تعاني المجتمعات العربية على ما بينها من تفاوت اقتصادي وتنموي من الإخفاق في تحقيق التنمية القائمة على العدالة الاجتماعية، بسبب انخراط العديد من الدول في تطبيق سياسات تكرس الفقر والتهميش والإقصاء وعدم المساواة. وتحقيق العدالة الاجتماعية هدف دونه الكثير من التحديات يرتبط بعضها بالبعد الدولي أو بتراكمات تاريخية وتعقيدات سياسية وجغرافية وتنموية، لكن ذلك لا يعفي الدول من واجباتها والتزاماتها السياسيــة والاجتماعيـــة والقــــانــــونيـــة والأخلاقية.وهو ما يبرز الحاجة لانتهاج مقاربات التنمية القائمة على نهج حقوق الإنسان على نحو يلبي التمتع الفعلي بمختلف فئات حقوق الإنسان، ويأخذ في الاعتبار قدرات الدول والحاجة للتدرج التراكمي في تلبية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية (العيش الكريم – الغذاء – المسكن – الصحة – التعليم – العمل). والعدالة الاجتماعية يمكن تحقيقها ووضع معايير وأهداف ومؤشرات لقياس مدى الوفاء بها إذا وجدت الإرادة السياسية.ويخضع تحديد ما تعنيه العدالة الاجتماعية وأفضل السبل لتحقيقها في كثير من الأحيان لجدل كبير، كما يخضع حدود مفهوم العدالة الاجتماعية لتغيير مستمر لأن الفكرة هي في حد ذاتها ثمرة لنظام قيمي وثقافي متغير لكن رغم التنوع الكبير في مفهوم العدالة الاجتماعية، والتعريفات التي لا تحصى للعدالة الاجتماعية، يجمع عدد كبير من البحوث الأكاديمية، والمؤلفات العلمية على عدد من العناصر الواجب توافرها لتحقيق العدالة الاجتماعية أبرزها المساواة وعدم التمييز وتكافؤ الفرص التوزيع العادل للموارد والأعباء والضمان الاجتماعي. وتوفير السلع العامة. والعدالة بين الأجيال.ويعد مبدأ المساواة وعدم التمييز هو حجر الزاوية في العدالة الاجتماعية، لكن كثيراً ما ينظر إلى العدالة الاجتماعية كمرادف للمساواة، ولكن يجب الانتباه إلى أن العدالة الاجتماعية لا تعني المساواة الكاملة أو المطلقة، بمعنى التساوي الحسابي في أنصبة أفراد المجتمع من الدخل أو الثروة، فمن الوارد أن تكون هناك فروق في هذه الأنصبة تتواكب مع الفروق الفردية بين الناس في أمور كثيرة كالفروق في الجهد المبذول في الأعمال المختلفة، أو فيما تتطلبه من مهارات أو تأهيل علمي أو خبرة، أو طبيعة الاحتجاجات والأمر المهم هو أن تكون هذه الفروق بين الناس في الدخل والثروة أو في غيرها مقبولة اجتماعياً، بمعنى أنها تتحدد وفق معايير بعيدة عن الاستغلال والظلم ومتوافق عليها اجتماعياً، وحسب أحد المفكرين البارزين فإن اللامساواة الاقتصادية والاجتماعية يجب أن تنظم على نحو يجعلها تقدم للأفراد الأقل حظاً في المجتمع أكبر نفع ممكن من جهة، ويجعلها تتيح في الوقت نفسه إمكانية الالتحاق بالوظائف والمواقع المختلفة أمام جميع الأفراد في إطار من المساواة المنصفة في الفرص من جهة أخرى.إن العدالة الاجتماعية تعني في الأساس المساواة في الحقوق والواجبات، والمساواة أو التكافؤ في الفرص ويشير مبدأ المساواة في الحقوق إلى أن فكرة العدالة الاجتماعية لا تنفصل عن فكرة حقوق الإنسان. عبداللطيف بن نجيب متطوع بدار يوكو لرعاية الوالدين
970x90
970x90