موسكو تقصف مدنيين بحمص وحماة وآثاراً بإدلب
قصف روسي بريف اللاذقية وأنباء عن هجوم بري
روسيا تكذّب إعلام الأسد وتنفي شن غارات على «داعش» بتدمر
أنقرة تستدعي سفير موسكو للمرة الثانية احتجاجاً على اختراق مجالها الجوي
«الأطلسي»: انتهاك روسيا أجواء تركيا لم يكن عرضياً
متطوعون روس يستعدون للقتال في سوريا
مسؤولون عسكريون روس يزورون إسرائيل لإجراء مباحثات حول سوريا
عواصم - (وكالات): اتهم حلف شمال الأطلسي «الناتو» أمس روسيا بتعمد انتهاك المجال الجوي التركي خلال شنها ضربات في سوريا، متحدثاً عن «حشود كبيرة لقوات روسية بسوريا بينها قوات برية»، في حين حذر الرئيس رجب طيب أردوغان موسكو من خسارة صداقة بلاده بعد كشف أنقرة عن تعرض مقاتلاتها لمضايقة جديدة، اضطرت على إثرها أنقرة إلى استدعاء سفير موسكو في أنقرة للمرة الثانية على التوالي خلال 24 ساعة احتجاجاً على العمليات الروسية. وتزامن هذا التوتر مع شن روسيا للمرة الأولى منذ بدء عملياتها الجوية في سوريا ضربات استهدفت مدينة تدمر الأثرية ومحيطها وسط سوريا، الواقعة تحت سيطرة تنظيم الدولة «داعش» الإرهابي، بحسب الإعلام السوري الرسمي والمرصد السوري لحقوق الإنسان، لكن الجيش الروسي سرعان ما نفى الأمر. وتواصلت لليوم الرابع على التوالي غارات الطائرات الروسية على ريف اللاذقية مستهدفة قرى بها مدنيون ومقرات الفرقة الأولى الساحلية في جبلي الأكراد والتركمان، وسط أنباء عن احتمال شن هجوم كبير على المنطقة. واتهم الائتلاف الوطني السوري المعارض روسيا بقصف مناطق أثرية في بلدة سرجيلا في جبل الزاوية بإدلب شمال غرب البلاد بالتزامن مع قصفها المدنيين في حمص وحماة وسط البلاد، مشيراً إلى أن «الآثار تعود للحقبة السريانية قبل ألفي عام».
وتتجه موسكو للمزيد من التدخل العسكري بعد أن لمحت إلى من وصفتهم بـ«متطوعين» يستعدون للذهاب إلى سوريا للقتال في صفوف القوات النظامية.
وقال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ خلال مؤتمر صحافي في بروكسل أن تكرار روسيا خرق الأجواء التركية «ليس عرضياً. أنه انتهاك خطير» داعياً إلى «عدم تكرار الأمر». وأعلن الجيش التركي عن تعرض مقاتلات تركية من طراز اف 16 لـ «مضايقات» جديدة من طائرة ميغ 29 مجهولة الهوية أقدمت على تشغيل رادارها لتحديد هدفها استعداداً لإطلاق صاروخ لمدة «استمرت 4 دقائق و30 ثانية». وأضاف أن «مضايقة» أخرى طالت طائراته هذه المرة بصواريخ أرض جو نشرت على الأراضي السورية استمرت 4 دقائق و15 ثانية».
وشدد الرئيس التركي في تصريح من بلجيكا على أنه «لا يمكننا البقاء مكتوفي الأيدي والتغاضي عن ذلك»، محذراً أنه «إذا خسرت روسيا صديقاً مثل تركيا تتعاون معه في عدة مجالات، فإنها ستخسر الكثير. يجب أن تعلم روسيا ذلك». ويعد إعلان الجيش التركي الثالث من نوعه في غضون يومين، إذ أعلنت أنقرة اعتراض مقاتلات إف 16 تركية لطائرة حربية روسية انتهكت المجال الجوي التركي السبت الماضي عند الحدود السورية وأرغمتها على العودة. وأفادت بتعرض مطاردتين تركيتين «لمضايقة» من طائرات ميغ 29 مجهولة على الحدود السورية أيضاً.
وبحسب ستولتنبرغ، استمر هذان الحادثان «لفترة طويلة بالمقارنة مع الانتهاكات السابقة للمجال الجوي «من قبل روسيا» في مناطق أخرى في أوروبا» موضحاً «لهذا السبب نأخذ ذلك على محمل الجد الكبير».
