بيروت - (الجزيرة نت): يبدو أن صور المطلوب للعدالة نوح زعيتر ورطت «حزب الله» الشيعي اللبناني في معركة جديدة حيث استنفر على أعلى المستويات لنفي أي علاقة بين الحزب وبعض المطلوبين للعدالة. ويرى مراقبون أن نفي الحزب مرده إلى خوف من المآخذ الأخلاقية والإعلامية.
وانشغل ناشطو مواقع التواصل الاجتماعي في لبنان خلال الأيام الأخيرة، فضلاً عن وسائل إعلامه، بـ«فك ألغاز» الصور التي نشرت لأحد أبرز المطلوبين للعدالة في لبنان نوح زعيتر، والتي أظهرته يتنقل في مواقع عسكرية، قيل إنها تتبع لــ «حزب الله» في منطقة القلمون السورية المحاذية للحدود الشرقية للبنان.
وقد نفى «حزب الله» رسمياً أن تكون صور «المدعو نوح زعيتر» التقطت مع من أسماهم «مجاهدي المقاومة الإسلامية»، وأنه لا علاقة لـ «حزب الله» بتلك الصور لا من قريب ولا من بعيد. وردّ زعيتر على بيان للحزب في تصريح لموقع قناة الجديد قائلاً إن «تسريب الصور الذي ظهر اليوم لم يكن من قبلي وليس لدي «فيسبوك» وما شابه ولا أقوم بتسريب الصور».
كما أرسل زعيتر مجموعة صور جديدة له مع قيادات ميدانية في «حزب الله» رداً على نفي الحزب، من دون أن يتبع ذلك رد مضاد من الحزب.
في المقابل أكد مراقبون أن رد الحزب الرسمي بخصوص أزمة زعيتر يعكس مستوى التنسيق العالي بين الحزب وبعض المطلوبين للعدالة إثر دخوله الحرب السورية، في حين رأى آخرون أن الحزب أراد من بيانه الرسمي أن يرفع الغطاء عن الظواهر التي تأخذ منه وقتاً لتبرير أعماله المخالفة للقانون.
مصدر مقرب من «حزب الله» أكد أن البيان الذي أصدره الحزب للرد على ادعاءات زعيتر، جاء بطلب مباشر من الأمين العام للحزب حسن نصر الله، وهدفه رفع الغطاء عن مطلوب للعدالة، متوقعاً أن تكون القوى الأمنية «أجرأ» في ملاحقة زعيتر بعد هذا البيان.
وأوضح المصدر أن الصور التي نشرها ناشطو موقع التواصل الاجتماعي ليست عائدة لمواقع عسكرية لـ «حزب الله»، وليست أصلاً في منطقة القلمون كما أشيع، كاشفاً أن الصور عائدة لموقع عسكري أنشأه أبناء العشائر ومسلحون من حركة أمل في جرد بلدة اللبوة البقاعية في الأراضي اللبنانية.
وأضاف أن صورة المسؤولين في «حزب الله» التي انتشرت صحيحة، لكنها تعود لأحد المسؤولين المجمّدة عضويتهم من جهة، ولمسؤول محلي آخر، كان موجوداً بصفة فردية لا بطلب من الحزب.
بدوره أكد الباحث السياسي علي رباح أن علاقة «حزب الله» بتجار المخدرات في منطقة البقاع كانت دائماً موضع سؤال، إذ بدا واضحاً منذ البداية أن تجار المخدرات ومجموعة من الخارجين عن القانون، يتمتعون بحماية ما من طرف سياسي نافذ في المنطقة.
وأضاف أن الحماية كانت أول أسلوب من أساليب الحزب لاختراق العشائر في البقاع الشمالي، والتي تمت بتنسيق مع النافذين بالدولة، تحديداً رئيس مجلس النواب نبيه بري، بالإضافة إلى توفير الوظائف وتسهيل الكثير من المصالح.
وأردف قائلاً «عندما استولى الحزب على القرار السياسي بالمنطقة، حاول تقوية العائلات الصغيرة على حساب العشائر، ثم حاول اختراق الأخيرة عبر الحماية، حتى أن الجيش كان يأخذ غطاءً من الحزب للدخول إلى المنطقة، وذلك يحدث عندما يكون ثمة مصلحة للحزب في ذلك، لا من أجل تقوية الدولة ومؤسساتها في المنطقة».
‏وأشار رباح إلى أنه عندما بدأ الحزب بالترويج لخطر التكفيريين في الجرود قبل فترة، دعا العشائر لتشكيل حشد شعبي، غير أن دعوته لم تلق استجابة إلا من شخصيات لا وزن لها في العشائر. يومها ظهر نوح زعيتر مع مجموعة من المسلحين في الجرود، وبدأ التسويق له كابن عشيرة نافذة من خلال وسائل إعلام مقربة من الحزب.
ويرى رباح أن الظهور الأخير لزعيتر وبغض النظر عن مكان التقاط الصور، يكشف التنسيق العسكري معه، أما نفي الحزب لذلك، فمرده إلى خوف الحزب من المآخذ الأخلاقية عليه.
وشدد على أن زعيتر وغيره من أبناء العشائر، يمثلون حاجة للحزب في هذه المرحلة، لكن ذلك لا يمنع محاولة تحجيمهم عندما يتطلعون لدور أكبر من المرسوم لهم.