حاورته ـ سلسبيل وليد:
قال المخرج البحريني محمد راشد بوعلي إنه لم يفكر في التمثيل أبداً ويفضل أن يكون دائماً خلف الكاميرا، وكشف في حوار مع «الوطن» عن مدى شغفه وحبه وولعه بمشاهدة الأفلام وحبه للسينما منذ نعومة أظافره، لدرجة أنه في بعض الأحيان كان يشاهد 10 أفلام في يوم واحد فقط، مشيراً إلى أنه بدأ كتابة الأفلام القصيرة وعمره عشرون عاماً، وأشار إلى أن «الشجرة النائمة» العمل عليه قائم إلى الآن وهناك مشاريع مبنية عليه ولابد أن يتم توزيعه واحتمال أشياء أخرى لاتزال في إطار التفكير، وقال:»مشروعي القادم هو إعادة قراءة، وبحثي في السينما وأبحث في الحياة، وإذا وجدت قصة تستحق أن تكون فيلماً سينمائياً سأعمل بها»، منوهاً بأن الممثل جمعان الرويعي فاجأه في الشجرة النائمة لأنه عاش شخصية جاسم لدرجة أنه لمدة شهر كامل كان يلتفت إلى الناس عندما ينطقون اسم جاسم !!....وفيما يلي تفاصيل الحوار.....
كيف كانت بداياتك مع السينما؟
أنا شغوف جداً بمشاهدة الأفلام وأحياناً أشاهد أكثر من 10 أفلام في اليوم الواحد، وكنت في بعض الأحيان أؤجر 6 أفلام يومياً وأشاهدها، وبعد تخرجي من المدرسة عملت في السينما حتى أتمكن من مشاهدة الأفلام مجاناً وأيضاً ردة فعل المشاهدين حيث كنت أناقشهم وآخذ آراءهم في السينما وأبدي رأيي لهم، حتى أيقنت أن الأذواق مختلفة بين الناس فمن الممكن أن يعجبني فيلم ولا يعجب أشخاص آخرين، عملت في البادىء ببيع «الفشار» لدوام 8 ساعات فلم يقبلوا بوظيفة أمن في الصالات فكنت آتي قبل الدوام أشاهد الأفلام أو بعد انتهاء ساعات الدوام، فالمحيطون بي لم يكن لديهم شغف بالسينما كشغفي وحبي لها. وقرأت عن الأفلام والكتب وبدأت اكتشف مخرجين وكتاباً وممثلين أيضاً، وأشاهد أفلاماً بدون أي خط محدد.
وفي الصف الثاني ثانوي كتبت مجلداً عن السينما وجمعت به المقالات التي كتبتها فقامت المدرسة بطباعته لي وتوزيعه على باقي المدارس ووصلني شكر من وزارة التربية والتعليم حيث اعتبروني مختلفاً بكوني طالباً وأصدر كتاباً عن السينما.
لماذا لم تتجه لدراسة السينما في الخارج؟
من شغفي بالسينما وحبي لها قررت دراستها ولكن الوضع المحيط بي لا يسمح، حيث لاقيت معارضة لطيفة من المحيطين بي بأنني اخترت المجال الخاطىء فالسينما ليس لها مجال في البحرين ولا توظيف أيضاً، ولكن حصلت على بعثة في البحرين لتفوقي في دراسة البنوك والمالية ومن ثم درست القانون.
من الذي شجعك للسينما؟
لم يشجعني أحد فكنت بمفردي .. ولكن في الوقت الحاضر وبعد مرور 17 سنة تقريباً اختلفت وجهات نظر أصدقائي وأهلي والمحيطين بي فصاروا دائماً معي ويدعمونني.
كيف كانت بداياتك في الكتابة؟
بدأت بكتابة أفلام قصيرة وعمري عشرون عاماً .. وعندما كتبت أول سيناريو لم أكن أكتب لأنني أردت الكتابة فقط ولم أنوِ تحويل السيناريو إلى فيلم ولكنني كتبت كي أدرب نفسي خصوصاً وأن كتابة السيناريو تحتاج وعي وثقافة، وكتبت سيناريو تحول فيما بعد لفيلم « بينهم» وكان مزيجاً من الغموض والإثارة والحبكة، حيث أن الأفلام غير المباشرة تستهويني.
ما أنواع الأفلام التي تفضلها؟
ليس هناك نوع محدد، فأنا أحب أن أرى مختلف الأنواع وحتى أنني أحب مشاهدة الأفلام التي بها أخطاء ولا تستهوي الكثيرين حتى أتعلم منها وأستفيد من أخطائهم حتى لا أكررها في أفلامي وأتحاشاها، والسينما لا بد أن أكون عارفاً بها وبتجاربتها وبعدها وفلسفتها، فكل مخرج له مدرسة مختلفة في الصناعة، وكل مخرج يؤسس سينما مختلفة عن الآخرين.
