أكد صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء، أن تحديات التنمية التي تواجهها العديد من دول العالم تمثل تهديداً مباشراً للأمن والاستقرار الدوليين، ويحتاج التعامل معها إلى آليات طويلة المدى تضمن لها الديمومة، وتمكنها من الوفاء باحتياجات الشعوب في حياة أكثر تطوراً وازدهار. وشدد صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء، في رسالة وجهها إلى العالم بمناسبة اليوم العالمي للمستوطنات البشرية «الموئل» الذي يصادف يوم بعد غد «الاثنين»، ويقام هذا العام تحت شعار: «أماكن عامة للجميع»، على أهمية العمل على إيجاد المزيد من الأماكن العامة من خلال تشجيع الاستثمار والتنمية الاقتصادية والمحافظة على البيئة، بهدف تحسين البيئة المعيشية للمجتمع والارتقاء بمستوياتها، في إطار منظومة شاملة تضمن للبشر التمتع ببيئة نظيفة وصحية.
ودعا إلى أن تتوحد إرادة المجتمع الدولي حول تحقيق أهداف التنمية بمختلف أبعادها من أجل وضع الشعوب على طريق النهضة والتقدم، مؤكداً أن توجيه الموارد للتنمية والنهوض بالمجتمعات الفقيرة وعدم إهدارها في تمويل الصراعات والحروب والتدخلات في شؤون الغير، لهو كفيل بتجاوز التحديات وتحقيق الاستقرار العالمي الذي يسعى إليه الجميع. وشدد سموه على أن التنمية المستدامة يجب أن تكون منهج حياة، وأن ترتكز جهود تحقيقها على أسس متينة من التعاون الدولي، الذي يعزز من روح العمل الجماعي، بالشكل الذي يحقق المصالح المشتركة لمختلف دول وشعوب العالم.
ولفت سموه إلى أن بلوغ أهداف التنمية وجني ثمارها لا يمكن أن يتحقق بدون توفير مناخ من الأمن والاستقرار، يعزز من عمليات البناء ويحفز على الاستثمار في مشروعات تنموية تحقق تطلعات الأمم والشعوب في النماء.
وقال صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء إن مملكة البحرين تشارك دول العالم في جهودها نحو ترسيخ أسس تعاون دولي يحقق التنمية المستدامة بمختلف أبعادها، انطلاقا من إيمان المملكة بأهمية العمل الجماعي في صياغة مستقبل أفضل للبشرية. وأكد سموه أن مملكة البحرين بقيادة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة حققت منجزات تنموية تكافئ وربما تتفوق على مثيلاتها في الدول المتقدمة، وهو ما يتضح جلياً من خلال المستوى المتميز الذي تشهده مدن وقرى المملكة في قطاعات البنية التحتية والإسكان والتعليم والصحة وغيرها.
وأشاد سموه باختيار موضوع «أماكن عامة للجميع» كشعار لليوم العالمي للموئل لهذا العام، حيث تعتبر الأماكن العامة من الحدائق والأسواق وغيرها أحد أبرز مقومات التنمية الحضرية والبشرية التي استطاعت مملكة البحرين أن تحقق فيها نجاحات وثقتها التقارير المتخصصة في هذا المجال.
وعبر سموه عن اعتزازه بأن يتزامن الاحتفال بيوم الموئل هذا العام مع منح مملكة البحرين جائزة «تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في التنمية المستدامة»، (في إشارة إلى الجائزة التي نالها سموه مؤخراً من قبل الاتحاد الدولي للاتصالات)، مؤكداً سموه أن هذه الجائزة الدولية تشكل حافزاً للمضي قدماً في تكثيف جهود المملكة نحو المزيد من التقدم والنهوض بمستوى الخدمات.
