكومة الأردنية قيام قوات إسرائيلية باقتحام المسجد داعية الحكومة الإسرائيلية إلى «التوقف عن استفزازاتها» و«منع الاعتداءات على الأماكن المقدسة».
ونددت دائرة الأوقاف الإسلامية التي تدير المسجد بقيام الشرطة الإسرائيلية بطرد حراس المسجد الأقصى التابعين للأردن من المسجد. وتعترف إسرائيل التي وقعت معاهدة سلام مع الأردن في 1994 بإشراف المملكة الأردنية على المقدسات الإسلامية في مدينة القدس. وقال فراس الدبس من دائرة الأوقاف «هذه المرة الأولى التي يقومون فيها بإجلاء كافة الحراس» موضحاً «أصيب اثنان منهم بالرصاص المطاطي». وأضاف «أصيب مدير المسجد الأقصى عمر الكسواني أيضاً وتم اعتقاله». وبحسب الدبس فإن «الشرطة التي كانت على السطح قامت بكسر نوافذ تاريخية من أجل إطلاق القنابل اليدوية داخل المسجد». وجرت صدامات مماثلة في نوفمبر الماضي اتخذت السلطات الإسرائيلية على إثرها قراراً نادراً بإغلاق باحة المسجد الأقصى مما تسبب بأزمة دبلوماسية مع الأردن.
وكان عباس اتهم إسرائيل بالسعي إلى تقسيم المسجد «زمانياً ومكانياً» مؤكداً أن هذا «لن يمر». وأكد وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي جلعاد اردان في حديث لإذاعة الجيش الإسرائيلي «سنضمن الحفاظ على الوضع الراهن».
وقالت خديجة خويص التي عرفت نفسها كمرابطة وهي ممنوعة من دخول المسجد، ووقفت أمام باب مؤدي إليه «اليوم، نجحوا في تحويل الأقصى إلى منطقة دون مسلمين».
وخارج المسجد نشرت أعداد من عناصر الشرطة الذين قاموا بمطاردة المتظاهرين بالركلات وقنابل الصوت. وتم الاعتداء على بعض الصحافيين بالضرب.
والحرم القدسي الذي يضم المسجد الأقصى وقبة الصخرة هو أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين لدى المسلمين.
ويعتبر اليهود حائط البراق آخر بقايا المعبد اليهودي المزعوم «الهيكل» الذي دمره الرومان في عام 70 وهو أقدس الأماكن لديهم. ويستغل يهود متطرفون سماح الشرطة الإسرائيلية بدخول السياح الأجانب لزيارة الأقصى عبر باب المغاربة الذي تسيطر عليه، للدخول إلى باحة الأقصى لممارسة شعائر دينية والإجهار بأنهم ينوون بناء الهيكل مكانه.
وقد احتلت إسرائيل القدس الشرقية وأعلنت ضمها في 1967 في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي الذي يعتبر الاستيطان الإسرائيلي في كل الأراضي المحتلة غير شرعي وفقاً للقانون الدولي.
وتعتبر إسرائيل القدس بشطريها عاصمتها «الأبدية والموحدة» في حين يصر الفلسطينيون على جعل القدس الشرقية عاصمة لدولتهم المنشودة.