هل فكرت في التمثيل؟
لا، أبداً، لا أفكر في التمثيل فلا أحب أن أقف أمام الكاميرا وإنما أفضل أن أبقى خلفها، والسينما سرد لقصة أو حالة إنسانية وأفضل أن أبقى خلف الكاميرا فإذا كان لدي إحساس أسرد القصة بالإحساس الذي أشعر به وهدفي دائماً أن أكون خلف الكاميرا وأحاول أن أوصل مشاعر معينة للناس.
ما هي صعوبة إخراج فيلم روائي طويل في البحرين؟
لدينا صعوبات في البحرين في إنتاج الأفلام الطويلة، فنحن لا نملك شيئاً لإنتاج الأفلام الطويلة، فأعداد كتاب السيناريو للأفلام الطويلة محدود، والمخرجون والمنتجون أيضاً معدودون، عدا أنه ليس لدينا فنيون متخصصون ولاحتى تقنيات أو إستديوهات لها علاقة بتفاصيل صناعة فيلم سينمائي، بالإضافة إلى كوننا نفقتر للموارد المادية وتجار يستثمرون في السينما وجمهور أيضاً يشجع السينما المحلية، وكذلك الموزعون الذين يأخذون الفيلم ويوزعونه في الصالات غير موجودين، عداعن كون صالات السينما في البحرين محدودة جداً وأغلبها لأفلام هندية وأمريكية ومصرية.
ما هي مشاريعك للفترة المقبلة؟
الشجرة النائمة العمل عليه قائم إلى الآن وهناك مشاريع مبنية عليه ولا بد من إتمام توزيعه واحتمال أشياء أخرى لاتزال في إطار التفكير، ومشروعي القادم هو إعادة قراءة وبحثي في السينما وأبحث في الحياة وإذا وجدت قصة تستحق أن تكون فيلماً سينمائياً سأعمل بها.
من أين تستهويك القصص لكتابة الأفلام أو الروايات؟
من حولي استنبط الأفكار لكتابة الأفلام .. فعلى سبيل المثال فيلم كناري كنت في سوق المقاصيص وكان في سوق الحيوانات رجل أبكم يقاصص البائع على طير الكناري، فظللت أتأمل شخصاً لا يتكلم يريد أن يشتري طير كناري يغرد، وأحياناً أهلي وأصدقائي يسردون أمامي قصة من غير قصد فتكون تلك القصة فيلماً سينمائياً أو فيلماً قصيراً.
مالقصة التي تحاول أن تبرزها في فيلم الشجرة النائمة؟
الحالة النفسية التي يعاني منها الأهل ومعاناة الأهل مع الطفل المريض، وكذلك إحساسك كإنسان كيف تتعامل مع هذه المرحلة وما يسري في تفكير الأهل، فكثير من الناس سيشاهدون اليفلم وسيشعرون بهذه الحالة وتتعاطف معها وهذا الذي أريد أن أصل له.
من هم الممثلون العرب والأجانب الذي تفضلهم؟
لا أستطيع أن أسرد لك أسماء ممثلين فالكثير من الممثلين الذين عملت معهم مبدعون وبارعون .. وعملي مع جمعان الرويعي مفاجىء وصادم، فجمعان عاش شخصية «جاسم» كثيراً وتأقلم معها وشهر كامل إذا ناداه الناس بجاسم يلتفت فوراً فهو عاش الشخصية وحتى في أوقات الاستراحة كان يجلس بنفسه حتى لا يخرجه الناس من الجو الذي عاشه وأنا بصراحة قلقت عليه ولن أجعله يعيش هذه الشخصية مرة أخرى. والممثلون الأجانب الذين أحبهم كثيرون؛ منهم دانيال دي لوس وكل ممثل لابد أن تكتشف به جانباً مميزاً.
بعد 10 سنوات ماذا تطمح أن تحقق؟
أطمح أن أنجز فيلماً روائياً طويلاً آخر بوجود تلك الصعوبات في البحرين، وأن أواصل العمل على الأفلام القصيرة.
يذكر أن المخرج محمد راشد بوعلي من مواليد مدينة المنامة ونشأ في الحد، ويحمل بكالوريوس الحقوق من جامعة العلوم التطبيقية بالأردن، كما درس بالأكاديمية الآسيوية للأفلام في 2012، وملتقى برلين للمبدعين السينمائيين 2013، أخرج وأنتج عدداً من الأفلام الروائية القصيرة والوثائقية الحائزة على جوائز، كما فاز مشروع «استرجاع» والذي يعتبر المشاركة الأولى لمملكة البحرين بمهرجان البندقية لفن العمارة الدولي بجائزة «الأسد الذهبي» وكانت مشاركة بوعلي من خلال مجموعة أفلام وثائقية بعنوان (مقابلات البحر) 2010، كما حاز على جائزة الرواد المبدعين في مجال الإعلام من قبل المجلس الثقافي البريطاني 2012 وعلى جائزة الشيخ ناصر بن حمد للإبداع السينمائي 2013.