عواصم - (وكالات): طالبت المملكة العربية السعودية روسيا حليفة الرئيس بشار الأسد بوقف ضرباتها في سوريا، مشيرة إلى أنها أدت إلى سقوط ضحايا من المدنيين كما لم تستهدف مقاتلي تنظيم الدولة «داعش» الإرهابي، مشددة على أنه «لا يمكن لروسيا وإيران الحليفة الرئيسة الأخرى للأسد ادعاء محاربة إرهاب «داعش» وفي الوقت نفسه مساندة إرهاب النظام السوري». في الوقت ذاته، شنت موسكو أمس ضربات جديدة في سوريا مؤكدة أنها تسعى إلى ضرب «داعش»، بينما تركز قصفها على المجموعات المعارضة التي تهدد نظام الأسد حليفها. وفي تطور آخر، قالت مصادر لبنانية إن مئات من أفراد القوات الإيرانية وصلوا إلى سوريا في الأيام العشرة الأخيرة وسينضمون قريباً إلى هجوم بري كبير مع القوات الحكومية السورية ومقاتلي «حزب الله» الشيعي اللبناني تدعمهم الضربات الجوية الروسية، مشيرة إلى أن «عراقيين يشاركون أيضاً في العمليات».
وغداة الغارات الأولى للطيران الروسي يجتمع الأمريكيون والروس بشكل طارئ من أجل حد أدنى من التنسيق والحوار تجنباً لحوادث بين الطائرات المقاتلة.
وبات المجال الجوي السوري مكتظاً، بين المهام الجوية لدول التحالف بقيادة أمريكية وغارات الطيران السوري ومؤخراً سلاح الجو الروسي الذي نشر 50 طائرة ومروحية.
واستهدفت الغارات الروسية أمس مقرات لجيش الفتح في جسر الشغور وجبل الزاوية في ريف إدلب كما استهدفت أهدافاً للجماعات المسلحة بينها مقرات ومخازن أسلحة في قرية الحواش عند سفح جبل الزاوية بريف حماة الغربي وسط البلاد»، بحسب مصدر أمني سوري. ويضم «جيش الفتح» جبهة النصرة، فرع القاعدة في سوريا، ومجموعات متشددة على غرار «أحرار الشام». وتخوض المجموعة مواجهات مع قوات النظام السوري و»داعش».
وكان التحالف بين مجموعات جهادية وإسلامية وجه ضربات كبرى للجيش السوري في الربيع عند استيلائه على محافظة إدلب وهدد «المنطقة العلوية» على الساحل المتوسطي.
لكن السيناتور الأمريكي جون ماكين، أكد أن الغارات الروسية في سوريا استهدفت معارضين دربتهم ومولتهم وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية «سي آي ايه» لمحاربة «داعش» خصوصاً. وأعلنت مجموعة معارضة مدعومة من الولايات المتحدة هي «صقور الجبل» إنها تعرضت لصواريخ الطيران الروسي في محافظة إدلب. وقال قائد لواء صقور الجبل السوري المعارض حسن الحاج إن غارتين روسيتين استهدفتا معسكر تدريب تابعاً لهم.
وتلقى لواء صقور الجبل تدريباً عسكرياً أشرفت عليه المخابرات المركزية الأمريكية في قطر والسعودية. ويعتبر لواء صقور الجبل نفسه جزءاً من الجيش السوري الحر الذي شكله منشقون عن الجيش السوري بعد اندلاع الانتفاضة. وهذا هو الفصيل الثالث المنضوي تحت لواء الجيش السوري الحر الذي يعلن استهدافه في الغارات الجوية التي تشنها روسيا. وأعلن الجيش الروسي شن ضربات ليلية جديدة في سوريا على 4 مواقع لـ «داعش» في محافظات إدلب وحماه وحمص دمرت «مقر قيادة مجموعات إرهابية ومخزن أسلحة في منطقة إدلب» وكذلك مشغلاً لتفخيخ السيارات شمال حمص.
