عواصم - (وكالات): يلقي الرئيس الفلسطيني محمود عباس اليوم خطاباً في الأمم المتحدة أمام المجتمع الدولي، وسط أنباء تتحدث عن عزمه تفجير «قنبلة دبلوماسية»، تتأرجح بين عزمه تقديم استقالته وإعلان تقاعده، أو حل السلطة الفلسطينية، أو الإعلان عن وقف العمل في الاتفاقات المبرمة مع إسرائيل، خاصة «اتفاقية أوسلو»، طالما أن الأخيرة تنصلت من هذه الاتفاقات منذ عام 1999، في وقت يواجه الرئيس الفلسطيني مشكلات ضاغطة تقدمت على النزاع الفلسطيني الإسرائيلي وفي طليعتها الاضطرابات في المسجد الأقصى والتوتر في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ومشاعر الإحباط التي تسيطر على مواطنيه.
وأثارت تصريحات الرئيس الفلسطيني «80 عاماً» وتصرفاته مؤخراً تكهنات بإمكانية تقاعده أو إعلانه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة عن التخلي عن اتفاقات أوسلو للحكم الذاتي بين الفلسطينيين وإسرائيل وحل السلطة الفلسطينية. وقال مسؤول فلسطيني مقرب من الملف إن «محمود عباس سيقول للجميع إن الوضع الحالي لا يحتمل، وإن السلطة ليست إلا سلطة بالاسم بينما تقوم إسرائيل بتدمير أي فكرة لحل الدولتين».
وازدادت التوترات مؤخراً وصدم الفلسطينيون في 31 يوليو الماضي بعد استشهاد رضيع فلسطيني «18 شهراً» ووالديه بعد إضرام مستوطنين إسرائيليين النار في منزل عائلته في قرية فلسطينية شمال الضفة الغربية المحتلة. واستمرت المواجهات في المسجد الأقصى في القدس الشرقية المحتلة بينما يتحدث البعض عن إمكانية اندلاع انتفاضة ثالثة، خاصة مع تكريس الاحتلال الإسرائيلي للتقسيم الزماني للمسجد الأقصى.
وتبدو احتمالات التوصل إلى تسوية سلمية للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي أبعد من ذي قبل. ومازال الركود على حاله في قطاع غزة المدمر بعد عام على العدوان الإسرائيلي على القطاع، بينما أشار استطلاع رأي أجري مؤخراً أن 52% من السكان يرغبون بالمغادرة.
وتبدو الفجوة بين الشعب الفلسطيني وقيادته أكبر من أي وقت مضى بحسب خليل الشقاقي مدير المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية في رام الله.
وقال الشقاقي «للمرة الأولى، فإن الرأي العام يرغب بحل السلطة الفلسطينية التي أصبحت عبئاً عليهم بدلاً من أن تكون عوناً لهم».
وبحسب الشقاقي، فإن 57% من الفلسطينيين يدعمون اندلاع انتفاضة مسلحة وهي نسبة «مماثلة للنسبة التي تم تسجيلها قبل شهرين من اندلاع الانتفاضة الثانية» والتي انطلقت من المسجد الأقصى في سبتمبر 2000.
ويبدو أن 80% من الفلسطينيين مقتنعون بأن القضية الفلسطينية ليست على لائحة اهتمامات العرب. وقال الشقاقي إن هذا «الشعور بالتخلي عنهم» قوي جداً مثلما كان عليه في عام 1987 قبل الانتفاضة الأولى. أما محمود عباس، فإن غالبية الثلثين من الشعب الفلسطيني ترغب بمغادرته. وهناك انتقادات أيضاً بسبب مواصلة التنسيق الأمني مع إسرائيل الذي تقوم به السلطة الفلسطينية.
وأكدت الوثائق المسربة مؤخراً للفلسطينيين شكوكهم بفساد مسؤوليهم بالإضافة إلى استقالة نصف قيادة منظمة التحرير الفلسطينية مؤخراً ومن بينهم عباس، للدعوة إلى عقد المجلس الوطني الاستثنائي، وهو ما تم اعتباره «تلاعباً جديداً» من قبل الفلسطينيين، بحسب الشقاقي.
وكان عباس قبل توجهه إلى نيويورك التقى بنظرائه التركي والفرنسي والروسي في مسعى منه لإعادة التركيز على القضية الفلسطينية بينما تتوجه الجهود الدولية إلى محاربة تنظيم الدولة «داعش» الإرهابي ومأساة اللاجئين والنزاعات في العالم العربي.
ويرى كثير من المسؤولين الفلسطينيين أن إسرائيل أخلت باتفاقات أوسلو الموقعة في عام 1993 وأنها أصبحت حبراً على ورق.
وقال أستاذ العلوم السياسية جورج جقمان إنه بعد أكثر من 20 عاماً على توقيع الاتفاق، فإن «العملية السياسية فشلت» في نظر المسؤولين والرأي العام الفلسطيني.
وأضاف «لم يتصور الفلسطينيون بشكل عام أن اتفاقية أوسلو كانت تهدف في المقام الأول إلى إنشاء واقع وهو السلطة الفلسطينية للعمل بشكل دائم كبلدية لإدارة شؤون الفلسطينيين».
وأكد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صالح رأفت إن «ما يحمله الرئيس أبو مازن هو توجه فلسطيني بالإعلان عن وقف العمل في الاتفاقات المبرمة مع إسرائيل، طالما أن إسرائيل تنصلت من هذه الاتفاقات منذ عام 1999». وأعلن عباس مؤخراً عن «قنبلة» دبلوماسية في نيويورك.
ورأى الباحث يوسي ميكلبيرغ أنه لا يوجد أحد يرغب بحل السلطة الفلسطينية لأن ذلك سيؤدي إلى إعادة احتلال عسكري كامل للمدن الفلسطينية. بينما أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت سمير عوض «لا أعتقد أن الرئيس عباس سيحمل أي قنابل سياسية في الأمم المتحدة، وإنما أعتقد أن لديه شيئاً ليقوله عن دولة فلسطينية تحت الاحتلال وأن أوسلو لم تعد الطريق التي تؤدي إلى تحقيق السلام». من ناحية أخرى، أعرب أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات، عن خيبة أمله من إهمال الرئيس الأمريكي باراك أوباما الموضوع الفلسطيني في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة. وتساءل عريقات في بيان نشرته وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية «وفا» قائلاً «هل يعتقد الرئيس أوباما أن بإمكانه هزيمة «داعش» والإرهاب، أو تحقيق الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، بتجاهله لاستمرار الاحتلال والاستيطان، والاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة على المسجد الأقصى؟».
وكان أوباما قد ألقى أمس الأول خطاباً أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، تحدث خلاله عن الأزمة السورية وسبل حلها، وعن اتفاق النووي الإيراني الذي اعتبر تحقيقه إنجازاً، وعن الأزمة الأوكرانية، وعن محاربة الإرهاب وهزيمة «داعش»، والتعاون الدولي من أجل ذلك، متجاهلاً الحديث عن الملف الفلسطيني.