عواصم - (وكالات): استنكرت المملكة العربية السعودية أمس انتهاكات القوات الإسرائيلية لحرمة المسجد الأقصى، محذرة من السياسة الإسرائيلية لتقسيم المسجد، بينما أجرى خادم الحرمين الشريفين، العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، اتصالات هاتفية، مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، لإدانة واستنكار التصعيد الإسرائيلي في المسجد الأقصى، مطالباً بتدخل مجلس الأمن الدولي لوقف الانتهاكات. وأكد العاهل السعودي في اتصالاته إدانته واستنكاره الشديدين للتصعيد الإسرائيلي الخطير في المسجد الأقصى المبارك، والاعتداء السافر على المصلين في باحاته، وانتهاك حرمة المقدسات الإسلامية، بحسب وكالة الأنباء السعودية.
ودعا الملك سلمان إلى ضرورة بذل الجهود والمساعي الأممية الجادة والسريعة، وضرورة تدخل مجلس الأمن لاتخاذ كافة التدابير العاجلة لوقف هذه الانتهاكات على المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، وحماية الشعب الفلسطيني والمقدسات الدينية، وإعطاء الشعب الفلسطيني كافة حقوقه المشروعة.
وأكد أن هذا الاعتداء ينتهك بشكل صارخ حرمة الأديان، ويسهم في تغذية التطرف والعنف في العالم أجمع.
في سياق متصل، نقلت وكالة الأنباء السعودية عن مصدر مسؤول قوله إن «هذا الاعتداء سيؤدي لعواقب وخيمة ويسهم في تغذية التطرف والعنف».
وأضاف المسؤول أن «التصرفات الإسرائيلية تنتهك بشكل صارخ حرمة الأديان بالتعدي على أحد أهم المقدسات الإسلامية، ثالث الحرمين الشريفين».
وأكد المصدر المسؤول رفض السعودية القاطع لسياسة الاحتلال الإسرائيلي المتمثلة بالتقسيم الزمني للمسجد الأقصى، محذراً مما سيترتب على هذه السياسات من تصعيد من شأنه أن يؤدي إلى عواقب وخيمة، مطالباً المجتمع الدولي بضرورة التحرك الجاد والفوري نحو إلزام السلطات الإسرائيلية بالتوقف عن الاعتداء على المقدسات الإسلامية واحترام الأديان والقوانين والتشريعات الدولية ومبادئ عملية السلام.
وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية «وفا» أن خادم الحرمين الشريفين أبلغ الرئيس الفلسطيني محمود عباس بأنه يجري اتصالات مع زعماء العالم بشأن ما يحدث في المسجد الأقصى وبأنه طلب من وزير الخارجية السعودي عادل الجبير «متابعة اتخاذ الإجراءات الضرورية لحماية القدس ومقدساتها».
وقال البيت الأبيض إنه يشعر بالقلق الشديد إزاء أحداث العنف في القدس ودعا كافة الأطراف إلى «التحلي بضبط النفس والتوقف عن الأفعال والأقوال الاستفزازية».
وبدأت الاشتباكات الأخيرة يوم الأحد الماضي بعد إعلان جماعات يهودية نيتها اقتحام المسجد الأقصى بشكل جماعي من أجل الصلاة فيه. وسبق ذلك قرار إسرائيلي باعتبار المرابطين في المسجد الأقصى جماعة خارجة عن القانون. والثلاثاء الماضي، أطلقت الشرطة الإسرائيلية قنابل الصوت والغاز المسيل للدموع على المرابطين داخل المسجد.
في الوقت ذاته، تواصلت ردود الفعل الدولية والعربية المنددة بالاقتحامات والاعتداءات التي ينفذها في المسجد الأقصى منذ أيام مستوطنون بحماية من قوات الاحتلال الإسرائيلي.
من جهته، أجرى أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني اتصالاً هاتفياً مع العاهل المغربي محمد السادس، بحثا خلاله الانتهاكات والأخطار التي تتعرض لها مدينة القدس والحرم القدسي الشريف من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي.
وتناول الاتصال الاعتداءات السافرة على المصلين في باحات المسجد الأقصى المبارك ومنع المسلمين في المناطق المحتلة من الصلاة فيه، مما يمثل عدواناً صارخاً على مقدساتهم وحقهم في ممارسة شعائرهم الدينية.
