الخليل - (الجزيرة نت): من حرق عائلة الدوابشة قبل نحو شهرين، وقبلها بعام إحراق الطفل المقدسي محمد أبو خضير، إلى الاقتحامات المتواصلة للمسجد الأقصى المبارك، يبرز دور المستوطنين الإسرائيليين في إطلاق شرارة المواجهة بين الشبان الفلسطينيين في الضفة الغربية من جهة، وجيش الاحتلال ومجموعات المستوطنين من جهة أخرى.
وأكثر ما يخشاه الفلسطينيون في الضفة الغربية، هو تشكيل أطر عسكرية منظمة للمستوطنين، تمكنهم من تنفيذ اعتداءات أكبر على الفلسطينيين، خاصة مع التباين الواضح في ميزان القوى بين مجموعات المستوطنين ومجموعات المقاومة الشعبية الفلسطينية. ويؤمن الفلسطينيون أن مجموعات المستوطنين في الضفة الغربية والقدس جزء من المؤسسة الإسرائيلية، ويشكلون رأس حربة في المجتمع الصهيوني لتنفيذ مشروع احتلالي، لكن دون ضوابط كتلك التي يمكن أن تسري على أي جيش نظامي. وفي ظل هذا الواقع، حذر متابعون وسياسيون من تنامي دور المستوطنين وعملهم ضمن تشكيلات منظمة، سواء في اقتحامهم للمسجد أو اعتداءاتهم على المواطنين في الضفة، مقابل شعب فلسطيني مزقته الفصائل والقوى ولا يملك استراتيجية واضحة لمواجهة هذا الخطر.
الخبير العسكري اللواء المتقاعد يوسف الشرقاوي، أكد أن المستوطنين يشكلون رأس الحربة في المجتمع الإسرائيلي وقيادته التي تستخدمهم بكثرة، خاصة أنه يسهل التنصل من جرائمهم تحت الضغط السياسي، مضيفاً أن هدفهم النهائي هو كسر إرادة الشعب الفلسطيني. وانتقد اقتصار الموقف الفلسطيني في ظل التوتر القائم على الخطابات، معتبراً أن الشعب تجاوز القيادة وقد يصل إلى مرحلة من الانفجار لا يمكن إيقافها. وعبر الخبير العسكري عن خشيته من قمع أي انتفاضة قد تنطلق شرارتها، وبالتالي ارتداد المأساة مضاعفة على الشعب الفلسطيني ومصالحه.
ودعا الشرقاوي إلى ضرورة تشكيل خطاب فلسطيني واضح، وخطة عمل تجنب الشعب الفلسطيني ويلات الاحتلال، وخطورة تشكيل جيش جديد من المستوطنين.
أما الوزير السابق في حكومة «حماس» وصفي قبها، فعبر عن خشيته من تحريك الاحتلال مستوطنيه لتصعيد هجماتهم ضمن خطة، «لتبدو المعركة وكأنها بين الفلسطينيين والمستوطنين، و»يبدو» جيش الاحتلال كالمخلص وكمن يفض الاشتباك».
وأضاف أن المستوطنين يقومون بجرائمهم على مرأى ومسمع وبمؤازرة من جيش الاحتلال، وبالتالي إشغال الشعب الفلسطيني عن همومه الكبرى وحلم التحرر.
بدوره، أكد الناشط في منظمة «بتسيلم»، رائد أبو رميلة، أن سكان البلدة القديمة في الخليل لا يملكون سوى التمسك بأراضيهم ومنازلهم رغم محاولات التهجير وإغراءات البيع، في ظل عدم وجود أي دعم من السلطة الفلسطينية.
وأضاف أبو رميلة أن المستوطنين والجيش نفذا معاً منذ أيام حملة لطرد عدد من التجار في محيط المسجد الإبراهيمي، كما حاولوا إخلاء المحكمة الشرعية.
من جانبه أوضح الناشط ضد الاستيطان في منطقة رام الله عبد الله أبو رحمة، أن المطلوب -وبشكل فوري- مواجهة المستوطنين «بصورة قوية ورادعة»، مرجحاً أن تكون المرحلة القادمة صعبة جداً «وقد نشهد أياماً سوداء ومجازر واعتداءات تفوق التوقع». وطالب أبو رحمة -الذي خاض مع نشطاء آخرين معركة طويلة انتهت بتحرير أراضي بلدة بلعين من الجدار- بهبة قوية «نلقن هؤلاء المتغطرسين درساً بعد أن تجاوزوا كل الخطوط الحمر». ورغم عدم رضاه عن الوضع الفلسطيني الداخلي، أبدى أبو رحمة تفاؤله بإمكانية ترتيب الوضع الفلسطيني، داعياً لتطوير خطة واضحة ضمن برنامج نضالي واضح للدفاع عن أهالي الضفة، وتجنباً للفوضى والخسائر غير المبررة.