وأشار سموه إلى أن الحكومة اهتمت بتوفير الأماكن العامة والترفيهية وتوسعت في إنشائها، من أجل إيجاد متنفس للمواطنين والمقيمين للترويح عن أنفسهم والاستمتاع بحياتهم، حتى وصل عدد الحدائق إلى 200 حديقة في جميع محافظات المملكة. وأكد صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء أن البحرين في مساعيها نحو التوسع في إقامة المواقع التنموية والترفيهية راعت أن يتم ذلك وفق معايير تراعي الجوانب البيئية والاجتماعية، وبما يتوافق مع الأهداف الإنمائية للألفية ويسهم في تلبية احتياجات المواطنين. ونوه سموه إلى أن المملكة اهتمت بضرورة أن يكون هناك توازن بين تحقيق طفرات نوعية في التنمية الحضرية والعمرانية لتلبية الاحتياجات المتزايدة للسكان من المرافق والخدمات من جهة، والحفاظ من جهة أخرى على تكريس مبدأ الاستدامة من أجل مستقبل تنعم فيه الأجيال القادمة بنصيبها من الموارد وديمومة الازدهار.
وقال سموه إن مملكة البحرين وفي إطار التزامها بالوفاء بتوصيات ومبادرات برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، بادرت من خلال برامج عمل الحكومة إلى تدشين العديد من المشروعات الحضرية التي تستهدف التوسع في البنية التحتية للطرق ومشروعات الحدائق وتطوير الأسواق وغيرها من المرافق العامة، وتطوير الاحياء القديمة بهدف الارتقاء بالوضع المعيشي للقاطنين فيها دون المساس بأصالتها وتاريخها المعبر عن حضارة البحرين وهويتها التاريخية.
وأشار سموه إلى أن سجل مملكة البحرين في مجال التنمية الحضرية والمستدامة حافل بإنجازات متعددة تدعو إلى الفخر والاعتزاز، ومنها اختيار مدينة المحرق لتدخل سجل المدن المتطورة في المنتدى الحضري العالمي في مدينة نابولي الايطالية في عام 2012 نتيجة استجابتها للمؤشرات الحضرية التي وضعها برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية.
وأعرب سموه عن اعتزازه باستضافة مملكة البحرين لمؤتمر (أجندة التنمية المستدامة العالمية ما بعد 2015 في الدول العربية) في ديسمبر المقبل، بعد النجاح الكبير الذي حققته في استضافة «(الدورة الثانية للمنتدى العربي رفيع المستوى للتنمية المستدامة) في مايو الماضي، وهو ما يؤكد حرص البحرين على دعم كل جهد مشترك يهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة. وأكد سموه أن استضافة مملكة البحرين لهذا المؤتمر الذي يعد أول مؤتمر إقليمي يعقد بعد اعتماد خطة التنمية المستدامة لما بعد 2015، يؤكد ريادة وتفوق البحرين في مجال التنمية المستدامة والسعي لتحقيق أهداف الألفية الإنمائية.
وأشار سموه إلى أن تطوير المدن وفق نسق مستدام يراعي كافة الجوانب البيئية والمعيشية يجعلها أكثر جاذبية للعيش والاستثمار معاً، موضحاً أن الاستراتيجية التنموية في مملكة البحرين حرصت على تكريس مبدأ الاستدامة كعنصر أساسي في إعداد وتنفيذ الخطط والبرامج التنموية المتكاملة للتحديث والتطوير وتوفير متطلبات الحياة العصرية لمواطنيها. وحيا سموه جهود منظمة الأمم المتحدة وبرامجها المتخصصة وكافة العاملين في برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية على جهودهم للنهوض بالمهام والرسالة السامية للبرنامج، والتي تهدف إلى دعم ومساندة الدول والشعوب لكي تكون أكثر إسهاماً في عملية التنمية الحضرية المستدامة بما يسهم في تحسين الأوضاع المعيشية للبشر في كل ربوع العالم.
وأعرب سموه عن تطلعه إلى تطوير الشراكة القائمة بين مملكة البحرين وبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، والتي كان لها بالغ الأثر في بلوغ مملكة البحرين أهداف الألفية الإنمائية التي أقرتها الأمم المتحدة، واستعدادها حالياً للأهداف الإنمائية لما بعد الألفية.
وأكد صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء أن حرص مملكة البحرين على تعزيز التعاون مع الأمم المتحدة وبرامجها المتخصصة ينطلق من إيمانها بأهمية الرسالة التي تقوم بها المنظمة الدولية في تعزيز التعاون الدولي، وتحفيز الجهود الإقليمية والدولية نحو تبني مبادرات تدعم السلام والاستقرار والتنمية.