بغداد - (الجزيرة نت): مع تزايد الحديث في وسائل الإعلام الدولية عن تحول العراق إلى ممر وطريق مفتوح لإيصال الدعم والسلاح الروسي والإيراني لقوات الرئيس بشار الأسد، تُفضل الحكومية العراقية الصمت وعدم تأكيد أو نفي هذه الأخبار.
ومع تزايد الدور الروسي في سوريا تحولت أجواء العراق إلى ممر آمن للسلاح والعتاد الروسي القادم من إيران، ورغم عدم تأكيد العراق ذلك رسمياً فإن وزراء ونواباً رحبوا بذلك، ورأوه خطوة مهمة لمواجهة ما أسموه «الإرهاب» في سوريا.
وقد كشف مسؤول حكومي أن «رئيس الوزراء حيدر العبادي لم يتحدث كثيراً في الاجتماعات الحكومية بشأن اتهامات الولايات المتحدة للعراق بالسماح لروسيا بتقديم وإيصال الدعم العسكري للنظام السوري»، مشيراً إلى أن العبادي يُبرر ذلك بالحرب ضد الإرهاب ومجاميع المسلحين التي فتكت بالشعبين السوري والعراقي عبر التفجيرات والقتل والسيطرة على مناطق واسعة من أراضي الدولتين.
وأقرّ المسؤول -الذي اشترط عدم ذكر اسمه- بسماح العراق لروسيا وإيران باستخدام أجواء العراق لدعم الجيش السوري، مشدداً على أن هذا التحرك أمر منطقي ولا إشكال فيه، كون تلك الدول تُمثل جبهة مضادة لمحاربة الإرهاب.
وكشف مسؤول عراقي آخر، عن موافقة بلاده المبدئية على استخدام روسيا مجالها الجوي في نقل إمدادات إلى سوريا، مؤكداً أن هذا القرار «سيادي عراقي».
وتشير تقارير لصحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية إلى أن العراق أصبح جسراً جوياً بين إيران وسوريا وروسيا عبر طائرات الشحن الروسية من طراز «أنتونوف»، التي نقلت أكثر من دبابة حديثة إلى قاعدة جوية في سوريا.
من جانبه، أكد عضو البرلمان العراقي والتحالف الحاكم موفق الربيعي أن بلاده قد لا تعارض من ناحية المبدأ أي طلب روسي لاستخدام الأجواء العراقية، من أجل إيصال المساعدات إلى الجانب السوري، لدعمه في الحرب ضد تنظيم الدولة «داعش»، وأن القرار «شأن عراقي ولن يتأثر بأي موقف أمريكي».
وأضاف أنه لا مانع لدى العراق من استخدام الجانب الروسي أجواءه من حيث المبدأ، لدعم الشعب السوري في حربه ضد الإرهاب، وهذا يجعل العراق في موضع القوي بالمنطقة، حيث سيستطيع لاحقاً عبر ثقله السياسي التأثير على الحكومة السورية، في إجراء إصلاحات ديمقراطية في نظام الحكم، على حد قوله.
ولفت الربيعي إلى أن العراق يرتبط بالولايات المتحدة الأمريكية باتفاقية استراتيجية، وجزء منها يتعلق بمحاربة الإرهاب، مع حفظ كامل للسيادة واستقلال البلاد، وتعاون العراق مع أي دولة لمحاربة الإرهاب هو شأن عراقي خالص.
وشدد على أن العراق يعتمد في سياسته الإقليمية والدولية على مبدأ من يقف بالضد من الإرهاب، ومن يدعم الإرهاب، وأي علاقة تبنى على هذا المعيار، وروسيا إحدى الدول التي تحارب الإرهاب، وهي أيضاً دولة دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، وتقدم الدعم للحكومة السورية».
في المقابل، حذّر عضو الكتلة النيابية أحمد المشهداني من خطورة إقحام البلد في صراعات إقليمية وإدخاله طرفاً فيها، ومن تراجع سيادة العراق على أراضيه وأجوائه وافتقاده استقلال قراره السياسي، واشتراك قوى إقليمية ودولية في انتهاك سيادته في ضوء حالة الضعف الشديدة التي أصبحت عليها الدولة العراقية في ظل حكم الأحزاب الشيعية، على حد قوله.
ودعا المشهداني رئيس الحكومة إلى إجراء تحقيق فوري للتأكد من صحة المعلومات التي أفادت بقيام طائرات روسية محملة با?سلحة بعبور الأجواء العراقية وتقديم الدعم العسكري للنظام السوري، معتبراً ذلك انتهاكاً خطيراً للسيادة، ومجدداً رفض تحالف القوى العراقية لأن يكون العراق ممراً للاعتداء على أي دولة.
بدوره، أكد المحلل العسكري العراقي خالد سعدون أن فتح أجواء بلاده أمام الطائرات الروسية لنقل الأسلحة لنظام بشار الأسد، في وقت تمسّكت فيه عدّة دول بإقفال أجوائها أمام تلك الطائرات منعاً للتورّط في النزاع السوري، يعد رضوخاً صريحاً من حكومة بغداد لإملاءات طهران المتحالفة مع دمشق وموسكو.