وأشارت مصادر أمنية وخبراء إلى أن الروس لم يستهدفوا أي موقع لـ «داعش»، لأن هؤلاء الجهاديين لا وجود لهم في إدلب، ونشاطهم لا يذكر في حماة. أما في حمص فهم في منطقة تدمر الصحراوية.
لكن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أكد أن روسيا تضرب أهدافاً في سوريا لـ «داعش» وجبهة النصرة وغيرها من المجموعات المتطرفة «تماماً كما يفعل» التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة.
وأضاف في مؤتمر صحافي «نحن متفقون مع التحالف في هذه النقطة».
ويشتبه الغربيون في سعي موسكو قبل أي شيء إلى تخفيف ضغط المعارضة عن المناطق الخاضعة للنظام غرب البلاد ووسطها.
لكن لافروف رفض هذه الاتهامات مؤكداً أن «الشائعات التي تفيد بأن أهداف هذه الضربات لم تكن تنظيم «داعش» عارية عن الصحة تماماً» مضيفاً أنه لم يتلق «أي معلومات» عن سقوط مدنيين جراء القصف.
إلا أن رئيس الائتلاف السوري المعارض خالد خوجا أفاد من نيويورك بأن 36 مدنياً قتلوا في ضربة جوية روسية في منطقة حمص.
ورد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قائلاً «في ما يتعلق بالمعلومات الصحافية التي أشارت إلى ضحايا في صفوف السكان المدنيين، نحن مستعدون لهذه الحرب الإعلامية» مؤكداً أن هذه الاتهامات أعدت حتى قبل أن تقلع الطائرات الروسية في الأجواء السورية.
وأوضح لافروف أنه أكد «بكل صدق» لنظيره الأمريكي جون كيري أن روسيا تتدخل بطلب من الرئاسة السورية ضد «»داعش» والجماعات الإرهابية الأخرى حصراً».
لكن الفارق في تصنيف «الإرهابيين» بين روسيا والغرب لايزال قائماً ومن المتوقع أن يستمر. فالأوروبيون والعرب والأمريكيون يميزون بين «داعش» وجبهة النصرة، ذراع تنظيم القاعدة في سوريا، والمعارضة السورية المعتدلة التي يدعمونها، فيما تعتبر موسكو أن كل مسلح معارض لنظام الرئيس السوري «إرهابي». وقال وزير الدفاع الأمريكي اشتون كارتر إن الغارات «حصلت على ما يبدو في مناطق لا توجد فيها على الأرجح قوات «داعش»» معتبراً أن الحملة الروسية «ستكون محكومة بالفشل» إذا ركزت على هدف واحد وهو الدفاع عن الأسد. غير أن كيري أبدى المزيد من المرونة مؤكداً أمام مجلس الأمن الدولي أن الولايات المتحدة لن تعارض الضربات الجوية الروسية في سوريا إذا كان الهدف «الحقيقي» منها هزيمة «داعش» والقاعدة. وطرحت روسيا مشروع قرار في الأمم المتحدة يعزز القتال ضد الجماعات الإرهابية مثل «داعش» بموافقة النظام السوري.