وأكد الشيخ تميم خلال الاتصال أهمية وحدة الصف العربي والإسلامي من أجل دعم وحماية حقوق الشعب الفلسطيني الشقيق، ووضع حد للعدوان الإسرائيلي عليه وعلى الحرم القدسي الشريف، ومواجهة المخططات الإسرائيلية الرامية إلى تقسيم الأقصى مكانياً وزمانياً.
من جهتها، شددت الحكومة الباكستانية على ضرورة حل القضية الفلسطينية وفق المواثيق الدولية، وعبرت عن تأييدها المطلق لإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967.
ومن ردود الفعل أيضاً على الانتهاكات الإسرائيلية، نظمت الرابطة الإسلامية -الإطار الطلابي لحركة الجهاد الإسلامي- مسيرة تضامنية في مدينة غزة للتنديد بالاقتحامات التي ينفذها المستوطنون في باحات المسجد الأقصى.
وردد المشاركون في المسيرة هتافات تطالب الفصائل الفلسطينية بالتوحد أمام الهجمة الإسرائيلية على مدينة القدس المحتلة، كما استنكروا الصمت الدولي إزاء تصاعد وتيرة الجرائم الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته.
كما قال زعيم الجماعة الإسلامية الباكستانية سراج الحق إن تقسيم الأقصى خط أحمر ولا يمكن قبوله بأي شكل من الأشكال، ودعا منظمة المؤتمر الإسلامي للوقوف في وجه المساعي الإسرائيلية الرامية إلى تقسيم الأقصى.
في السياق ذاته، ذكرت مصادر أن حافلات إسرائيلية تقل عشرات المستوطنين قد انطلقت باتجاه باب المغاربة بهدف معاودة اقتحام المسجد الأقصى المبارك في القدس المحتلة.
وكان نحو 150 مستوطناً اقتحموا مجدداً صباح أمس المسجد الأقصى تحت حراسة مشددة من قوات الاحتلال.
وشارك في الاقتحام نشطاء من حزب الليكود الإسرائيلي الحاكم مقسمين على أربع مجموعات.
وقالت الإذاعة الإسرائيلية العامة إن جهات في مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو -الذي يقود حزب الليكود- سعت لثني نشطاء الحزب عن اقتحام المسجد الأقصى لكنها فشلت.
من جهة أخرى، قالت تقارير إن قوات الاحتلال الإسرائيلي لم تفرض أي قيود على دخول المصلين للمسجد الأقصى على الرغم من الانتشار الكثيف لقوات الأمن على أبوابه.
وأضاف أن قوات الاحتلال أغلقت باب المغاربة المخصص لاقتحامات المستوطنين والجماعات اليهودية المتطرفة للحرم القدسي الشريف بعدما سمحت لعدة مجموعات استيطانية بالدخول إلى باحاته.
وقد تعرض المسجد الأقصى المبارك في الأيام الأربعة الماضية لاقتحامات متكررة من المستوطنين بحماية الشرطة الإسرائيلية، وتصدى لهم المرابطون فيه، مما أدى إلى اشتباكات سقط فيها العشرات من الجرحى.
واعتلى جنود الاحتلال لأول مرة الثلاثاء الماضي أسطح المسجد الأقصى بعد اقتحامه بأعداد كبيرة، ووجهوا قناصتهم إلى المرابطين داخله، وأطلقوا قنابل الغاز والصوت من نوافذه.
وفي سياق هذه المواجهات، قالت مصادر في القدس المحتلة إن المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للقضايا الأمنية والسياسية أقر خطة أمنية تقدمت بها قيادة الشرطة الإسرائيلية لمواجهة من يرشقون الحجارة على قوات الأمن.
وتنص الخطة على قمع راشقي الحجارة والزجاجات الحارقة على قوات الأمن وتعزيز شرطة القدس بمئات من العناصر الجديدة، واستخدام الكلاب البوليسية ضد راشقي الحجارة.
وتنص الخطة أيضاً على تفعيل شبكات كاميرات التصوير، خاصة في الأحياء والبؤر الاستيطانية وإطلاق ثمانية مناطيد للتصوير فوق المدينة وتفعيل وتقوية قوات الشرطة المستعربين الذين يندسون بملابس مدنية وسط مظاهرات الفلسطينيين لاعتقال بعضهم.
وتؤكد الخطة الأمنية -التي يبدأ العمل بها منذ اليوم وعلى مدار شهرين- على عقوبات جماعية ستفرض على الفلسطينيين مثل هدم منازلهم وإثقالهم بالضرائب والرسوم والغرامات المالية.