كتبت - شيخة العسم:
لا تكتمل فرحة العيد لدى البحرينين إلا عند تجمعهم في «البيت العود»، هكذا هي عاداتهم التي لا يمكن أن يتخلوا أو يستغنوا عنها منذ عشرات السنين، وعلى الرغم من انتشار المطاعم بصورة مبالغ فيها بالمملكة والأكلات المبتكرة واللذيذة إلا أنه يبقى «الغوزي « هو الطبق الأشهر على مائدة اللمة بهذا البيت الذي يشمل العائلة جميعها كبيرهم «الأجداد» وصغيرهم «الأحفاد».
وتتذكر خولة الدوسري أيامها منذ أن كانت صغيرة فتقول:» مازلت أتذكر أمي رحمها الله في يوم العيد وهي مشمرة ملابسها بعد أن تصلي العيد لتجلس وتحضر لنا غداء العيد فيزورنا أعمامي وعماتي كون أبي الأكبر، وكنت أعتذر عن مساعدتها لكوني متزينة بالكامل وأهرب لأذهب لصديقاتي وأعيد بالفريج، وتبقى طوال النهار تعد غداء العيد ورائحة طعامها تملأ الأرجاء، وتنهي الغداء لتذهب لتستحم مرة أخرى لتقدم غداءها لضيوفها فلا تأكل حتى يأكل الجميع، هكذا كانت أمي رحمها الله، وإلى اليوم نجتمع في بيت أخي الأكبر وهو «البيت العود» وأتمنى أن تكون عادة لا تنقطع».
وقال الحاج صالح رمضان: « لقد وصيت أبنائي على عدم قطع هذه العادة حتى بعد وفاتي وألزمتهم أن يأتوا كل عيد ليتغدوا في بيتي مع والدتهم أطال الله بعمرها « ، وأضاف « إن أبنائي لا يقطعونني والحمد لله ولكن من المستحيل أن يغيب أحدهم على سفرة يوم العيد فهذا له طعم آخر لا يشعر به من لم يعشه «.
وتقول الجدة ساجدة عبدالله: « أحفادي وأبنائي يجتمعون عندي من صباح العيد حتى بعد صلاة الظهر، ونقوم مباشرة بعدها بسكب أكل العيد وأنا عادة أطبخ كل عيد بمساعدة خادمتي وابنتي الكبرى إلا أنه هذه السنة وبسبب آلام ظهري سأوكل المهمة لابنتي وأنا سأشرف على طريقة التحضير، وبما أن اللمة تكون فيها جميع أفراد أسرتي فأقوم بشراء خمسة كيلو لحم وأضيف خمسة دجاجات كل عيد، وأمنع الأحفاد منعاً باتاً من الأكل في المطعم وألزمهم الأكل معنا بالسفرة «.
وكشفت حنان إبراهيم أنها اعتادت في جميع المناسبات خصوصاً الأعياد الاعتماد على المطاعم في المأكولات والمشروبات، فهي توفر كافة أنواع الأطعمة وبأسعار مختلفة، بما يتناسب ودخل جميع الأسرة، وتقول إن بيت العود، لابد أن يوفر «الغوزي» وإلا لن يكون غداء عيد، ولكن مؤخراً أقوم بإضافة أصناف أخرى كالباستا إلى جانب» الغوزي»، تلبية لمختلف الأذواق وخصوصاً الجيل الصغير».
من جانبه، قال حسين محمد إن أجمل الموائد التي تجتمع فيها العائلة مائدة يوم العيد ورمضان، وخصوصاً مع أجواء لم الشمل وصلة الرحم، وللعيد نكهة خاصة، وخطبت مؤخراً وألزمت خطيبتي على الجلوس معنا في السفرة، واليوم الثاني سنكون في بيت والدتها حتى لا يحصل الزعل لا سمح الله، كما أنني أتشوق لرؤية أبناء عمومتي الذين أصبحوا قلة ما نراهم وأنا لا أعاتب بل أتفهم المشاغل لهذا من المستحيل أن أفوت فرصة اللمة بالعيد «.
وأكد جمال الرويعي أن للمة العيد آثار إيجابية حيث أنها تحنن قلب الأخ على أخيه والأخت على أختها وهكذا، فلو كان هناك زعل أو عتب أو غيره نرى في العيد راحة ولمة تجعلنا ننسى ما حدث ونرجع كما كنا وهو من رحمة الله بنا بأن نصل رحمنا وهذا أفضل يوم ننسى فيه الزعل والعتب».
واعتبرت مها المضحكي أن العيد فرصة حقيقية للتجمع مع أهلنا مع أنهم قريبون جداً ، ف»البيت العود» بيت أبي رحمه الله ولكن يزورنا في غداء العيد بنات عماتي وأبناؤهم فقط من عيد لآخر فلا نراهم إلا في العيد فقط بسبب المشاغل إلا أن العيد يجمعنا حقيقة لنرى بعضنا بين هاتين الفترتين بالسنة في بيت والدي حتى يتعرف أبناؤنا على بعض».
وأوضحت سلوى صقر أنه ليس بالضرورة أن يكون «البيت العود هو بيت الجد «فنحن ليس لدينا بيت جد والتجمع في العيد يكون في بيت أختي الكبرى «أطال الله في عمرها»، وتطبخ لنا كل عيد بنفسها وأكلها شهي جداً، والتجمع يكون في منزلها كونها الكبرى، حتى أن خالاتنا الثلاث يأتين لنا في أول يوم عيد ونتذكر أيام زمان».
ونوه علي الجار بأن «لمة البيت العود فرصة لا أستطيع أن أعوضها أو أخسرها أبداً وحتى إن دعاني أصدقائي للخروج والغداء خارج المنزل بأول يوم أعتذر وأواعدهم ليلاً، فتجمع عماتي وأعمامي وأولادهم في بيت والدي كونه الأكبر هو حدث لا يتكرر إلا مرتين في السنة أو مناسبة مثل الزواج.
وهكذا اعتادت الأسر البحرينية على الالتفاف حول مائدة الطعام خلال أيام العيد، كما اعتادت على تناول أصناف تقليدية كل عام، ناهيك عن أن هذه اللمة لها خصوصية ومشاعر وأحاسيس جميلة تلزم الفرد بعدم التخلي عنها ويلزم نفسه هو بحضورها.