القدس المحتلة - (أ ف ب): يثير إعلان الرئيس الفلسطيني محمود عباس أمام الأمم المتحدة عدم مواصلة الالتزام بالاتفاقيات مع إسرائيل إذا واصلت الأخيرة انتهاكها مخاوف من احتمالات خطرة، وتساؤلات حول عواقب ذلك.
وكان عباس بذلك يشير إلى اتفاقيات أوسلو للحكم الذاتي عام 1993 التي كان من المفترض أن تؤدي إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة عام 1999. وقال عباس الأربعاء الماضي في كلمته إن الفلسطينيين «لا يمكنهم الاستمرار بالاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل ما دامت مصرة على عدم الالتزام بها وترفض وقف الاستيطان والإفراج عن الأسرى». ودعا عباس تل أبيب إلى أن «تتحمل مسؤولياتها كافة كسلطة احتلال لأن الوضع القائم لا يمكن استمراره». وتساءل البعض عما إذا كانت تصريحاته «القنبلة» التي كان سيفجرها في الأمم المتحدة وتحدثت عنها وسائل الإعلام الفلسطينية بعد انسداد افق عملية السلام والمفاوضات المتعثرة.
كما أن البعض يتساءل عما إذا كان هذا التهديد، مثل غيره من تهديدات أطلقتها السلطة الفلسطينية ولم يتم تنفيذها خوفاً من العواقب التي قد تكون وخيمة.
وقال مصطفى البرغوثي،عضو القيادة «اتفاق أوسلو انتهى والاتفاقيات مع إسرائيل انتهت». بينما أكد أحمد المجدلاني عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير للإذاعة الرسمية أنه سيتم اتخاذ قرارات بهذا الشأن لدى عودة عباس من نيويورك. واعتبرت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني أن تصريحات عباس «سيناريو لما قد يحدث». وتأتي تصريحات موغيريني عقب اجتماع للرباعية الدولية لعملية السلام «الولايات المتحدة، والأمم المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي» مضيفة أن الرباعية قررت «إعادة إحياء أنشطتها».
وشددت على «الضرورة الملحة» للتصرف عقب التوترات الأخيرة في القدس الشرقية المحتلة ومحيط المسجد الأقصى، محذرة من إمكانية تصعيد واسع في القدس.
ودعت موغيريني إسرائيل إلى تنفيذ الاتفاقيات مع الفلسطينيين، كما طالبت هؤلاء بالعودة إلى «المفاوضات المباشرة».
ويأتي ذلك بينما يبدو الوضع قاتماً. فعملية السلام متوقفة منذ فشل وساطة أمريكية في ربيع 2014 وقطاع غزة قابل للانفجار والتوتر يتصاعد في الضفة الغربية.
وتحدث عباس في الأمم المتحدة عن مواصلة إسرائيل احتلالها للضفة الغربية والقدس الشرقية، وتواصل الاستيطان وحصار قطاع غزة الفقير بينما يقبع آلاف الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية. وقال عباس «ما دامت إسرائيل مصرة على عدم الالتزام بالاتفاقيات الموقعة معنا، والتي تحولنا إلى سلطة شكلية بدون سلطات حقيقية، وطالما أن إسرائيل ترفض وقف الاستيطان والإفراج عن الأسرى وفق الاتفاقات معها، فإنها لا تترك لنا خياراً سوى التأكيد على أننا لن نبقى الوحيدين ملتزمين في تنفيذ تلك الاتفاقيات». وكان بذلك يشير إلى اتفاقيات أوسلو للحكم الذاتي عام 1993 التي كان من المفترض أن تؤدي إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة عام 1999. من جهتها، أكدت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حنان عشراوي لفرانس برس «لا أعتقد أن إسرائيل يمكن أن تعيد احتلالها للضفة الغربية بشكل مباشر». وبحسب عشراوي، فإن إسرائيل «ستزيد حياة الشعب الفلسطيني صعوبة وستستخدم القوة كلما أرادت أن يحاسبها أحد». وأضافت «عملياً إسرائيل يومياً تقتل وتصادر أراضي وتواصل الاستيطان وتسرق المياه(...) وتمنع السلطة الفلسطينية من القيام بدورها وتقوم بفرض حقائق على الأرض».
بدوره، أكد المحلل السياسي عبد المجيد سويلم أن عباس «رفع الغطاء عن إسرائيل وعليها تحمل مسؤولياتها كسلطة احتلال». وأضاف أن خطاب عباس كان «شاملاً ومركباً ومتعدد الرسائل» موضحاً أن «فلسطين غير قادرة على الاستمرار في الاتفاقيات. فالعلاقة لم تعد تعاقدية بل نحن شعب تحت الاحتلال يحق له استخدام كل وسائل النضال المشرعة دولياً ضد الاحتلال». بينما وصفت حركة حماس في قطاع غزة خطاب عباس بـ «العاطفي» على لسان المتحدث باسمها سامي أبو زهري. وقال عدد من الخبراء إن تصريحات عباس ينقصها التحول إلى واقع ملموس.
واعتبر المحلل الإسرائيلي جوناثان راينهولد أن تصريحات عباس «قد تعني الكثير من الأشياء» من تعليق شكلي للاتفاقيات إلى الوقف التام للتنسيق الأمني والمدني والاقتصادي.
وحذر راينهولد من أنه عبر وقف التنسيق الأمني، فإن السلطة الفلسطينية «قد تسير على خطى غزة» ما سيؤدي إلى «فوضى».
وهددت السلطة الفلسطينية مراراً بوقف التنسيق الأمني مع إسرائيل، الأداة المهمة لتل أبيب في الضفة الغربية المحتلة، وتقول إنه يساعدها في إحباط عشرات الهجمات والحفاظ على استقرار الضفة الغربية. ولا يخاطر الفلسطينيون فقط عبر التخلي عن الاتفاقيات بإعادة احتلال كامل للضفة الغربية فحسب بل أيضاً بزعزعة استقرار مناطقهم. وكان المجلس المركزي الفلسطيني قرر في اجتماعه أوائل مارس الماضي وقف التنسيق الأمني بكافة أشكاله مع إسرائيل لكنه ما يزال مستمراً حتى الآن. وأضاف راينهولد أن عباس «سئم من قراءة عناوين الصحف حول إيران» ويسعى إلى حشد المجتمع الدولي حول القضية الفلسطينية بعد أن فقدت أهميتها.