بغداد - (وكالات): أورد تقرير حقوقي لمنظمة مراقبة حقوق الإنسان الإمريكية «هيومن رايتس ووتش» حصيلة بالغة السلبية لمشاركة الميليشيات الشيعية بفعالية في الحرب ضد تنظيم الدولة «داعش» في العراق، مورداً دلائل على انخراط تلك الميليشيات في أعمال تدمير وسلب ونهب واختطاف وإخفاء قسري في المناطق التي تسيطر عليها تلك الميليشيات المنضوية تحت هيئة الحشد الشعبي التي تم تشكيلها بفتوى من المرجعية الشيعية العليا في النجف.
وجاء التقرير فيما تشهد الحرب ضدّ التنظيم المتطرف في العراق عثرات وانتكاسات متلاحقة لا يفصلها المراقبون عن تصدر الميليشات مشهد تلك الحرب.
ودعت منظمة مراقبة حقوق الإنسان الأمريكية «هيومن رايتس ووتش»، الحقوقية السلطات العراقية إلى «ضبط» الفصائل المسلحة -ميليشيات الحشد الشعبي- التي تقاتل إلى جانب القوات الأمنية ضد تنظيم «داعش»، متهمة هذه المجموعات بتدمير منازل وإخفاء أشخاص.
وقالت المنظمة في تقرير إنه «على السلطات العراقية ضبط ومساءلة الميليشيات»، في إشارة إلى المجموعات التي هي بمعظمها ذات غالبية شيعية، متهمة إياها بأنها تدمر بيوت السكان السنة في المناطق التي تستعيد السيطرة عليها من التنظيم.
واعتبرت المنظمة، أن عملية «الإفلات من العقاب» التي قالت إن عناصر المجموعات يتمتعون بها، «تضعف الحملة ضد «داعش» وتعرض المدنيين جميعاً لخطر أكبر».
ودعت إلى «ضبط ومحاسبة» العناصر بشكل «عادل ومناسب»، وتوفير تعويضات وأماكن إقامة بديلة للسكان الذين تعرضت منازلهم للتدمير.
وعرض التقرير تفاصيل عن أعمال تدمير واعتقال في مدينة تكريت شمال بغداد ومحيطها، بعد استعادتها من قبل القوات العراقية والفصائل الموالية في أبريل الماضي، بعدما سيطر عليها التنظيم في هجوم كاسح شنه شمال العراق وغربه في يونيو 2014.
وقالت المنظمة في تقريرها إن عناصر الفصائل المسلحة قاموا بعمليات «نهب وحرق وتفجير لمئات منازل المدنيين والمباني في تكريت ومناطق مجاورة لها كالدور والبوعجيل»، كما قاموا «باحتجاز غير قانوني لنحو 200 رجل وفتى، لايزال مصير 160 منهم على الأقل مجهولاً».
وقالت المنظمة إن الميليشيات المدعومة من الحكومة العراقية نفذت أعمال تدمير موسعة لبيوت ومتاجر في شتى أرجاء مدينة تكريت في شهري مارس وأبريل الماضيين، في خرق واضح لقوانين الحرب. ووفق التقرير، فقد دمر عناصر من الميليشيات عمداً مئات البنايات المدنية دون سبب عسكري ظاهر، بعد انسحاب جماعة داعش من المنطقة.
واستعان التقرير الذي حمل عنوان «دمار بعد المعركة: انتهاكات الميليشيات العراقية بعد استعادة تكريت»، ونشر في 60 صفحة، بصور القمر الصناعي للتثبت من شهادات الشهود الذين أفادوا بالدمار اللاحق بالبيوت والمتاجر في تكريت، وفي بلدات البوعجيل والعلم والدور، والذي طال أحياء كاملة.
وبعد فرار عناصر «داعش»، قامت كتائب «حزب الله» وعصائب أهل الحق باختطاف أكثر من 200 من السكان السنة، بينهم أطفال، وذلك على مقربة من بلدة الدور جنوب تكريت. ومازال 160 شخصاً من هؤلاء المختطفين مجهولي المصير.
وأكدت صور القمر الصناعي شهادات الشهود والتي أفادت بأن الدمار اللاحق بالمباني وقع بالأساس بعد دحر مقاتلي «داعش» وبعد أن غادر الجيش العراقي المنطقة تاركاً إياها تحت سيطرة الميليشيات، فيما كان الدمار الذي ألحقته الضربات الجوية التي نفذها طيران الجيش العراقي والتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، وكذا الضربات المدفعية قبل شهر مارس دماراً محدوداً.
ومن الأمثلة –يضيف التقرير- عندما استعادت القوات العراقية والميليشيات الشيعية بلدة الدور التي يقطنها نحو 120 ألف نسمة على مسافة 20 كيلومتراً جنوب تكريت، ودون معركة كبرى، في 6 مارس انسحب الجيش بعد يوم، تاركاً البلدة في يد الميليشيات. وبعد يومين بثت قناة تابعة لكتائب حزب الله شريطا يظهر مقاتلي الكتائب يدخلون الشارع الرئيس بالبلدة وميدانها ومواقع أخرى وهي سليمة إلى حد بعيد.
إلا أنه لدى عودة الشرطة المحلية للخدمة في مطلع أبريل الماضي قام رجال الشرطة بإعداد قائمة من أكثر من 600 منزل ومتجر محترق ومتفجر. وتظهر صور القمر الصناعي الملتقطة في مايو الماضي مساحات كبيرة من مناطق الدور السكنية وقد دمرت تماماً.
وفي مدينة تكريت مركز المحافظة تورطت الميليشيات في أعمال نهب موسعة. وقال شهود عيان إن الميليشيات الشيعية نفذت أيضاً عمليات قتل ميداني خارج نطاق القضاء في تكريت.
ولجأت بغداد بشكل مكثف إلى الفصائل المسلحة المؤلفة بمعظمها من مجموعات شيعية، إثر انهيار العديد من قطعات قواتها الأمنية في وجه هجوم التنظيم العام الماضي، والذي سيطر خلالها على مناطق واسعة من البلاد معظمها ذات غالبية سنية.
وأبدت واشنطن التي تقود ائتلافاً دولياً ينفذ ضربات جوية ضد الإرهابيين، إضافة إلى منظمات حقوقية أخرى، امتعاضاً من تزايد نفوذ هذه المجموعات التي تخضع رسمياً لسلطة رئاسة مجلس الوزراء العراقي حيدر العبادي إلا أن العديد منها يأتمر مباشرة بأوامر قيادتها الخاصة.