يعتقد أكثر العلماء والباحثين أن الأحلام لا تنبئ عن المستقبل لانعدام الأساس العلمي لهذا الأمر، فأرسطو كان الحلم عنده بحثاً سيكولوجياً.. أما ابن خلدون فإنه يعتبر الرؤيا مدركاً من مدارك الغيب.. والحلم عند دوغا هو الفوضى النفسية. لكن العلاقة بين الحلم والحقيقة عند المدرب البحريني العالمي فوزي ناس لا يفترقان. فقبل أعوام عديدة راود فوزي ناس حلم كبير، هو حلم المشاركة في كأس العالم لسباقات الخيل المقام منذ العام 1996 في دبي.. فكان له ما أراد .. فبعد سنين طويلة من العمل المتواصل في بناء إسطبل حقيقي قادر على المنافسة تحقق الحلم الكبير وشارك.
فـ «ناس» هو أول بحريني شاركت جياده في منافسات كأس العالم بدبي، وهو أول من حققت جياده الفوز بكرنفال دبي العالمي، يعرف عنه بأنه صاحب الجياد القوية، وأصبح إسطبله مقصداً لامتلاك أثمن الجياد، وأفضلها، إنه فوزي عبدالله ناس الذي دأب على صب ذاته في عملة، لتقديم نوعية خاصة من جياد السباقات، واجه صعاباً لا تحصى للحصول على مكانه بين الكبار من خلال مشاركته في كأس العالم التي أكسبته شهرة تخطت بلده إلى جميع أقطاب العالم على طريقة الحلم الأمريكي.
وفي ظل النسخة الأمريكية من الحلم يمكن لأي شخص بصرف النظر عن المال والعلاقات وخلفيته التعليمية أو عنصره ودينه – يمكن أن ينجح في الحياة إذا عمل بجد واجتهاد وحافظ على القيم والأخلاق الرفيعة – أن يجتهد ويقوم بأخذ المبادرة وهي الخطوة الأولى للإمام تتبعها خطوات ومن ثم خطوات حتى تصل الحلم بالواقع.  إن ذلك الحلم لازال ساطعاً في الوجدان الأمريكي منه والعربي.
فعندما يتعلق الأمر بسباق كأس العالم، يمكننا أن نقسم العمل إلى مراحل عدة، فهناك الملاك الذين يولون أهمية للمشاركة في هذا الحدث مهما كان الثمن حتى لو كلفهم ذلك الغالي والنفيس، هذه النوعية من الملاك هم من أباطرة السباقات العالمية والتي تمثل المشاركة بالنسبة إليهم شرفاً لا يحيدون عنه قيد أنملة. هؤلاء الملاك يقومون بشراء الخيول ذات المستوى العالي وتكون بأسعار باهظة الثمن تصل إلى حد الخيال في بعض الأحيان، ومن ثم يتابعون تدريبها وتطورها في عملية الإعداد إلي السباقات حتى الوصول بها إلى كأس العالم.
والنوعية الثانية هم المدربون الذين يبذلون أقصى الجهد في تدريب خيلهم على أمل أن يحقق أحدها فوزاً باهراً يكون سبباً في شهرته وفي استقطاب ملاك خيول ذات سمعة كبيرة لإسطبلاته لتكون قادرة على السير به نحو كأس العالم.
والنوعية الثالثة هم الفرسان الذين يضعون حياتهم على المحك، ويسافرون على امتداد الأقطار مقابل الحصول على ركوب خيل قد يفوز أو يحتل أحد مراكز الصدارة، وكل ما يصادفونه من متاعب قد تصل إلى درجة عالية من الخطورة، وعيونهم معلقة على المشاركة في هذه المنافسة الكبيرة.
أما فوزي ناس فقد جمع مجد الفروسية من أطرافه، فشارك في منافسات كأس العالم قبل أربعة أعوام مالكاً، ومن ثم مدرباً ومالكاً، وستكون مشاركته هذا العام مالكاً ومدرباً في الوقت نفسه أيضاً.. وستكون مشاركته هذا العام بحصان واحد “كربتون فيكتور”، عكف على تدريب الحصان بنفسه ومن خلال رحلات مكوكية بين البحرين ودبي، وساعده في تدريب الجوادين الفارس البحريني حامد محمد. إذاً، وبكل بساطة فريق بحريني سيقارع عمالقة السباقات في كأس العالم في دبي.
أليس من حقنا أن نفخر جميعاً بأن نكون ممثلين بحصان في هذه الأمسية العالمية؟ أليس لنا أن نفخر بأن يكون لنا مالك ومضمر من بين خيرة الملاك والمضمرين العالميين؟ أليس من حق نادي راشد للفروسية أن يفخر بأحد أبنائه الذي تربي في كنفه وتعلم منه فنون الفروسية التي أوصلته للعالمية؟
إنه يفعل ذلك لأن الخيل عبارة عن حيوان لطيف للغاية، ولأنه يعشق سباقات الخيل وأنه يرغب في أن يشارك في رياضة تتحقق فيها أحلامه وطموحاته وأن يكافأ بانتصارات كبيرة تحقق له الشهرة والذكرى. وليس المال طبعاً.. كل الأمنيات القلبية بالتوفيق لفوزي ناس في هذه المشاركة، وكل الأمنيات القلبية لكل أولئك الذي يعملون من أجل تحقيق أحلامنا.