وحاولت روسيا احتواء التوتر مع أنقرة وحلف شمال الأطلسي، وأقر المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية الجنرال ايغور كوناشنكوف بدخول «طائرة عسكرية روسية من نوع سوخوي 30 لبضع ثوانٍ إلى المجال الجوي التركي أثناء مناورة فيما كانت عائدة إلى مطارها»، لكنه برر الحادث بأنه «نتيجة أحوال جوية سيئة في هذه المنطقة ولا يتوجب النظر إليها بوصفها مؤامرة». وأعلنت وزارة الدفاع الروسية أنها قصفت 10 أهداف لـ «داعش» في سوريا، في محافظات دمشق وحمص وسط البلاد وإدلب شمال غرب سوريا.
ونقل التلفزيون السوري الرسمي عن مصدر عسكري أن «القوات الجوية لروسيا الاتحادية بالتعاون مع القوات الجوية السورية استهدفت أوكار تنظيم داعش في مدينة تدمر ومحيطها، ما أدى إلى تدمير 20 عربة مصفحة و3 مستودعات ذخيرة و3 منصات صواريخ».
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن إن «الطائرات الحربية الروسية شنت 30 غارة على تدمر، ما أدى إلى مقتل 15 عنصراً من التنظيم وإصابة العشرات». لكن المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية الجنرال ايغور كوناشنكوف صرح لاحقاً لوكالات الأنباء الروسية أن «كل معلومات وسائل الإعلام الأجنبية عن أن مقاتلات روسية شنت غارات جوية على مدينة تدمر عارية تماماً عن الصحة». وأضاف أن «سلاحنا الجوي في سوريا لا يستهدف المدن المأهولة، فكم بالأحرى إذا كانت تضم مواقع أثرية». وشنت الطائرات الروسية وفق المرصد، 4 غارات استهدفت محافظة الرقة، معقل التنظيم شمال سوريا، أدت إلى مقتل 4 من عناصر التنظيم. وفي محافظة حلب شمالاً، نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية عن مصدر عسكري أن الطائرات الروسية نفذت «سلسلة من الضربات الجوية الدقيقة على مجموعة أهداف لتنظيم داعش في منطقة دير حافر والباب»، أدت إلى تدمير مقر قيادي للتنظيم.
وتواصلت لليوم الرابع على التوالي غارات الطائرات الروسية على ريف اللاذقية مستهدفة قرى بها مدنيون ومقرات الفرقة الأولى الساحلية في جبلي الأكراد والتركمان، وسط أنباء عن احتمال شن هجوم كبير على المنطقة.
في موازاة ذلك، نقلت صحيفة الأخبار اللبنانية القريبة من دمشق عن «ضابط سوري رفيع» أن الضربات الحالية للطائرات الروسية «تستهدف نقاط ارتكاز المجموعات المسلحة التي تربط المحافظات، كتلبيسة والرستن التي تربط حمص بحماه وسط البلاد، واللطامنة وكفرزيتا وخان شيخون التي تربط حماه بإدلب شمال غرب البلاد، وجسر الشغور التي تربط اللاذقية بإدلب».
وأوضح مصدر عسكري سوري أن «العمليات الروسية لا تزال في مرحلتها الأولى ولن تقتصر على هذه المناطق» مضيفاً أنها «ستتوسع لتشمل مناطق أخرى في الأشهر المقبلة». واعتبر أنه من المبكر الحديث عن عملية عسكرية برية انطلاقاً من أن «المجال مفتوح اليوم أمام الضربات الجوية التي يشنها الطيران الروسي».
من ناحية أخرى، أعلنت موسكو أنها لا تعتزم إرسال قوات برية في سوريا، ولن تدعم أي متطوعين روس يرغبون في المشاركة في النزاع. وتأتي الضربات الروسية في وقت يشن فيه الائتلاف الدولي بقيادة أمريكية غارات جوية تستهدف منذ سبتمبر 2014 مواقع «داعش» في سوريا.
وحذرت الأمم المتحدة من أن ما تشهده الأجواء السورية من وجود لمقاتلات تابعة للائتلاف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة وأخرى تابعة لروسيا «يؤدي إلى وضع مليء بالمخاطر». وفي مؤشر على تعقيد الوضع الراهن، أكد الجيش الإسرائيلي انعقاد مباحثات بين مسؤولين روس وإسرائيليين في تل أبيب على مدى يومين بعد اتفاق الطرفين على آلية لتنسيق الأعمال العسكرية الثنائية بهدف تجنب أي احتكاك في سوريا.
ودخل النزاع المتشعب الأطراف في سوريا منعطفاً جديداً مع شن روسيا ضربات جوية، وبلغت حصيلة الحرب المستمرة منذ 2011 أكثر من 240 ألف قتيل.