أكد الرئيس التركي السابق عبدالله غول أن الجهود الإصلاحية لجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد من أجل مصلحة شعبه ومن أجل السلام في المنطقة ملحوظة وبارزة.وأشار غول، خلال محاضرة نظمها المعهد الدولي للسلام للشرق الأوسط وشمال أفريقيا بعنوان «آفاق السلام في المنطقة وسبل تحقيق ذلك» بمشاركة وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، ورئيس المعهد الدولي للسلام تيري رود لارسن، ونخبة من كبار المسؤولين والدبلوماسيين والأكاديميين والإعلاميين، إلى أن تأسيس مكتب في البحرين للمعهد الدولي للسلام في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يعتبر أمراً جيداً لأنه بالتأكيد وجد في البحرين أفضل الظروف للعمل من أجل منع الصراعات، وعمل الدبلوماسية متعددة الأطراف وبناء السلام في الشرق الأوسط وهذا أمر نحتاج له اليوم، مضيفاً «أشعر بالعرفان والتقدير لمملكة البحرين التي تجمع بين الهوية والقيم التقليدية وبين ضرورات العالم الحديثة».وبين الرئيس التركي السابق أن الاتفاق النووي الذي تم بين إيران ودول الغرب يحتم على إيران أن تكون أكثر تحفزاً لعلاقات إيجابية أكبر مع جيرانها وتكون تلك العلاقات مبنية على الثقة، مشيراً إلى أن هذا الاتفاق يمثل خطوة نحو مزيد من الحوار وعليه أن يغير من سلوك إيران في المنطقة، وتابع «حتى تحل المشكلة سياسياً يجب أن تغير إيران من سياستها نحو المنطقة ككل وليس في الخليج فقط بل سوريا أيضاً، وعلى طهران أن تعرف ذلك، معرباً عن أمله أن يكون الاتفاق النووي خطوة نحو سياسة إيرانية إيجابية بناءة».منطقة ساخنةوأشار غول إلى أنه وبالرغم من أن القادة والمفكرين والدبلوماسيين بذلوا جهوداً كبيرة من أجل السلام منذ عقود إلا أن الشرق الأوسط يظل منطقة ساخنة مليئة بالصراعات، وربما الآن أكثر من أي وقت مضى، لافتاً إلى أنه قد مضى 25 عاماً منذ انعقاد مؤتمر مدريد للسلام في الشرق، و14 عام منذ إزالة طالبان من كابول و12 سنة منذ هزيمة صدام حسين في العراق، وبالرغم من ذلك فإن الأمور ليست أفضل من اليوم ومستمرون في مواجهة القضايا الخطيرة مثل الفوضى في بعض الدول العربية والأفريقية والهجرة وأزمة اللاجئين والإرهاب والعنف والتوترات الطائفية والعرقية والأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي لها تأثيرات على الجميع.وقال غول إن الصراع في أوكرانيا والأزمة الاقتصادية في أوروبا لها تأثيراتها الاقتصادية والاجتماعية على الشرق الأوسط بشكل مباشر والعكس صحيح لذلك فإن الوضع الحالي يؤثر على الجميع وأن الأخطار كبيرة ولكن الحلول في متناولنا، وتتطلب أعمال وجهود شجاعة وجديدة، مقدراً جهود البحرين في هذا الأمر، قائلاً «أعتبر البحرين هي مملكة الحكمة».المنطق تغير وتابع غول قوله « أتذكر قبل سنوات عندما تحدثت أمام المجلس الوطني البحريني في 2009 وكنت أول رئيس أجنبي يقوم بهذا، وأتذكر أنني ألزمت نفسي بالقضية الفلسطينية والوضع في العراق وقضية إخلاء المنطقة من الأسلحة النووية وخطة التعاون لمستقبل أفضل في المنطقة وكانت لي نبرة إيجابية نوعاً ما وكانت وقتها بداية الفترة الأولى للرئيس الأمريكي باراك أوباما وشعرت بالتقدير لجهوده المخلصة من أجل السلام في العالم والشرق الأوسط. وأضاف «لكن لسوء الحظ منذ ذلك الوقت فإن المنطق تغير جزئياً والمشاكل انتشرت بشكل أوسع في كل العالم»، مشيراً إلى أن الفراغ في السلطة والفوضى في العراق وسوريا وليبيا واليمن هي نتاج الأخطاء السياسية والحسابات الخاطئة والعثرات والأوهام.وكشف غول أنه وجه تحذيرات جدية بأن العراق كانت شكلاً مصغراً للشرق الأوسط، وأن دخول الغرب العراق بمثابة فتح وصندوق باندورا الذي سيصعب إغلاقه مرة أخرى، ونصحت الغرب بأن يكونوا حذرين في التصرف حيال احتلال العراق وقلت لهم أن هذا الصندوق قد تم فتحه بشكل خاطئ ودون النظر لتداعياته في المستقبل. وقال إنه تحدث قبل وقوع الحرب مع الرئيس العراقي السابق صدام حسين، وأيضاً تحدث لساعات طويلة مع الرئيس السوري بشار الأسد قبل اندلاع الحرب في سوريا وطلب منه التعامل مع الناس بشكل عادل، وألا يتأخر في الإصلاحات ولكن أياً من ذلك لم يتم، موضحاً أن الفراغ في السلطة يجب ملؤه كأولوية وإلا فإن الحرب بالوكالة ستستمر بشكل حتمي على أسس عرقية وطائفية وسيضطر الضعفاء للدخول تحت أملاءات الإرهابيين بسبب الإحباط.وأضاف غول أن الائتلافات والتحالفات التي شكلت ضد الجماعات الإرهابية مثل داعش والقاعدة والحوثيين في اليمن أمر ضروري لأن استخدام القوة الصلبة مفيد ولكنه ليس الحل الكامل، مشيراً إلى أن القوة الصلبة لن تكون وحدها هي الحل، فهناك حل أخير يكمن في التسويات السياسية الصبورة التي تساعد في إيجاد حلول ممكنة، وطالب بضرورة أن تقوم دول الإقليم بالالتقاء حول أجندة مشتركة، لافتاً إلى أن الفائدة الوحيدة من الوضع المأساوي الحالي في الإقليم أنه كشف لنا مرة أخرى ضرورة الحاجة إلى التعاون الشامل.وتابع «قلت ذلك في عدة مناسبات من بينها خطابي أمام المجلس الوطني في البحرين في 2009، فإذا وحدت دول الإقليم صراعاتهم ضد الإرهاب سوف يكونون قادرين على التعاون في إطار دائم ووضع استراتيجية طويلة الأمد ستقدم منظوراً لحل تلك المشاكل، مشيراً إلى أن الإطار الاستراتيجي يجب أن يبنى على الثقة والبعد عن الصراعات وهذا يقلل من التهديدات ويمنع من بروز تيارات أخرى متطرفة في الإقليم».واعتبر غول أن محنة الملايين في مناطق الصراع من لاجئين ونازحين تمثل مأساة إنسانية كبيرة، كما أن ظروف حياتهم تمثل كارثة اقتصادية وسياسية للعراق وليبيا وسوريا وكذلك الدول المجاورة والدول المعتدلة في المنطقة أن تستمر في جهودها الإيجابية في حماية ورفع معايير حقوق الإنسان وعليهم أن يتخذوا خطوات عملية وإيجابية لتطبيقها بشكل مخلص، مشدداً على عدم السماح لقوى التطرف بأن تستغل إحباط الناس خاصة الشباب منهم.
970x90
970x90