وذكر دبلوماسيون أن لافروف قدم نصاً من 5 صفحات إلى أعضاء المجلس الـ15 يدعو «جميع الدول إلى المشاركة بالقدر الممكن في هذه الجهود، وتنسيق جهودها بموافقة الدول»، وهو مشابه لنص قدمته موسكو سابقاً ورفضه الأمريكيون لاشتراطه «موافقة الدول». و»أشادت» دمشق بالتدخل الروسي الذي لقي كذلك دعم إيران والعراق اللذين قررا مؤخراً تحسين التعاون مع روسيا على مستوى مشاركة معلومات استخباراتية لمكافحة «داعش». من جانبه أكد المتحدث باسم الجيش الأمريكي في بغداد الكولونيل ستيف وورن أن الغارات الروسية في سوريا «لم تؤثر» على العمليات التي تنفذها الولايات المتحدة وحلفاؤها في هذا البلد. وفي تطور آخر، قال مصدران لبنانيان إن مئات من أفراد القوات الإيرانية وصلوا إلى سوريا في الأيام العشرة الأخيرة وسينضمون قريباً إلى هجوم بري كبير مع القوات الحكومية السورية ومقاتلي «حزب الله» اللبناني تدعمهم الضربات الجوية الروسية. وقال أحد المصادر «العمليات الجوية الروسية سوف تترافق مع تقدم للجيش السوري وحلفائه براً في القريب العاجل، ومن المحتمل أن تتركز العمليات البرية القادمة في ريف إدلب وريف حماة». وأضاف المصدر أن الجانب «الروسي سيقصف جواً ريف إدلب وريف حماة على أن تتقدم القوات البرية السورية وحلفاؤها». وذكر المصدران أن العملية ستستهدف استعادة السيطرة على الأراضي التي فقدها الجيش السوري ووقعت في قبضة المعارضة المسلحة. وتعتبر هذه العملية مؤشراً على تشكل تحالف عسكري بين روسيا والحلفاء الرئيسيين الآخرين للأسد مثل إيران و»حزب الله». ويقول المصدران إن العملية ستركز على استعادة السيطرة على مناطق شمال غرب سوريا سيطرت عليها المعارضة المسلحة حين حققت تقدماً سريعاً في وقت سابق من العام الحالي. وذكرت مصادر أن عراقيين أيضاً سيشاركون في العملية.
في السياق ذاته، أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن إسرائيل ستواصل العمل لمنع نقل الأسلحة إلى «حزب الله» من وعبر سوريا. من جانبها، طالبت السعودية روسيا بوقف ضرباتها في سوريا وقالت إنها أدت إلى سقوط ضحايا من المدنيين كما لم تستهدف مقاتلي «داعش» الذي تقول موسكو إنها تتصدى له. وفي كلمة ألقاها بمقر الأمم المتحدة في نيويورك قال مندوب السعودية في الأمم المتحدة عبد الله المعلمي إنه لا يمكن لروسيا وإيران الحليفة الرئيسية الأخرى للأسد ادعاء محاربة «إرهاب» تنظيم الدولة وفي الوقت نفسه مساندة «إرهاب» النظام السوري. وعبر عن «قلقه البالغ تجاه العمليات العسكرية التي قامت بها القوات الروسية في حماة وحمص وهي أماكن لا توجد فيها قوات «داعش» وخلفت هذه الهجمات العديد من الضحايا الأبرياء ونحن نطالب بوقفها الفوري وضمان عدم تكرارها».
وأضاف في تصريحات نشرتها قناة العربية التلفزيونية «إن الدول التي تدعي أنها قد جاءت مؤخراً للمشاركة في محاربة الإرهاب في «داعش» لا يمكن لها أن تفعل ذلك في الوقت نفسه التي تساند فيه إرهاب النظام وحلفائه من المقاتلين الإرهابيين الأجانب مثل «حزب الله» وفيلق القدس وغيرها من التنظيمات الإرهابية الطائفية».
من جهته، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أنه لا يمكن إرغام سوريا على الاختيار بين الأسد و»المجموعات الإرهابية» مثل «داعش». وأردوغان الذي طالما رفض فكرة التعاون مع الأسد لمحاربة «داعش»، كان يتحدث أمام البرلمان التركي غداة الغارات الجوية الروسية في سوريا دعماً لنظام الأسد.
وقال إنه «لا يمكن إرغام الشعب السوري على الاختيار بين نظام يرتكب مجازر بحقه ومنظمات إرهابية».
وأعرب وزير الخارجية التركي فريدون سينيرلي عن «قلقه الكبير» حيال الغارات الجوية الروسية في سوريا.